أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

1448 - حكم البيع بالتقسيط

11-10-2008 65433 مشاهدة
 السؤال :
أنا موظف وأتاجر أحياناً ببيع بعض الأدوات المنزلية تقسيطاً ولكنني أشعر أحياناً بأنّ في بيعي بعض الشك أنّ فيه شبه، فهل يوجد دليل قوي على أن هذا البيع صحيح أو أنه حدث زمن النبي صلى الله عليه وسلم؟ وهل هناك قدر محدد للربح إن طالت المدة كثيراً؟ وإنني أصاب أحياناً ببعض المصائب فأقول في نفسي إنَّ هذه المصائب بسبب هذا البيع! أفتونا في ذلك وبينوا لنا الحكم فتوى وتقوى.
 الاجابة :
رقم الفتوى : 1448
 2008-10-11

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيقول الله تعالى: {وَأَحَلَّ اللّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا}. فالبيع جائز شرعاً، نقداً أو تقسيطاً أو لأجل، ولأن عرض الأسعار بالنقد أو التقسيط أو لأجل كلها داخلة في المساومة على البيع والشراء، ولا حرج في ذلك إن شاء الله تعالى.

ولكن ليس كلُّ أمر جائز يجب فعله، بل هو مباح، والمكلَّف مخيَّر بين الفعل والترك، وبيع التقسيط أو لأجل مباح شرعاً.

وأما بالنسبة لي فأنصح الإخوة التجار أن لا يردوا ربحاً إذا جاء في سلعهم، وألا يبيعوا تقسيطاً أو لأجل، وذلك لكثرة الخيانة والنزاع الذي يحصل بين البائعين والمشترين.

وأما بالنسبة للربح فالأصل الذي تقدره القواعد الشرعية ترك الناس أحراراً في بيعهم وشرائهم، وذلك لقوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم}.

فليس هناك تحديد لنسبة معينة للربح يتقيد بها التجار في معاملاتهم، بل هو متروك لظروف التجارة العامة، وظروف التاجر والسلع، مع مراعاة الآداب الإسلامية في التعامل، والتي من جملتها: قول النبي صلى الله عليه وسلم: (الراحمون يرحمهم الرحمن) رواه أبو داود، وقوله صلى الله عليه وسلم: ( لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه) رواه البخاري، وقوله صلى الله عليه وسلم: (رحم الله عبداً سمحاً إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى) رواه البخاري، وقوله صلى الله عليه وسلم: (وارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس) رواه الترمذي، وقوله صلى الله عليه وسلم: (من سرَّه أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة فلينفس عن معسر أو يضع عنه) رواه مسلم، وقوله صلى الله عليه وسلم: (ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم بأفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه) رواه الترمذي.

ويقول سيدنا عمر رضي الله عنه: (تعلَّمُن أن الطمع فقر وأن اليأس غنى) رواه أحمد.

ورحم الله من قال:

حسبي بعلمي إن نفعْ مـن راقـب الله نـزعْ

 

ما الذل إلا في الطمعْ عن سوء ما كان صنعْ

لذلك أقول للأخوة التجار: تعاملوا مع خلق الله عز وجل من خلال هذه القواعد لتنالوا شرف قول النبي صلى الله عليه وسلم: (التاجر الصدوق الأمين مع النبيين والصديقين والشهداء) رواه الترمذي.

أما بالنسب للمصائب فلا علاقة لها إن شاء الله تعالى في بيع التقسيط، لأن هذا البيع جائز شرعاً عند جمهور الفقهاء، وأما المصائب والابتلاءات فهي من طبيعة الحياة الدنيا، ولذلك يقول تعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِين}. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
65433 مشاهدة