أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

8029 - الحجاب للحرائر والإماء

10-05-2017 1411 مشاهدة
 السؤال :
لماذا فرق الشرع بين الحرائر والإماء في الحجاب، فأوجب على الحرة الستر كاملاً، وأباح للأمة أن تكشف عن وجهها وكفيها؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8029
 2017-05-10

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ المُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللهُ غَفُورَاً رَحِيمَاً﴾. وَالجِلْبَابُ هُوَ كُلُّ ثَوْبٍ يَسْتُرُ جَمِيعَ بَدَنِ المَرْأَةِ مِنْ كِسَاءٍ وَغَيْرِهِ.

قَالَ الْوَاحِدِيُّ: قَالَ المُفَسِّرُونَ: يُغَطِّينَ وُجُوهَهُنَّ وَرُؤُوسَهُنَّ إِلَّا عَيْنَاً وَاحِدَةً، فَيُعْلَمُ أَنَّهُنَّ حَرَائِرُ. اهـ.

فَكَانَ الفَارِقُ بَيْنَ الحَرَائِرِ وَالإِمَاءِ سَتْرَ الوَجْهِ وَكَشْفَهُ، وَهَذَا التَّفْرِيقُ بَيْنَ الحَرَائِرِ وَالإِمَاءِ في اللِّبَاسِ كَانَ رِفْقَاً بِالإِمَاءِ لِمَا يَعْمَلْنَهُ مِنَ الخِدْمَةِ، وَمَعَاذَ اللهِ تعالى أَنْ يُرَادَ بِذَلِكَ إِبَاحَةُ الإِمَاءِ للفُسَّاقِ، وَلَا إِبَاحَةُ النَّظَرِ إلى مَفَاتِنِهِنَّ إِنْ خُشِيَ الافْتِتَانُ بِهِنَّ، بَلْ يَجِبُ غَضُّ البَصَرِ عَمَّنْ تُخْشَى الفِتْنَةُ مِنْهُنَّ.

بَلْ يَجِبُ عَلَى وَلِيِّ الأَمْرِ مَنْعُ الفُسَّاقِ مِنَ الاعْتِدَاءِ عَلَيْهِنَّ، لِأَنَّ اللهَ تعالى أَوْجَبَ قَمْعَ مَرَضِ القُلُوبِ، قَالَ تعالى: ﴿لَئِنْ لَمْ يَنْتَهِ المُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالمُرْجِفُونَ فِي المَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلَاً * مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلَاً * سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلَاً﴾.

وبناء على ذلك:

فَقَدْ فَرَّقَ الشَّرْعُ بَيْنَ حِجَابِ المَرْأَةِ الحُرَّةِ وَالأَمَةِ، فَأَلْزَمَ الحُرَّةَ بِالسَّتْرِ الكَامِلِ، وَأَبَاحَ للأَمَةِ كَشْفَ الوَجْهِ وَالكَفَّيْنِ تَيْسِيرَاً لَهَا مِنْ أَجْلِ الخِدْمَةِ.

وَلَيْسَ المُرَادُ مِنْ ذَلِكَ ـ حَاشَا للهِ تعالى ـ أَنَّهُ يُجِيزُ للفُسَّاقِ إِيذَاءِ الإِمَاءِ دُونَ الحَرَائِرِ، لِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ التَّعَرُّضُ للنِّسَاءِ سَوَاءٌ مِنَ الإِمَاءِ أَو الحَرَائِرِ، وَمَن تَعَرَّضَ لَهُنَّ كَانَ مَرِيضَ القَلْبِ، قَالَ تعالى: ﴿فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ﴾.

فَلَا إِشْكَالَ في أَمْرِ الحَرَائِرِ بِمُخَالَفَةِ زِيِّ الإِمَاءِ لِيَهَابَهُنَّ الفُسَّاقُ، مَعَ العِلْمِ بِأَنَّ دَفْعَ ضَرَرِ الفُسَّاقِ عَنِ الإِمَاءِ لَازِمٌ شَرْعَاً، وَوَاجِبٌ عَلَى الإِمَامِ.

وَللهِ الحَمْدُ اليَوْمَ انْتَهَتْ مَسْأَلَةُ الإِمَاءِ، فَلَمْ يَبْقَ إِلَّا الحَرَائِرُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّوَاتِي يَجِبُ عَلَيْهِنَّ السَّتْرُ كَامِلَاً خَشْيَةً مِنَ الفُسَّاقِ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
1411 مشاهدة