178ـ مع الحبيب المصطفى: ذهاب العلم بذهاب حَمَلَتِهِ

178ـ مع الحبيب المصطفى: ذهاب العلم بذهاب حَمَلَتِهِ

 

 مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

178ـ ذهاب العلم بذهاب حَمَلَتِهِ

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيا أيُّها الإخوة الكرام: روى الإمام أحمد في مُسنَدِهِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: لَمَّا كَانَ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ يَوْمَئِذٍ مُرْدِفٌ الْفَضْلَ بْنَ عَبَّاسٍ عَلَى جَمَلٍ آدَمَ.

فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، خُذُوا مِن الْعِلْمِ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ الْعِلْمُ، وَقَبْلَ أَنْ يُرْفَعَ الْعِلْمُ» وَقَدْ كَانَ أَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ وَإِنْ تَسْأَلُوا عَنْهَا حِينَ يُنَزَّلُ الْقُرْآنُ تُبْدَ لَكُمْ عَفَا اللهُ عَنْهَا واللهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ﴾.

قَالَ: فَكُنَّا قَدْ كَرِهْنَا كَثِيراً مِنْ مَسْأَلَتِهِ، وَاتَّقَيْنَا ذَاكَ حِينَ أَنْزَلَ اللهُ عَلَى نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

قَالَ: فَأَتَيْنَا أَعْرَابِيَّاً فَرَشَوْنَاهُ بِرِدَاءٍ.

قَالَ: فَاعْتَمَّ بِهِ، حَتَّى رَأَيْتُ حَاشِيَةَ الْبُرْدِ خَارِجَةً مِنْ حَاجِبِهِ الْأَيْمَنِ.

قَالَ: ثُمَّ قُلْنَا لَهُ: سَلِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

قَالَ: فَقَالَ لَهُ: يَا نَبِيَّ اللهِ، كَيْفَ يُرْفَعُ الْعِلْمُ مِنَّا وَبَيْنَ أَظْهُرِنَا الْمَصَاحِفُ، وَقَدْ تَعَلَّمْنَا مَا فِيهَا، وَعَلَّمْنَا نِسَاءَنَا وَذَرَارِيَّنَا وَخَدَمَنَا؟

قَالَ: فَرَفَعَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ رَأْسَهُ وَقَدْ عَلَتْ وَجْهَهُ حُمْرَةٌ مِن الْغَضَبِ.

فَقَالَ: «أَيْ ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ، هَذِهِ الْيَهُودُ وَالنَّصَارَى بَيْنَ أَظْهُرِهِمُ الْمَصَاحِفُ، لَمْ يُصْبِحُوا يَتَعَلَّقُوا بِحَرْفٍ مِمَّا جَاءَتْهُمْ بِهِ أَنْبِيَاؤُهُمْ، أَلَا وَإِنَّ مِنْ ذَهَابِ الْعِلْمِ أَنْ يَذْهَبَ حَمَلَتُهُ ـ ثَلَاثَ مِرَارٍ ـ».

حِفْظُ الدِّينِ بِحِفْظِ العُلَمَاءِ العَارِفِينَ:

أيُّها الإخوة الكرام: إنَّ من أَعظَمِ الأَسبَابِ في حِفْظِ الدِّينِ حِفْظَهُ بالعُلَمَاءِ العَامِلِينَ، والرِّجَالِ المُخلِصِينَ، الذينَ لا يَخشَونَ في اللهِ لَومَةَ لائِمٍ، الذينَ لا يَبِيعُونَ دِينَهُم بِعَرَضٍ من الدُّنيَا قِلِيلٍ، الذينَ لا يَهُمُّهُمْ مَدْحٌ ولا ذَمٌّ من قِبَلِ الخَلْقِ.

وُجُودُهُمْ في الأُمَّةِ حِفْظٌ لِدِينِهَا، وصَونٌ لِعِزَّتِهَا وكَرَامَتِهَا، وذَوْدٌ عن حِيَاضِهَا، فَهُمُ الحِصْنُ الحَصِينُ، والسِّيَاجُ المَتِينُ لمن أَرَادَ سَعَادَةَ الدُّنيَا والآخِرَةِ.

العُلَمَاءُ العَامِلُونَ هُم وَرَثَةُ الأَنبِيَاءِ والمُرسَلِينَ، والأُمَنَاءُ على مِيرَاثِ النُّبُوَّةِ، هُم للنَّاسِ شُمُوسٌ سَاطِعَةٌ، وكَوَاكِبُ لامِعَةٌ، بِهِم حُفِظَ الدِّينُ، وبِهِ حُفِظُوا، وبِهِم رُفِعَتْ رَايَةُ الأُمَّةِ، وبِهَا رُفِعُوا، قَالَ تعالى: ﴿يَرْفَعِ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ واللهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾.

مَكَانَةُ أَهلِ العِلمِ:

أيُّها الإخوة الكرام: لقد بَيَّنَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ للأُمَّةِ مَكَانَةَ العُلَمَاءِ العَامِلِينَ، الذينَ هُم للأُمَّةِ كَالبَدْرِ السَّارِي.

روى الإمام أحمد عن أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مَثَلَ الْعُلَمَاءِ فِي الْأَرْضِ كَمَثَلِ النُّجُومِ فِي السَّمَاءِ، يُهْتَدَى بِهَا فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ، فَإِذَا انْطَمَسَتِ النُّجُومُ، أَوْشَكَ أَنْ تَضِلَّ الْهُدَاةُ».

أيُّها الإخوة الكرام: يَقُولُ الإمامُ أَبُو بَكْرٍ الآجُرِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: فَمَا ظَنُّكُم ـ رَحِمَكُمُ اللهُ ـ بِطَرِيقٍ فِيهِ آفَاتٌ كَثِيرَةٌ، وَيَحتَاجُ النَّاسُ إلى سُلُوكِهِ في لَيلَةٍ ظَلمَاءَ، فَإِنْ لم يَكُنْ فِيهِ مِصبَاحٌ وإلا تَحَيَّرُوا، فَقَيَّضَ اللهُ لَهُم فِيهِ مَصَابِيحَ تُضِيءُ لَهُم، فَسَلَكُوهُ على السَّلامَةِ والعَافِيَةِ، ثمَّ جَاءَت طَبَقَاتٌ من النَّاسِ لابُدَّ لَهُم من السُّلُوكِ فِيهِ، فَسَلَكُوا، فَبَينَمَا هُم كَذلكَ، إذ طُفِئَتِ المَصَابِيحُ، فَبَقَوا في الظُّلْمَةِ، فَمَا ظَنُّكُم بِهِم؟

هَكذا العُلَمَاءُ في النَّاسِ، لا يَعلَمُ كَثِيرٌ من النَّاسِ كَيفَ أَدَاءُ الفَرَائِضِ، وَكَيفَ اجتِنَابُ المَحَارِمِ، ولا كَيفَ يُعبَدُ اللهُ في جَمِيعِ مَا يَعبُدُهُ بِهِ خَلْقُهُ، إلا بِبَقَاءِ العُلَمَاءِ، فإذا مَاتَ العُلَمَاءُ تَحَيَّرَ النَّاسُ، وَدُرِسَ العِلْمُ بِمَوتِهِم، وَظَهَرَ الجَهْلُ.

ويَقُولُ الإمامُ أَحمَدُ: النَّاسُ أَحْوَجُ إلَى الْعِلْمِ مِنْهُمْ إلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ؛ لِأَنَّ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ يُحْتَاجُ إلَيْهِ فِي الْيَوْمِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثاً، وَالْعِلْمُ يُحْتَاجُ إلَيْهِ كُلَّ وَقْتٍ.

أيُّها الإخوة الكرام: العُلَمَاءُ العَامِلُونَ هُم نُجُومُ الأَرضِ يُهتَدَى بِهِم، كَمَا يُهتَدَى بِنُجُومِ السَّمَاءِ، وقد ذَكَرَ اللهُ تعالى فَوَائِدَ النُّجُومِ في القُرآنِ العَظِيمِ في ثَلاثَةِ مَوَاضِعٍ:

أولاً: قَالَ تعالى: ﴿وَعَلَامَاتٍ وَبِالنَّجْمِ هُمْ يَهْتَدُونَ﴾. فَهُم عَلامَاتٌ، وسَبَبٌ من أَسبَابِ الهِدَايَةِ.

ثانياً: قَالَ تعالى: ﴿وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ﴾. فَهُم زِينَةُ السَّمَاءِ.

ثالثاً: قَالَ تعالى: ﴿وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً لِلشَّيَاطِينِ﴾. فَهُم رُجُومٌ للشَّيَاطِينِ.

أيُّها الإخوة الكرام: وهذهِ الأَوصَافُ الثَّلاثَةُ تَجتَمِعُ في العُلَمَاءِ الرَّبَّانِيِّينَ، فَهُم هُدَاةٌ إلى اللهِ تعالى، وهُم زِينَةُ الأَرضِ وزِينَةُ المَجَالِسِ، وهُم رُجُومٌ لِشَيَاطِينِ الإنسِ والجِنِّ، روى الترمذي عَن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُما قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «فَقِيهٌ أَشَدُّ عَلَى الشَّيْطَانِ مِنْ أَلْفِ عَابِدٍ».

أيُّها الإخوة الكرام: العُلَمَاءُ العَامِلُونَ وُرَّاثُ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، قَالَ فِيهِمُ الحَبِيبُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «فَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِي عَلَى أَدْنَاكُمْ».

ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ اللهَ وَمَلَائِكَتَهُ وَأَهْلَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرَضِينَ، حَتَّى النَّمْلَةَ فِي جُحْرِهَا، وَحَتَّى الْحُوتَ، لَيُصَلُّونَ عَلَى مُعَلِّمِ النَّاسِ الْخَيْرَ» رواه الترمذي عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

هَلاكُ النَّاسِ بِهَلاكِ عُلَمَائِهِم:

أيُّها الإخوة الكرام: إنَّ هَلاكَ النَّاسِ بِهَلاكِ عُلَمَائِهِم، روى الشيخان عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنهُما قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ اللهَ لَا يَقْبِضُ الْعِلْمَ انْتِزَاعاً يَنْتَزِعُهُ مِن الْعِبَادِ، وَلَكِنْ يَقْبِضُ الْعِلْمَ بِقَبْضِ الْعُلَمَاءِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يُبْقِ عَالِماً اتَّخَذَ النَّاسُ رُؤُوساً جُهَّالاً، فَسُئِلُوا فَأَفْتَوْا بِغَيْرِ عِلْمٍ، فَضَلُّوا وَأَضَلُّوا».

أيُّها الإخوة الكرام: بِهَلاكِ العُلَمَاءِ هَلاكُ الأُمَّةِ، بِهَلاكِهِم تَظهَرُ الفِتَنُ، ويُلقَى الشُّحُّ، ويَكثُرُ القَتْلُ، روى الشيخان عن أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يَتَقَارَبُ الزَّمَانُ، وَيُقْبَضُ الْعِلْمُ، وَتَظْهَرُ الْفِتَنُ، وَيُلْقَى الشُّحُّ، وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ».

قَالُوا: وَمَا الْهَرْجُ؟

قَالَ: «الْقَتْلُ».

ويَقُولُ حَبْرُ الأُمَّةِ وتُرجُمَانُ القُرآنِ سَيِّدُنَا عَبدُ اللهِ بنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُما في قَولِهِ تعالى: ﴿أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا﴾ قَالَ: مَوتُ عُلَمَائِهَا وَفُقَهَائِهَا. رواه الحاكم.

ويَقُولُ ابنُ مَسعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: عَلَيْكُمْ بِالْعِلْمِ قَبْلَ أَنْ يُقْبَضَ، وَقَبْضُهُ ذَهَابُ أَهْلِهِ، وَعَلَيْكُمْ بِالْعِلْمِ، فَإِنْ أَحَدَكُمْ لا يَدْرِي مَتَى يُفْتَقَرُ إِلَى مَا عِنْدَهُ، وَعَلَيْكُمْ بِالْعِلْمِ، وَإِيَّاكُمْ وَالتَّنَطُّعَ، وَالتَّعَمُّقَ، وَعَلَيْكُمْ بِالْعَتِيقِ، فَإِنَّهُ سَيَجِيءُ قَوْمٌ يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ يَنْبُذُونَهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ. رواه الطَّبَرَانِيُّ في الكَبِيرِ.

ويَقُولُ الحَسَنُ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: مَوْتُ الْعَالِمِ ثُلْمَةٌ في الإِسْلاَمِ، لا يَسُدُّهَا شَيْءٌ مَا اخْتَلَفَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ. رواه الدارمي.

وقِيلَ لِسَعِيدِ بنِ جُبَيرٍ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: مَا عَلامَةُ السَّاعَةِ وهَلاكِ النَّاسِ؟

فَقَالَ: إذا ذَهَبَ عُلَمَاؤُهُم.

أيُّها الإخوة الكرام: لمَّا مَاتَ زَيدُ بنُ ثَابِتٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُما: مَن سَرَّهُ أن يَنظُرَ كَيفَ ذَهَابُ العِلْمِ، فَهَكَذَا ذَهَابُهُ.

وقَالَ: لا يَزَالُ عَالِمٌ يَمُوتُ وَأَثَرٌ للحَقِّ يُدرَسُ، حَتَّى يَكثُرَ أَهلُ الجَهْلِ، وَيَذهَبَ أَهلُ العِلْمِ، فَيَعمَلُونَ بالجَهْلِ، وَيَدِينُونَ بِغَيرِ الحَقِّ، وَيَضِلُّونَ عَن سَواءِ السَّبِيلِ.

خاتِمَةٌ ـ نَسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:

أيُّها الإخوة الكرام: إنَّ العُلَمَاءَ العَامِلِينَ هُمُ الذينَ يَخَافُونَ اللهَ تعالى ويَخشَونَهُ، قَالَ تعالى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾.

العُلَمَاءُ العَامِلُونَ هُمُ الذينَ يَكُونُونَ صَمَّامَ أَمَانٍ للنَّاسِ، هُمُ الذينَ يَكُونُونَ سَبَبَاً في حَقْنِ دِمَاءِ المُسلِمِينَ، وفي حِفْظِ أَعرَاضِهِم وأَموَالِهِم، هُمُ الذينَ يَكُونُونَ سَبَبَاً في صَلاحِ وإصلاحِ العِبَادِ والبِلادِ، هُمُ الذينَ يَستَحضِرُونَ عِندَ الفُتْيَا يَومَ القِيَامَةِ، وقَبلَ الفُتْيَا يَتَصَوَّرُونَ الجَنَّةَ عن يَمِينِهِم، والنَّارَ عن شِمَالِهِم، والصِّراطَ تَحتَ أَقدَامِهِم؛ واللهُ تعالى سَائِلُهُم.

العُلَمَاءُ العَامِلُونَ هُمُ الذينَ يَخَافُونَ أن يَندَرِجُوا تَحتَ قَولِهِ تعالى: ﴿وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ﴾.

هُمُ الذينَ إذا سُئِلُوا عن أَمرٍ ولا يَعرِفُونَ حُكْمَهُ قَالُوا: اللهُ أَعلَمُ.

كَانَ سَيِّدُنَا عَلِيٌّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ يَقُولُ: وَابَرْدَهَا عَلَى الْكَبِدِ ـ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ ـ

قَالُوا: وَمَا ذَلِكَ يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ؟

قَالَ: أَنْ يُسْأَلَ الرَّجُلُ عَمَّا لاَ يَعْلَمُ فَيَقُولُ: اللهُ أَعْلَمُ. رواه الدارمي.

اللَّهُمَّ رُدَّنَا إٍِلَيكَ رَدَّاً جَمِيلاً، ودُلَّنَا على مَن يَدُلُّنَا عَلَيكَ. آمين.

وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الـْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.

**     **     **

تاريخ الكلمة:

الاثنين: 9/صفر/1435هـ، الموافق: 1/كانون الأول / 2014م

الشيخ أحمد شريف النعسان
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  مع الحبيب المصطفى   

26-06-2019 2339 مشاهدة
316ـ العناية الربانية بالحبيب صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ

مِنْ مَظَاهِرِ العِنَايَةِ الرَّبَّانِيَّةِ بِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَنْ سَخَّرَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لَهُ المَوْجُودَاتِ، وَمِنْ مَظَاهِرِ العِنَايَةِ الرَّبَّانِيَّةِ بِهِ صَلَّى ... المزيد

 26-06-2019
 
 2339
20-06-2019 1387 مشاهدة
315ـ سَيَبْلُغُ مَا بَلَغَ مُلْكُ كِسْرَى

الدُّنْيَا كُلُّهَا شَاهِدَةٌ بِأَنَّ اللهَ تَبَارَكَ وتعالى حَافِظٌ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَنَاصِرٌ لَهُ، وَمُنْتَقِمٌ مِمَّنْ ظَلَمَهُ عَاجِلَاً وَآجِلَاً، آخِذٌ لَهُ بِحَقِّهِ ... المزيد

 20-06-2019
 
 1387
28-04-2019 1170 مشاهدة
315ـ«لَوْ دَنَا مِنِّي لَاخْتَطَفَتْهُ المَلَائِكَةُ»

الدُّنْيَا كُلُّهَا شَاهِدَةٌ بِأَنَّ اللهَ تَبَارَكَ وتعالى حَافِظٌ سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، وَنَاصِرٌ لَهُ، وَمُنْتَقِمٌ مِمَّنْ ظَلَمَهُ عَاجِلَاً وَآجِلَاً، آخِذٌ لَهُ بِحَقِّهِ ... المزيد

 28-04-2019
 
 1170
28-04-2019 1182 مشاهدة
314ـ في محط العناية

لَقَدِ رَحِمَ اللهُ تعالى هَذِهِ الأُمَّةَ فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا سَيِّدَنَا مُحَمَّدَاً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مُبَشِّرَاً وَنَذِيرَاً، وَجَعَلَهُ خَاتَمَ الأَنْبِيَاءِ وَالمُرْسَلِينَ، وَجَعَلَ شَرِيعَتَهُ ... المزيد

 28-04-2019
 
 1182
21-03-2019 1769 مشاهدة
313- مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم : ﴿وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ﴾

فَعَلَى قَدْرِ التَّحَمُّلِ يَكُونُ الأَدَاءُ، وَبِحَسْبِ الشَّهَادَةِ تَكُونُ المُهِمَّةُ، لِذَلِكَ عَلَّمَ اللهُ تعالى سَيِّدَنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِفَضْلِهِ العَظِيمِ مَا لَمْ يَكُنْ ... المزيد

 21-03-2019
 
 1769
13-03-2019 1637 مشاهدة
312- مع الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم:«فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ»

وَجَاءَتْ تَارَةً بِمَدْحِ أَهْلِهِ، فَقَالَ تعالى: ﴿وَالمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ﴾. وَقَالَ: ﴿وَبِالأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ﴾. وَقَالَ: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا ... المزيد

 13-03-2019
 
 1637

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3160
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 412812044
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :