أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

239 - الجاهل بالأحكام هل يؤاخذ يوم القيامة؟

02-05-2007 195 مشاهدة
 السؤال :
نحن نعلم أن عقوبة العالم إن زلت به القدم كبيرة يوم القيامة، فهل إذا كان الإنسان جاهلاً بالأحكام، ووقع في المخالفات والمحرمات لا يؤاخذ يوم القيامة؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 239
 2007-05-02

 

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَمَنْ قَالَ: إِنْ زَلَّتْ قَدَمُ العَالِمِ فَعُقُوبَتُهُ كَبِيرَةٌ يَوْمَ القِيَامَةِ؟ إِنَّ تَصَوُّرَ هَذَا في حَقِّ العَالِمِ خَطَأُ كَبِيرٌ وَجَسِيمٌ، لِأَنَّهُ لَا عِصْمَةَ لِأَحَدٍ مِنَ البَشَرِ غَيْرِ الأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، فَالعَالِمُ قَدْ يُخْطِئُ وَقَدْ تَزِلُّ بِهِ القَدَمُ، وَقَدْ يَرْتَكِبُ كَبِيرَةً مِنَ الكَبَائِرِ، إِلَّا أَنَّهُ لَا يُصِرُّ عَلَى ذَنْبٍ، وَلَا يُبَرِّرُ المُعْصِيَةَ، يَقُولُ الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ﴾. هَذِهِ هِيَ صِفَةُ المُتَّقِينَ مِنَ العُلَمَاءِ وَغَيْرِهِمْ.

نَعَمْ إِنْ أَصَرَّ عَلَى المَعْصِيَةِ، وَبَرَّرَ مَعْصِيَتَهُ، وَلَمْ يَتُبْ إلى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهَا، وَمَاتَ وَالعِيَاذُ بِاللهِ تعالى وَهُوَ مُصِرٌّ عَلَيْهَا فَهَذَا عَلَى خَطَرٍ عَظِيمٍ، وَقَدْ وَرَدَ في الحَدِيثِ: «أَوَّلُ مَنْ يَدْعُو بِهِ رَجُلٌ جَمَعَ القُرْآنَ»... ثُمَّ قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أُولَئِكَ الثَّلَاثَةُ أَوَّلُ خَلْقِ اللهِ تُسَعَّرُ بِهِمُ النَّارُ يَوْمَ القِيَامَةِ». رواه الترمذي. نَسْأَلُهُ تعالى أَنْ يُعَامِلَنَا بِفَضْلِهِ لَا بِعَدْلِهِ. آمين.

أَمَّا بِالنَّسْبَةِ للجَاهِلِ بِالأَحْكَامِ هَلْ يُؤَاخَذُ أَمْ لَا؟

الجواب: إِنْ كَانَ هَذَا حَدِيثَ عَهْدٍ بِالإِسْلَامِ، أَو نَشَأَ في بَلْدَةٍ بَعِيدَةٍ عَنِ العُلَمَاءِ، وَلَمْ يَتَمَكَّنْ مِنَ السَّفَرِ إِلَيْهِمْ لِظُرُوفٍ قَاهِرَةٍ، فَإِنَّهُ لَا يُؤَاخَذُ بِمَا عَمِلَهُ بِنَاءً عَلَى جَهْلِهِ ذَلِكَ، فَإِذَا كَانَ الحَقُّ مِنْ حُقُوقِ اللهِ تعالى مِنْ صَلَاةٍ وَصِيَامٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يُؤَاخَذُ، وَلَكِنْ يَجِبُ عَلَيْهِ قَضَاءُ مَا فَاتَهُ مِنْهَا بَعْدَ عِلْمِهِ بِذَلِكَ، وَإِذَا كَانَ الجَهْلُ في حُقُوقِ العِبَادِ فَإِنَّهُ يَكُونُ ضَامِنَاً لَهَا بَعْدَ عِلْمِهِ بِذَلِكَ، وَهَكَذَا.

أَمَّا إِذَا كَانَ يُقِيمُ في بَلْدَةٍ فِيهَا العُلَمَاءُ، وَقَصَّرَ في تَعَلُّمِ دِينِهِ، وَفَعَلَ المُخَالَفَاتِ، وَضَيَّعَ المَأْمُورَاتِ لِكَوْنِهِ جَاهِلَاً بِهَا، فَإِنَّهُ يَأْثَمُ بِذَلِكَ، لِأَنَّ الوَاجِبَ عَلَيْهِ شَرْعَاً أَنْ يَتَفَقَّهَ في دِينِهِ بِمَا يُصَحِّحُ بِهِ عَقِيدَتَهُ وَعِبَادَتَهُ وَمُعَامَلَتَهُ، وَلَا عُذْرَ لِجَاهِلٍ في الأَحْكَامِ في دِيَارِ الإِسْلَامِ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
195 مشاهدة