بر الوالدين
41ـ تلقين الأبوين الشهادة
مقدمة الكلمة:
الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فَيَا أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: مِنْ حُقُوقِ الوَالِدَيْنِ عَلَى الوَلَدِ إِذَا حَضَرَتِ الوَفَاةُ لِأَحَدِهِمَا أَنْ يُلَقِّنَهُ الشَّهَادَتَيْنِ، لِأَنَّهُ مِنْ سَعَادَةِ العَبْدِ أَنْ يُخْتَمَ لَهُ عَلَى كَلِمَةِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، روى الحاكم وأبو داود عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ دَخَلَ الجَنَّةَ».
وفي رواية الإمام أحمد عَنْ مُعَاذٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَ آخِرُ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَجَبَتْ لَهُ الجَنَّةُ».
وروى الشيخان عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَمُعاذٌ رَدِيفُهُ عَلَى الرَّحْلِ، قَالَ: «يَا مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ».
قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ وَسَعْدَيْكَ.
قَالَ: «يَا مُعَاذُ».
قَالَ: لَبَّيْكَ يَا رَسُولَ اللهِ وَسَعْدَيْكَ ـ ثَلاثَاً ـ.
قَالَ: «مَا مِنْ أَحَدٍ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدَاً رَسُولُ اللهِ، صِدْقَاً مِنْ قَلْبِهِ، إِلَّا حَرَّمَهُ اللهُ عَلَى النَّارِ».
وَهَذَا مِنْ بَابِ مُقَابَلَةِ الإِحْسَانِ بِالإِحْسَانِ، لِأَنَّ الأَبَوَيْنِ أَو أَحَدَهُمَا قَدْ لَقَّنَا الوَلَدَ كَلِمَةَ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُنْذُ أَنِ اسْتَهَلَّ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ، وَدَخَلَ الدُّنْيَا، حَيْثُ أُذِّنَ في أُذُنِهِ، وَهَذَا مِنْ هَدْيِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.
روى الإمام أحمد وأبو داود والترمذي عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ أَبِي رَافِعٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَذَّنَ فِي أُذُنِ الحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ حِينَ وَلَدَتْهُ فَاطِمَةُ بِالصَّلَاةِ.
وروى ابنُ السُّنِّيِّ عَنْ حُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ وُلِدَ لَهُ مَوْلُودٌ، فَأَذَّنَ فِي أُذُنِهِ الْيُمْنَى، وَأَقَامَ فِي أُذُنِهِ الْيُسْرَى، لَمْ يَضُرَّهُ أُمُّ الصِّبْيَانِ».
والذي أَرْشَدَ الأَبَوَيْنِ إلى التَّأْذِينِ في أُذُنِ المَوْلُودِ، فَقَدْ أَرْشَدَ الأُمَّةَ بِتَلْقِينِ مَنْ حَضَرَتْهُ الوَفَاةُ كَلِمَةَ التَّوْحِيدِ، روى الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ».
تَلْقِينُ الأَبَوَيْنِ الشَّهَادَةَ:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: المَوْتُ حَقِيقَةٌ حَتْمِيَّةٌ، وَأَمْرٌ وَاقِعٌ لَا مَحَالَةَ، يَأْتِي المَوْتُ لِنَقْلِ العَبْدِ مِنْ هَذِهِ الحَيَاةِ إلى حَيَاةٍ أُخْرَى، اللهُ تعالى أَعْلَمُ بِحَقِيقَتِهَا، وَلَا اسْتِثْنَاءَ لِأَحَدٍ في هَذَا المَوْتِ، قَالَ تعالى: ﴿كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ المَوْتِ﴾. وَقَالَ تعالى مُخَاطِبَاً سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ﴾.
فَمِنْ حَقِّ الأَبَوَيْنِ عَلَى الوَلَدِ إِذَا وَقَعَ أَحَدُهُمَا في سِيَاقِ المَوْتِ، أَنْ يُلَقِّنَهُ كَلِمَةَ الشَّهَادَةِ، لِأَنَّ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَأْمُرُ بِذَلِكَ، بِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَقِّنُوا مَوْتَاكُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ».
وَهَذَا مَا فَعَلَهُ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مَعَ عَمِّهِ؛ وَالعَمُّ بِمَنْزِلَةِ الأَبِ، روى الإمام البخاري عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيِّبِ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ أَبَا طَالِبٍ لَمَّا حَضَرَتْهُ الوَفَاةُ، دَخَلَ عَلَيْهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدَهُ أَبُو جَهْلٍ، فَقَالَ: «أَيْ عَمِّ، قُلْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، كَلِمَةً أُحَاجُّ لَكَ بِهَا عِنْدَ اللهِ».
وروى الإمام أحمد عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى رَجُلٍ مِنْ بَنِي النَّجَّارِ يَعُودُهُ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يَا خَالُ، قُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ».
فَقَالَ: أَوَ خَالٌ أَنَا أَوْ عَمٌّ؟
فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا بَلْ خَالٌ».
فَقَالَ لَهُ: «قُلْ: لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ».
قَالَ: خَيْرٌ لِي؟
قَالَ: «نَعَمْ».
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: إِذَا وَقَعَ الوَالِدُ أَو أَحَدُهُمَا في سِيَاقِ المَوْتِ فَيَنْبَغِي عَلَى العَبْدِ أَنْ يُحَرِّضَهُمَا عَلَى حُسْنِ الظَّنِّ بِاللهِ تعالى، وَعَلَى النُّطْقِ بِالشَّهَادَتَيْنِ لَعَلَّ اللهَ تعالى أَنْ يَخْتِمَ لَهُمَا عَلَى أَفْضَلِ كَلِمَةٍ قَالَهَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَالأَنْبِيَاءُ مِنْ قَبْلِهِ، وَهِيَ كَلِمَةُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ.
هَذِهِ الكَلِمَةُ هِيَ أَفْضلُ كَلِمَةٍ عَلَى الإِطْلَاقِ، لِمَا رَوَى الترمذي عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ».
وَلْيَحْذَرِ الوَلَدُ مِنْ تَخْوِيفِ وَالِدَيْهِ عِنْدَ سَكَرَاتِ المَوْتِ، لِأَنَّ التَّخْوِيفَ في هَذَا المَقَامِ غَيْرُ مَرْغُوبٍ فِيهِ، أَمَّا في حَالِ الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَقَبْلَ الوُقُوعِ في سَكَرَاتِ المَوْتِ فَهُوَ مَطْلُوبٌ.
قِيلَ للحَسَنِ البَصْرِيِّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: يَا أَبَا سَعِيدٍ، كَيْفَ نَصْنَعُ بِمُجَالَسَةِ أَقْوَامٍ هَاهُنَا يُحَدِّثُونَنَا حَتَّى تَكَادَ قُلُوبُنَا أَنْ تَطِيرَ؟
قَالَ: أَيُّهَا الشَّيْخُ، إِنَّكَ وَاللهِ لَأَنْ تَصْحَبَ أَقْوَامَاً يُخَوِّفُونَكَ حَتَّى تُدْرِكَ أَمْنَاً، خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ تَصْحَبَ أَقْوَامَاً يُؤَمِّنُونَكَ حَتَّى تَلْحَقَكَ المَخَاوِفُ.
«يُبْعَثُ كُلُّ عَبْدٍ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ»:
أَيُّهَا الإِخْوَةُ الكِرَامُ: مِنْ حَقِّ الوَالِدَيْنِ عَلَى الوَلَدِ أَنْ يُذَكِّرَهُمَا بِكَلِمَةِ الشَّهَادَتَيْنِ عِنْدَ سَكَرَاتِ المَوْتِ، لَعَلَّ اللهَ تعالى أَنْ يَخْتِمَ لَهُمَا عَلَى ذَلِكَ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يُبْعَثُ كُلُّ عَبْدٍ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ» رواه الإمام مسلم عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
فَإِذَا مَاتَا عَلَى قَوْلِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، بُعِثَا عَلَيْهَا، وَبِذَلِكَ يَكُونَانِ مِنَ الآمِنِينَ يَوْمَ القِيَامَةِ، لِأَنَّ العَبْدَ سَيُبْعَثُ يَوْمَ القِيَامَةِ عَلَى الهَيْئَةِ التي مَاتَ عَلَيْهَا، وَيُؤَكِّدُ هَذَا الأَمْرَ قَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «فَوَالَّذِي لَا إِلَهَ غَيْرُهُ، إِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، فَيَدْخُلُهَا، وَإِنَّ أَحَدَكُمْ لَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ النَّارِ، حَتَّى مَا يَكُونُ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا إِلَّا ذِرَاعٌ، فَيَسْبِقُ عَلَيْهِ الكِتَابُ، فَيَعْمَلُ بِعَمَلِ أَهْلِ الجَنَّةِ، فَيَدْخُلُهَا» رواه الإمام مسلم عَنْ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وَقَوْلُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ العَبْدَ لَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ النَّارِ وَإِنَّهُ مِنْ أَهْلِ الجَنَّةِ، وَيَعْمَلُ عَمَلَ أَهْلِ الجَنَّةِ وَإِنَّهُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، وَإِنَّمَا الأَعْمَالُ بِالخَوَاتِيمِ» رواه الإمام البخاري عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
خَاتِمَةٌ ـ نَسْأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخَاتِمَةِ ـ:
أَيُّهَا الأَبْنَاءُ، وَكُلُّنَا أَبْنَاءٌ، مِنْ حَقِّ الوَالِدَيْنِ عَلَى الوَلَدِ أَنْ يَرُدَّ لَهُمَا شَيْئَاً مِنَ المَعْرُوفِ، وَمِنْ أَعْظَمِ مَا قَدَّمَهُ لَنَا آبَاؤُنَا وَأُمَّهَاتُنَا أَنَّهُمْ غَرَسُوا فِينَا كَلِمَةَ التَّوْحِيدِ مُنْذُ نُعُومَةِ أَظْفَارِنَا، حَتَّى أَكْرَمَنَا اللهُ تعالى بِمَا أَكْرَمَنَا بِهِ مِنْ فِعْلِ الطَّاعَاتِ، وَتَرْكِ المَعَاصِي وَالمُنْكَرَاتِ.
فَمِنَ الوَفَاءِ لَهُمَا، وَمِنْ خِلَالِ قَوْلِهِ تعالى: ﴿هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلَّا الإِحْسَانُ﴾. إِذَا وَقَعَا في سِيَاقِ المَوْتِ أَنْ نُقَابِلَ الجَمِيلَ بِالجَمِيلِ، فَنُذَكِّرَهُمَا بِكَلِمَةِ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، لَعَلَّ اللهَ تعالى أَنْ يُكْرِمَهُمَا بِحُسْنِ الخِتَامِ.
روى البيهقي عَنْ أَبِي جَعْفَرِ بْنِ عَلِيٍّ السَّاوِيِّ وَرَّاقِ أَبِي زُرْعَةَ الرَّازِيِّ، يَقُولُ: حَضَرْتُ أَبَا زُرْعَةَ وَهُوَ فِي السَّوْقِ ـ يَعْنِي الاحْتِضَارَ ـ وَعِنْدَهُ أَبُو حَاتِمٍ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، وَالمُنْذِرُ بْنُ شَاذَانَ، وَجَمَاعَةٌ مِنَ العُلَمَاءِ، فَذَكَرُوا حَدِيثَ التَّلْقِينِ، وَاسْتَحْيَوْا مِنْ أَبِي زُرْعَةَ أَنْ يُلَقِّنُوهُ التَّوْحِيدَ فَقَالُوا: تَعَالَوْا نَذْكُرُ الحَدِيثَ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللهِ مُحَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ: نا الضَّحَّاكُ بْنُ مَخْلَدٍ أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ الحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ صَالِحٍ، وَجَعَلَ يَقُولُ ابْنُ ابْنُ وَلَمْ يُجَاوِزْ، فَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ: نا بُنْدَارٌ، قَالَ: نا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ الحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ وَسَكَتَ، وَلَمْ يُجَاوِزْ، وَالبَاقُونَ سَكَتُوا.
فَقَالَ أَبُو زُرْعَةَ وَهُوَ فِي السَّوْقِ: نا بُنْدَارٌ، نا أَبُو عَاصِمٍ، نا عَبْدُ الحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنِ ابْنِ أَبِي عَرِيبٍ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ الحَضْرَمِيِّ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ كَانَ آخِرَ كَلَامِهِ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ دَخَلَ الجَنَّةَ» وَتُوُفِّيَ أَبُو زُرْعَةَ رَحِمَهُ اللهُ.
هَنِيئَاً لِمَنْ أَكْرَمَهُ اللهُ تعالى بِحُسْنِ الخَاتِمَةِ.
اللَّهُمَّ أَكْرِمْنَا وَأَكْرِمْ آبَاءَنَا وَأُمَّهَاتِنَا بِذَلِكَ يَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ. آمين.
** ** **
تاريخ الكلمة:
الأحد: 17/ رجب /1440هـ، الموافق: 24/ آذار / 2019م
اضافة تعليق |
ارسل إلى صديق |
مَّا يَجِبُ عَلَى الوَلَدِ تُجَاهَ وَالِدَيْهِ، أَنْ يُخَاطِبَهُمَا بِالقَوْلِ اللَّيِّنِ، وَالكَلَامِ اللَّطِيفِ، وَلَا يَرْفَعَ صَوْتَهُ عَلَيْهِمَا، وَلَا يُخَاطِبَهُمَا بِالعِبَارَاتِ الحَادَّةِ، وَالكَلِمَاتِ النَّابِيَةِ، وَالغِلْظَةِ ... المزيد
وَمِمَّا يَجِبُ عَلَى الوَلَدِ تُجَاهَ وَالِدَيْهِ، الإِنْفَاقُ عَلَيْهِمَا إِذَا كَانَا مُحْتَاجَيْنِ، وَلْيَكُنْ عَلَى حَذَرٍ مِنْ أَنْ يَدْفَعَ لَهُمَا مِنْ زَكَاةِ أَمْوَالِهِ، لِأَنَّهَا أَوْسَاخُ النَّاسِ، وَذَلِكَ لِقَوْلِهِ صَلَّى ... المزيد
حُقُوقُ الوَالِدَيْنِ عَلَى الوَلَدِ كَبِيرَةٌ وَكَبِيرَةٌ جِدًّا، وَمِنْ هَذِهِ الحُقُوقِ أَنْ يَكُونَ الوَلَدُ حَرِيصًا عَلَى هِدَايَةِ وَالِدَيْهِ إلى جَادَّةِ الصَّوَابِ، وَأَنْ يَكُونَ نَاصِحًا أَمِينًا لَهُمَا بِأُسْلُوبٍ حَكِيمٍ، وَخَاصَّةً ... المزيد
هَذَا سَيِّدُنَا إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ كَانَ حَرِيصًا عَلَى هِدَايَةِ وَالِدِهِ كُلَّ الحِرْصِ، وَقَدْ ذَكَرَ اللهُ تعالى لَنَا قِصَّتَهُ في القُرْآنِ العَظِيمِ لِيَكُونَ أُسْوَةً لَنَا في تَقْدِيمِ النُّصْحِ وَالحِرْصِ ... المزيد
مَّا يَجِبُ عَلَى الوَلَدِ تُجَاهَ وَالِدَيْهِ أَنْ يُوَقِّرَهُمَا وَيُكْرِمَهُمَا، فَلَا يَصِفَهُمَا بِوَصْفٍ لَا يَلِيقُ بِهِمَا، وَلَا يُنَادِيهِمَا بِأَسْمَائِهِمَا، وَعَلَيْهِ أَنْ يَحْتَرِمَهُمَا في مَجْلِسِهِمَا. كَيْفَ لَا يَكُونُ ... المزيد
مِنْ فَوَائِدِ بِرِّ الوَالِدَيْنِ كَمَالُ الإِيمَانِ، وَحُسْنُ الإِسْلَامِ، وَهُوَ مِنْ أَفْضَلِ العِبَادَاتِ، وَأَجَلِّ الطَّاعَاتِ، وَهُوَ الطَّرِيقُ المُوصِلُ إلى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالأَرْضُ، وَهُوَ سَبَبٌ في بَرَكَةِ العُمُرِ، ... المزيد