أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

6112 - لئن حاسبني على ذنبي لأحاسبنه على كرمه

27-01-2014 18525 مشاهدة
 السؤال :
هل صحيح بأن النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ سمع أعرابيا يقول: لئن حاسبني على ذنبي لأحاسبنه على عفوه، فأقره النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 6112
 2014-01-27

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فقد تَناقَلَ كَثيرٌ من المُسلِمينَ هذهِ القِصَّةَ المُفتَراةَ، بأنَّ رَسولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كانَ يَطوفُ حَولَ الكَعبَةِ، فإذا بأعرَابِيٍّ يَطوفُ، ويَقولُ في طَوافِهِ: لَئِن حَاسَبَنِي رَبِّي على بُخلِي لَأُحَاسِبَنَّهُ على كَرَمِهِ، ولَئِن حَاسَبَنِي على ذُنوبِي لَأُحَاسِبَنَّهُ على عَفوِهِ، ولَئِن حَاسَبَنِي على خَطَايايَ لَأُحَاسِبَنَّهُ على رَحمَتِهِ، فقالَ لهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: أوحى اللهُ إلَيَّ أن لا تُحَاسِبْنا ولا نُحَاسِبْكَ.

والوَاجِبُ على المُسلِمِ قَبلَ نَقْلِ أيِّ كَلامٍ أن يَتَثَبَّتَ من صِحَّتِهِ، وإلا اندَرَجَ تَحتَ قَولِ سَيِّدِنا رَسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «كَفَى بِالْمَرْءِ كَذِباً أَنْ يُحَدِّثَ بِكُلِّ مَا سَمِعَ» رواه الإمام مسلم عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ.

وإذا كانَ النَّقْلُ عن سَيِّدِنا رَسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فقد يَندَرِجُ تَحتَ قَولِ سَيِّدِنا رَسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِن النَّارِ» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ. هذا أولاً.

ثانياً: الوَاجِبُ على العَبدِ إذا أذنَبَ أن يَتوبَ ويَرجِعَ إلى الله تعالى، وأن يَتَعَلَّمَ أدَبَ الدُّعاءِ من سَيِّدِنا آدَمَ عَلَيهِ السَّلامُ الذي ذَكَرَهُ رَبُّنا عزَّ وجلَّ بِقَولِهِ حينَ تابَ: ﴿قَالا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِين﴾.

ثالثاً: عَلَّمَنا سَيِّدُنا رَسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أدَبَ الدُّعاءِ من خِلالِ حَديثِ سَيِّدِ الاستِغفارِ.

روى الإمام البخاري عَنْ شَدَّادِ بْنِ أَوْسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «سَيِّدُ الِاسْتِغْفَارِ أَنْ تَقُولَ: اللَّهُمَّ أَنْتَ رَبِّي لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ، وَأَنَا عَلَى عَهْدِكَ وَوَعْدِكَ مَا اسْتَطَعْتُ، أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا صَنَعْتُ، أَبُوءُ لَكَ بِنِعْمَتِكَ عَلَيَّ، وَأَبُوءُ لَكَ بِذَنْبِي، فَاغْفِرْ لِي، فَإِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ».

قَالَ: «وَمَنْ قَالَهَا مِن النَّهَارِ مُوقِناً بِهَا فَمَاتَ مِنْ يَوْمِهِ قَبْلَ أَنْ يُمْسِيَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَمَنْ قَالَهَا مِن اللَّيْلِ وَهُوَ مُوقِنٌ بِهَا فَمَاتَ قَبْلَ أَنْ يُصْبِحَ فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ».

وبناء على ذلك:

فالقِصَّةُ كَذِبٌ وافتِراءٌ، وتَحرُمُ رِوايَتُها عن سَيِّدِنا رَسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
18525 مشاهدة