أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

8959 - ﴿هَبْ لِي حُكْمَاً﴾

19-06-2018 1067 مشاهدة
 السؤال :
ما تفسير قول الله تعالى حكاية عن سيدنا إبراهيم عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: ﴿رَبِّ هَبْ لِي حُكْمَاً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ﴾؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8959
 2018-06-19

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَهَذَا مِنْ دُعَاءِ سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بَعْدَ أَنْ أَثْنَى عَلَى رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَعَظَّمَ شَأْنَهُ، وَعَدَّدَ نِعْمَتَهُ مِنْ لَدُنْ خَلْقِهِ إلى حِينِ وَفَاتِهِ، مَعَ مَا يَرْجُوهُ في الآخِرَةِ مِنْ رَحْمَتِهِ، كَمَا قَالَ تعالى عَنْهُ: ﴿الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ * وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ * وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ * وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ﴾. بَعْدَ هَذَا دَعَا بِقَوْلِهِ: ﴿رَبِّ هَبْ لِي حُكْمَاً وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ * وَاجْعَلْ لِي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ * وَاجْعَلْنِي مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ * وَاغْفِرْ لِأَبِي إِنَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِّينَ * وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ * يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾.

فَقَدْ سَأَلَ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أُمُورَاً تَجْعَلُهُ مِنَ الأَخْيَارِ المُصْطَفَيْنَ، للتَّعْلِيمِ وَالاقْتِدَاءِ بِهِ، وَتِلْكَ الأُمُورُ هِيَ:

أولاً: سَأَلَ اللهَ تعالى أَنْ يَهَبَ لَهُ حُكْمَاً، يَعْنِي: عِلْمَاً وَفَهْمَاً وَمَعْرِفَةً يُنَوِّرُ بِهَا قَلْبَهُ الشَّرِيفَ، لِيَتَعَرَّفَ عَلَى اللهِ تعالى، وَأَنْ يُدْرِكَ الحَقَّ وَالصَّوَابَ مِنْ أَجْلِ العَمَلِ بِهِ.

ثانياً: أَنْ يُلْحِقَهُ اللهُ تعالى بِالصَّالِحِينَ المُنَزَّهِينَ الكُمَّلِ.

ثالثاً: أَنْ يَجْعَلَ لَهُ لِسَانَ صِدْقٍ في الآخِرِينَ، يَعْنِي: ذِكْرَاً جَمِيلَاً بَعْدَ وَفَاتِهِ، يُذْكَرُ بِهِ في الدُّنْيَا لِيُقْتَدَى بِهِ في الخَيْرِ.

رابعاً: أَنْ يَجْعَلَهُ اللهُ تعالى مِنْ وَرَثَةِ جَنَّةِ النَّعِيمِ، يَتَمَتَّعُ بِهَا وَبِخَيْرَاتِهَا وَنَعِيمِهَا، كَمَا يَتَمَتَّعُ الوَارِثُ بِإِرْثِ مُوَرِّثهِ في الدُّنْيَا.

خامساً: طَلَبَ المَغْفِرَةَ مِنَ اللهِ تعالى لِأَبِيهِ، لِأَنَّهُ وَعَدَ أَبَاهُ بِذَلِكَ: ﴿سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيَّاً﴾. وَلَكِنْ لَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ للهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ.

سادساً: ثُمَّ سَأَلَ مَوْلَاهُ تعالى أَنْ يُجِيرَهُ مِنَ الخِزْيِ وَالهَوَانِ يَوْمَ القِيَامَةِ ﴿يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ﴾.

وَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ شِدَّةِ خَوْفِهِ مِنَ اللهِ تعالى، مَعَ أَنَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعْصُومٌ.

وبناء على ذلك:

فَالمَقْصُودُ بِالحُكْمِ مِنْ دُعَاءِ سَيِّدِنَا إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، العِلْمُ وَالمَعْرِفَةُ وَالفَهْمُ عَنِ اللهِ تعالى، حَتَّى يَضَعَ كُلَّ أَمْرٍ مِنَ الأُمُورِ في مَحَلِّهِ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
1067 مشاهدة