أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

7818 - مآل العاصي في الآخرة

21-01-2017 2153 مشاهدة
 السؤال :
إذا كان الإنسان المؤمن مرتكباً للكبائر كلها والعياذ بالله تعالى، ومـقصراً في الفرائض والواجبات، فما هو مآله يوم القيامة؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 7818
 2017-01-21

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَالمُؤْمِنُ قَدْ يَمُوتُ على تَوْبَةٍ، أَو قَدْ يَمُوتُ على غَيْرِ تَوْبَةٍ، فَمَنْ مَاتَ على تَوْبَةٍ صَادِقَةٍ نَصُوحٍ مُحَقِّقَاً لِشُرُوطِهَا، فَهُوَ مُنْدَرِجٌ إِنْ شَاءَ اللهُ تعالى تَحْتَ قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَى﴾. وَتَحْتَ قَوْلِهِ تعالى: ﴿إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلَاً صَالِحَاً فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُورَاً رَحِيمَاً﴾. وَتَحْتَ قَوْلِهِ تعالى: ﴿قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعَاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ﴾.

وَتَحْتَ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «المُؤْمِنُ وَاهٍ رَاقِعٌ، فَسَعِيدٌ مَنْ هَلَكَ عَلَى رَقَعِهِ» رواه البزار عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَأَمَّا مَنْ مَاتَ مِنَ المُؤْمِنِينَ بِدُونِ تَوْبَةٍ، وَكَانَ مِنَ العُصَاةِ، فَهُوَ وَاحِدٌ مِنْ ثَلَاثَةٍ:

الأَوَّلُ: حَسَنَاتُهُ أَكْثَرُ مِنْ سَيِّئَاتِهِ، وَلَمْ يَكُنْ مُجَاهِرَاً بِهَا، فَهُوَ بِإِذْنِ اللهِ تعالى مُنْدَرِجٌ تَحْتَ قَوْلِهِ تعالى: ﴿فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ فَأُولَئِكَ هُمُ المُفْلِحُونَ﴾. وَتَحْتَ قَوْلِهِ تعالى: ﴿فَأَمَّا مَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُهُ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ﴾.

وَتَحْتَ قَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا آخِذٌ بِيَدِهِ، إِذْ عَرَضَ رَجُلٌ، فَقَالَ: كَيْفَ سَمِعْتَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ فِي النَّجْوَى؟ فَقَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ اللهَ يُدْنِي المُؤْمِنَ، فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ وَيَسْتُرُهُ، فَيَقُولُ: أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا، أَتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا؟

فَيَقُولُ: نَعَمْ أَيْ رَبِّ؛ حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ، وَرَأَى فِي نَفْسِهِ أَنَّهُ هَلَكَ، قَالَ: سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَأَنَا أَغْفِرُهَا لَكَ اليَوْمَ؛ فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ» رواه الإمام البخاري عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

الثَّانِي: تَسَاوَتْ حَسَنَاتُهُ مَعَ سَيِّئَاتِهِ، وَلَمْ يَكُنْ مُجَاهِرَاً بِهَا، فَهُوَ مِنْ أَهْلِ الأَعْرَافِ الذينَ يُوقِفُهُمُ اللهُ تعالى بَيْنَ الجَنَّةِ وَالنَّارِ مَا شَاءَ اللهُ تعالى أَنْ يَقِفُوا، ثُمَّ يُؤْذَنُ لَهُم بِدُخُولِ الجَنَّةِ، قَالَ تعالى: ﴿وَبَيْنَهُمَا حِجَابٌ وَعَلَى الْأَعْرَافِ رِجَالٌ يَعْرِفُونَ كُلَّاً بِسِيمَاهُمْ وَنَادَوْا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ أَنْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَمْ يَدْخُلُوهَا وَهُمْ يَطْمَعُونَ * وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاءَ أَصْحَابِ النَّارِ قَالُوا رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ * وَنَادَى أَصْحَابُ الْأَعْرَافِ رِجَالَاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُوا مَا أَغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ * أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لَا يَنَالُهُمُ اللهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلَا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ﴾.

الثَّالِثُ: سَيِّئَاتُهُ أَكْثَرُ مِنْ حَسَنَاتِهِ وَالعِيَاذ بِاللهِ تعالى، فَهَذَا أَمْرُهُ إلى اللهِ تعالى، إِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ، وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ، مَا لَمْ يَكُنْ مُجَاهِرَاً، فَإِنْ كَانَ مُجَاهِرَاً بِالسَّيِّئَاتِ بِدُونِ اسْتِحْلَالٍ لَهَا، فَيُؤْخَذُ بِقَدْرِ ذَنْبِهِ في نَارِ جَهَنَّمَ، وَلَا يَحْرُمُ على النَّارِ مِنْهُ إِلَّا أَثَرُ السُّجُودِ،  ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ تُدْرِكُهُ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ.

وبناء على ذلك:

فَمَنْ كَانَ مُرْتَكِبَاً الكَبَائِرَ، وَمَاتَ وَهُوَ مُصِرٌّ عَلَيْهَا ـ لَا قَدَّرَ اللهُ تعالى ـ وَمُجَاهِرٌ بِهَا، وَالعِيَاذُ بِاللهِ تعالى، يُؤْخَذُ بِذَنْبِهِ، ثُمَّ تُدْرِكُهُ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ بِبَرَكَةِ الإِيمَانِ، بَعْدَ أَنْ يُعَذَّبَ في نَارِ جَهَنَّمَ، أَجَارَنَا اللهُ تعالى وَإِيَّاكُمْ مِنْ ذَلِكَ. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
2153 مشاهدة