أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

5076 - حكم عمل المرأة

21-04-2012 45981 مشاهدة
 السؤال :
ما حكم خروج المرأة للعمل، وخاصة إذا كانت تختلط بالرجال؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 5076
 2012-04-21

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: جَعَلَ اللهُ تعالى الرجلَ مُكَمِّلاً للمرأةِ، والمرأةَ مُكَمِّلَةً للرجلِ، وجَعَلَ لِكلِّ واحدٍ منهما مُهِمَّةً نحوَ الآخر، ومُهِمَّةُ المرأةِ تَأمينُ السَّكَنِ لِزوجها وتَربيةُ أولادها، لذلك أَوجَبَ عليها القرارَ في بيتها فقال تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ}.

فإذا خرجت المرأةُ من بيتها مُدَّةً طويلةً ضَيَّعت وَظيفَتَها الأصليَّةَ نحوَ زوجها وأبنائها، وفي ذلك خسارةٌ، لا للأسرةِ فقط، بل لِلمجتمعِ كلِّه.

ثانياً: لقد كَرَّمَ اللهُ تعالى المرأةَ أيَّما تكريمٍ، فأَوجَبَ النَّفقةَ لها على أبيها عندما كانت بنتاً، وأوجبها على زوجها عندما كانت زوجةً، وأوجبها على أولادها عندما كانت أمَّاً، وأوجبها على وليِّ الأمرِ إن لم يكن لها معيلٌ.

ثالثاً: إذا اضطُرَّت المرأةُ للخروجِ من أجلِ العملِ، فلتذكُر قِصَّةَ بِنتَي سيدنا شعيب عليه السلام عندما سَأَلَهُما سيدنا موسى عليه السلام: {مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لاَ نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِير}. يعني ما خرجتا إلا لِفقْدِ المُعيلِ، ولم تَختَلِطا بالرجالِ أثناءَ العملِ.

رابعاً: خُروجُ المرأةِ من بيتها لِلعملِ قد يُعَرِّضُها للمُخالفاتِ الشَّرعيَّةِ، ومن هذه المخالفاتِ:

1ـ الخلوةُ بالرجالِ، وهي مُحرَّمَةٌ شرعاً، لقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (لا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلا وَمَعَهَا ذُو مَحْرَمٍ) رواه الإمامان البخاري ومسلم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ. ولقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَرَأَيْتَ الحَمْوَ؟ قَالَ: الحَمْوُ المَوْتُ) رواه الإمامان البخاري ومسلم عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ. ولقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (إِيَّاكُمْ وَالخَلْوَةَ بِالنِّسَاءِ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا خَلا رَجُلٌ وَامْرَأَةٌ إِلا دَخَلَ الشَّيْطَانُ بَيْنَهُمَا، وَلَيَزْحَمُ رَجُلٌ خِنْزِيرًا مُتَلَطِّخًا بِطِينٍ أَوْ حَمْأَةٍ، خَيْرٌ لَهُ مِنْ أَنْ يَزْحَمَ مَنْكِبُهُ مَنْكِبَ امْرَأَةٍ لا تَحِلُّ لَهُ) رواه الطبراني في الكبير عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

2ـ النَّظرُ إلى الرجالِ، ونظرُ الرجالِ إليها، قال تعالى: {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ}. وقال تعالى: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ}. وقال صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (إِنَّ اللهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَى، أَدْرَكَ ذَلِكَ لا مَحَالَةَ، فَزِنَا العَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانِ المَنْطِقُ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي، وَالفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَيُكَذِّبُهُ) رواه الإمامان البخاري ومسلم عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

3ـ الخُضوعُ بالقولِ، واللهُ تعالى نَهَى عنه بقولهِ: {فَلاَ تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفًا}.

وبناء على ذلك:

 فَيَجِبُ على المرأةِ أن تَقومَ بما كُلِّفَت به شرعاً، من تَأمينِ السَّكَنِ للزوجِ، وحُسْنِ التَّربيةِ للأبناءِ، فإذا احتاجَها المجتمعُ لِعملٍ (ما)، أو احتاجَت هي لِعملٍ (ما)، فلتَخرُج لِلعملِ مع الضَّوابِط الشَّرعيَّةِ، ولتكن على حَذَرٍ من الوُقُوعِ في المخالفاتِ الشَّرعيَّةِ التي ذَكَرنَا شيئاً منها، فإن لم تستطعْ على ذلك فلتُرَجِّحْ جانبَ الدينِ على الدنيا، ولتذكر حديثَ الحبيبِ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (مَنْ أَحَبَّ دُنْيَاهُ أَضَرَّ بِآخِرَتِهِ، وَمَنْ أَحَبَّ آخِرَتَهُ أَضَرَّ بِدُنْيَاهُ، فَآثِرُوا مَا يَبْقَى عَلَى مَا يَفْنَى) رواه الإمام أحمد والحاكم عَن أَبِي مُوسَى الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

ولتذكر حديثَ سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (مَا تَرَكْتُ بَعْدِي فِتْنَةً أَضَرَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ النِّسَاءِ) رواه الإمامان البخاري ومسلم عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، فلا تَكُنْ سَبَباً لِفتنةِ الرجالِ، ولا تُعرِّض نفسها للفتنةِ. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
45981 مشاهدة