أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

5009 - لبس الخلخال للمرأة

31-03-2012 45295 مشاهدة
 السؤال :
هل يجوز شرعاً للمرأة أن تلبس الخلخال وتخرج فيه خارج بيتها؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 5009
 2012-03-31

الجواب: الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: الأصلُ في التَّزيُّنِ الاستحبابُ، لقوله تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ}.

ولِما روى الإمام أحمد عَنْ أَبي رَجَاءٍ الْعُطَارِدِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قال: (خَرَجَ عَلَيْنَا عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ وَعَلَيْهِ مِطْرَفٌ مِنْ خَزٍّ لَمْ نَرَهُ عَلَيْهِ قَبْلَ ذَلِكَ وَلا بَعْدَهُ، فَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: مَنْ أَنْعَمَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ نِعْمَةً، فَإِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يُحِبُّ أَنْ يُرَى أَثَرُ نِعْمَتِهِ عَلَى خَلْقِهِ، وَقَالَ رَوْحٌ بِبَغْدَادَ: يُحِبُّ أَنْ يَرَى أَثَرَ نِعْمَتِهِ عَلَى عَبْدِهِ).

ويقول أبو العالية: كانَ المسلمونَ إذا تَزَاوَرُوا تَجَمَّلُوا.

وروى مكحول عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنها قَالَتْ: (كَانَ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَنْتَظِرُونَهُ عَلَى البَابِ، فَخَرَجَ يُرِيدُهُمْ وَفِي الدَّارِ رَكْوَةٌ فِيهَا مَاءٌ، فَجَعَلَ يَنْظُرُ فِي المَاءِ وَيُسَوِّي لِحْيَتَهُ وَشَعْرَهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَأَنْتَ تَفْعَلُ هَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ، إِذَا خَرَجَ الرَّجُلُ إِلَى إِخْوَانِهِ فَلْيُهَيِّئْ مِنْ نَفْسِهِ فَإِنَّ اللهَ جَمِيلٌ يُحِبُّ الجَمَالَ).

ثانياً: أجمع الفقهاء على جواز اتِّخاذ المرأة أنواع حُلِيِّ الذهب والفضة جميعاً كالطَّوقِ، والعقدِ، والخاتمِ، والسوارِ، والخلخالِ، وكل ما يَعْتَدْنَ لبسه ولم يبلغ حدَّ الإسراف والتَّشبُّه بالرجال.

وإذا اتَّخذت المرأة خلاخل كثيرة للمغايرة في اللباس جاز، لأنَّه يجوز اتَّخاذ ما جرت عادتهنَّ بلبسِهِ، لإطلاق قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (أُحِلَّ الذَّهَبُ وَالحَرِيرُ لِلإِنَاثِ مِنْ أُمَّتِي وَحُرِّمَ عَلَى ذُكُورِهَا) رواه الإمام أحمد عَنْ أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

ثالثاً: يجب على المسلم كما يجب على المسلمة ألا يَقصِدَ بالتَّزيُّن التَّكبُّر ولا الخيلاء، لأنَّ قصدَ ذلك حرام.

يقول ابن عابدين في حاشيته ما نَصَّهُ: (اعْلَمْ أَنَّهُ لا تَلازُمَ بَيْنَ قَصْدِ الجَمَالِ وَقَصْدِ الزِّينَةِ.

فَالقَصْدُ الأَوَّلُ لِدَفْعِ الشَّيْنِ، وَإِقَامَةِ مَا بِهِ الوَقَارُ، وَإِظْهَارِ النِّعْمَةِ شُكْرًا لا فَخْرًا، وَهُوَ أَثَرُ أَدَبِ النَّفْسِ وَشَهَامَتِهَا.

وَالثَّانِي أَثَرُ ضَعْفِهَا، وَقَالُوا بِالْخِضَابِ، وَرَدَّتْ السُّنَّةُ وَلَمْ يَكُنْ لِقَصْدِ الزِّينَةِ، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ إنْ حَصَلَتْ زِينَةٌ فَقَدْ حَصَلَتْ فِي ضِمْنِ قَصْدٍ مَطْلُوبٍ فَلا يَضُرُّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ مُلْتَفَتًا إلَيْهِ، فَتْحٌ، وَلِهَذَا قَالَ فِي الوَلْوَالِجيَّةِ: لُبْسُ الثِّيَابِ الجَمِيلَةِ مُبَاحٌ إذَا كَانَ لا يَتَكَبَّرُ؛ لأَنَّ التَّكَبُّرَ حَرَامٌ، وَتَفْسِيرُهُ أَنْ يَكُونَ مَعَهَا كَمَا كَانَ قَبْلَهَا) اهـ .

رابعاً: اتَّفق الفقهاء على لا يجوز للمرأة أن تأتي من الأعمال ما يُلفتُ النظر إليها ويترتب عليه الافتتان بها، قال تعالى: {وَلاَ يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ}. حيث كانت المرأة تمشي في الطريق وفي رِجْلِهَا خلخال صامت لا يُعلمُ صوته، فإذا مرَّ بها الرجال ضربت الأرض برجلها ليسمع الرجال طَنينَهُ، فنهى اللهُ سبحانه وتعالى النساءَ عن ذلك.

وبناء على ذلك:

 فلا حرج من لبس الخلخال للمرأة، بشرط ستره خارج البيت، وأمام الرجال الأجانب، وأن تقصد به التزيُّن لا التكبُّر والخُيَلاء والمباهاة والاستعلاء، وإذا مشت به في الطريق يجب أن لا يُسمعَ صوتُهُ. هذا، والله تعالى أعلم.  

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
45295 مشاهدة