أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

1246 - هل صحيح أن من لم يطلق زوجته لسوء خلقها فدعاؤه لا يستجاب؟

15-07-2008 25436 مشاهدة
 السؤال :
لقد ابتليت بامرأة سيئة الأخلاق، فطلب مني والدي ووالدتي أن أطلقها بسبب سوء أخلاقها، وقالوا لي: إذا لم تطلقها فإن دعاءك لا يستجاب، لأنه يوجد حديث في ذلك، فهل وجود هذا الحديث صحيح؟ وهل يجب عليَّ أن أطلِّقها، وإذا لم أطلِّقْها فدعائي غير مستجاب؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 1246
 2008-07-15

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فقد جاء في الحديث الصحيح عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة يدعون الله فلا يستجاب لهم: رجل كانت تحته امرأة سيئة الخلق فلم يطلقها، ورجل كان له على رجل مال فلم يُشْهِد عليه، ورجل آتى سفيهاً ماله وقد قال الله عز وجل: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ}» [النساء: 5] سنده حسن، وقد أخرجه الحاكم وصحَّحه ووافقه الذهبي، وأخرجه ابن أبي شيبة والبيهقي في السنن وشعب الإيمان.

ولا يفهم من الحديث الشريف أنه يجب على الرجل أن يطلِّق زوجته صاحبة الخلق السيئ ما دام قادراً على تحمُّلها، لأن صاحب الدين والخلق من الرجال يتمثَّل قول الله عز وجل: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء: 19]، ومن المعاشرة بالمعروف الصبر على سوء أخلاقها.

أما إذا لم يصبر الرجل على سوء أخلاقها وضاق صدره منها ولم يتحمَّل أذاها، فلا يجوز أن يدعو الله عز وجل عليها، وإن كان داعياً فليكن الدعاء لها لا عليها، لقوله تعالى: {وَيَدْعُ الْإِنْسَانُ بِالشَّرِّ دُعَاءَهُ بِالْخَيْرِ وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولاً} [الإسراء: 11].

وإذا دعا عليها فإن دعاءه عليها لا يستجاب، لأن الله عز وجل شرع له الطلاق في حال نشوزها، بعد أن سلك طرق المعالجة لنشوزها بالموعظة الحسنة، ثم بالهجر، ثم بالضرب، ثم بإرسال حكَمين، ولم يشرع له الدعاء عليها، لأن خلق المسلم الدعاء لمن أساء إليه لا الدعاء عليه.

فيكون معنى الحديث الشريف:

الله لا يستجيب دعاء العبد على زوجته سيئة الأخلاق، لأن الله تعالى شرع له طلاقها، ولا يستجيب دعاء العبد على المَدين ما دام أقرضه بدون شهود، وجحد المدين ماله، لأن الله تعالى يقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمَّىً فَاكْتُبُوهُ} [البقرة: 282]، ولا يستجيب دعاء العبد على السفيه الذي بذَّر ماله، لأنه آتاه ماله وهو سفيه، والله تعالى يقول: {وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالَكُمُ} [النساء: 5]. فلماذا الدعاء على أحد هؤلاء، والعبد يخالف أمر الله عز وجل؟

وبناء عليه:

فإذا كنت صابراً على سوء خلق زوجتك فهذا من شيم الرجال الكرام، وأنت على وعد مع قول الله عز وجل: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً} [النساء: 19]، سيجعل الله لك خيراً كثيراً ببركة صبرك عليها، وهذا دليل على وجود الخيرية فيك بشهادة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: «خيركم خيركم لأهله، وأنا خيرُكم لأهلي» رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب صحيح.

وأما إذا كنت لا تحتمل سوء أخلاقها، فلا تدع عليها، فإن دعوت فاعلم بأن دعاءك عليها غير مستجاب، وبوسعك أن تطلِّقها.

وأما دعاؤك لله عز وجل على غير زوجتك فهو مستجاب إن شاء الله تعالى، وذلك لقوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [البقرة: 186]. ولقوله تعالى: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} [غافر: 60]. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
25436 مشاهدة