أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

334 - الفهم الصحيح لأحاديث رحمة الله تعالى

02-05-2007 4 مشاهدة
 السؤال :
كُنَّا نَسْتَمِعُ إلى مَوْعِظَةِ طَالِبِ عِلْمٍ جَزَاهُ اللهُ خَيْرًا، وَكَانَتِ المَوْعِظَةُ بِعُنْوَانِ رَحْمَةِ اللهِ تعالى؛ فَذَكَرَ الوَاعِظُ الحَدِيثَ الصَّحِيحَ الذي رَوَاهُ الإِمَامُ مُسْلِمٌ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ، فَيَسْتَغْفِرُونَ اللهَ فَيَغْفِرُ لَهُمْ». فَفَهِمَ البَعْضُ مِنَ الحَدِيثِ الشَّرِيفِ أَنَّهُ دَعْوَةٌ إلى مَعْصِيَةِ اللهِ بِطَرِيقٍ خَفِيٍّ، وَالعِيَاذُ بِاللهِ تعالى مِنْ ذَلِكَ، فَمَا هُوَ مَفْهُومُ هَذَا الحَدِيثِ الشَّرِيفِ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 334
 2007-05-02

 

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَنَعُوذُ بِاللهِ تعالى مِنَ الفَهْمِ السَّقِيمِ لِآيَاتِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَلِأَحَادِيثِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَرَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ لَمْ يَدْعُ عِبَادَهُ إلى فِعْلِ المَعَاصِي، وَلَمْ يَأْمُرْهُمْ بِذَلِكَ، وَكَذَلِكَ حَضْرَةُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، بَلْ شَرْعُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ جَاءَ آمِرَاً بِالمَعْرُوفِ وَنَاهِيَاً عَنِ المُنْكَرِ، وَدَعَا الأُمَّةَ إلى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ﴾.

وَمَا لُعِنَ بَنُو إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ إِلَّا بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ، وَلَمْ يَتَنَاهَوْا عَنِ المُنْكَرِ، وَمَا مُدِحَتْ هَذِهِ الأُمَّةُ وَرُفِعَ شَأْنُهَا إِلَّا بِأَمْرِهَا بِالمَعْرُوفِ وَنَهْيِهَا عَنِ المُنْكَرِ بَعْدَ الإِيمَانِ، قَالَ تعالى: ﴿كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ المُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ﴾.

أَمَّا هَذَا الحَدِيثُ الشَّرِيفُ هُوَ إِخْبَارٌ مِنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَنِ الحِكْمَةِ في خَلْقِ الزَّلَلِ وَالذَّنْبِ في الإِنْسَانِ، وَهِيَ إِشْعَارُهُ بِأَنَّ لَهُ رَبَّاً يَأْخُذُ بِالذَّنْبِ وَيُعَاقِبُ عَلَيْهِ، فَيَرْجِعُ إِلَيْهِ مُتَذَلِّلَاً خَاشِعَاً طَالِبَاً العَفْوَ وَقَبُولَ التَّوْبَةِ، فَيَكْسِرُ بِذَلِكَ شُمُوخَ أَنْفِهِ وَتَرَفُّعِهِ وَإِعْجَابَهُ بِنَفْسِهِ، وَيَجْعَلُهُ يَشْعُرُ بِالعُبُودِيَّةِ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ، وَيُقَوِّمُ اعْوِجَاجَ نَفْسِهِ، وَيَعْتَرِفُ للهِ تعالى بِنَقْصِهِ وَحَاجَتِهِ إِلَيْهِ، وَذَلِكَ دَلِيلُ العُبُودِيَّةِ وَتَقْوَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، هَذَا أَوَّلَاً.

ثانياً: صِفَاتُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ لَا بُدَّ إِلَّا وَأَنْ يَظْهَرَ أَثَرُهَا، وَإِلَّا كَيْفَ يَظْهَرُ اسْمُ اللهِ تعالى الغَفَّارِ التَّوَّابِ الرَّحِيمِ؟

فَلَيْسَ مَعْنَى الحَدِيثِ الدَّعْوَةُ إلى الذَّنْبِ ثُمَّ التَّوْبَةُ مِنْهُ، لِأَنَّ ذَلِكَ دَعْوَةٌ إلى المَعْصِيَةِ، وَاللهُ تعالى إِنَّمَا يَأْمُرُ بِالعَدْلِ وَالإِحْسَانِ، وَيَأْمُرُ بِالطَّاعَةِ، كَمَا قَالَ تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ﴾.

وَأَخِيرَاً: مَنِ الذي يَضْمَنُ نَفْسَهُ أَنْ يَعِيشَ بَعْدَ الذُّنُوبِ حَتَّى يَتُوبَ؟ أَمَا سَمِعْنَا مَنْ مَاتَ وَهُوَ مُتَلَبِّسٌ في المَعْصِيَةِ وَالعِيَاذُ بِاللِه تعالى؟

نَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يَخْتِمَ بِالبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ آجَالَنَا وَأَعْمَالَنَا. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
4 مشاهدة