أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

6253 - الأسباب المعينة على قيام الليل

15-04-2014 57398 مشاهدة
 السؤال :
ما هي الأسباب المعينة على قيام الليل؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 6253
 2014-04-15

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فالأسبابُ المُعينَةُ على قِيامِ اللَّيلِ كَثيرَةٌ، منها:

أولاً: إخلاصُ النِّيَّةِ لله عزَّ وجلَّ، وذلكَ لِقَولِهِ تعالى: ﴿وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء﴾. ولِقَولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «بَشِّرْ هَذِهِ الْأُمَّةَ بِالسَّنَاءِ وَالرِّفْعَةِ وَالدِّينِ وَالنَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ فِي الْأَرْضِ، فَمَنْ عَمِلَ مِنْهُمْ عَمَلَ الْآخِرَةِ لِلدُّنْيَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْآخِرَةِ نَصِيبٌ» رواه الإمام أحمد عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ.

ثانياً: الحِرصُ على إخفاءِ الطَّاعاتِ، وخاصَّةً النَّوَافِلَ، سَأَلَ رَجُلٌ تَميمَ الدَّارِيِّ: مَا صَلاتُكَ باللَّيلِ؟

فَغَضِبَ غَضَباً شَديداً، ثمَّ قالَ: والله لَرَكعَةٌ أُصَلِّيهَا في جَوفِ اللَّيلِ في سِرٍّ أَحَبُّ إِلَيَّ من أن أُصَلِّيَ اللَّيلَ كُلَّهُ ثمَّ أَقُصَّهُ على النَّاسِ.

ثالثاً: أن يَستَشعِرَ العَبدُ نِداءَ الله تعالى لَهُ، ويَتَمَثَّلَ قَولَهُ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّل * قُمِ اللَّيْلَ إِلا قَلِيلاً * نِصْفَهُ أَوِ انقُصْ مِنْهُ قَلِيلاً * أَوْ زِدْ عَلَيْهِ وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً﴾.

رابعاً: أن يَرغَبَ العَبدُ فيما عِندَ الله عزَّ وجلَّ، وذلكَ لِقَولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «عَجِبَ رَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ مِنْ رَجُلَيْنِ: رَجُلٍ ثَارَ عَنْ وِطَائِهِ وَلِحَافِهِ مِنْ بَيْنِ أَهْلِهِ وَحَيِّهِ إِلَى صَلَاتِهِ.

فَيَقُولُ رَبُّنَا: أَيَا مَلَائِكَتِي، انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي، ثَارَ مِنْ فِرَاشِهِ وَوِطَائِهِ وَمِنْ بَيْنِ حَيِّهِ وَأَهْلِهِ إِلَى صَلَاتِهِ، رَغْبَةً فِيمَا عِنْدِي، وَشَفَقَةً مِمَّا عِنْدِي.

وَرَجُلٍ غَزَا فِي سَبِيلِ الله عَزَّ وَجَلَّ، فَانْهَزَمُوا، فَعَلِمَ مَا عَلَيْهِ مِن الْفِرَارِ، وَمَا لَهُ فِي الرُّجُوعِ، فَرَجَعَ حَتَّى أُهَرِيقَ دَمُهُ، رَغْبَةً فِيمَا عِنْدِي، وَشَفَقَةً مِمَّا عِنْدِي.

فَيَقُولُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لِمَلَائِكَتِهِ: انْظُرُوا إِلَى عَبْدِي، رَجَعَ رَغْبَةً فِيمَا عِنْدِي، وَرَهْبَةً مِمَّا عِنْدِي، حَتَّى أُهَرِيقَ دَمُهُ».

خامساً: النَّومُ على طَهَارَةٍ، لِقَولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ مُسْلِمٍ يَبِيتُ عَلَى ذِكْرِ الله طَاهِراً فَيَتَعَارَّ مِن اللَّيْلِ، فَيَسْأَلُ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ خَيْراً مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ إِلَّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ» رواه الإمام أحمد وأبو داود عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ.

ولِقَولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «طَهِّرُوا هَذِهِ الأَجْسَادَ طَهَّرَكُمُ اللهُ، فَإِنَّهُ لَيْسَ عَبْدٌ يَبِيتُ طَاهِراً إِلا بَاتَ مَلَكٌ فِي شِعَارِهِ لا يَنْقَلِبُ سَاعَةً مِنَ اللَّيْلِ إِلا قَالَ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِعَبْدِكَ، فَإِنَّهُ بَاتَ طَاهِراً» رواه الطَّبَرَانِيُّ في الكَبيرِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ تَعَالَى عَنْهُ.

سادساً: عَدَمُ السَّهَرِ بَعدَ العِشاءِ، وذلكَ لما جاءَ في صَحيحِ الإمام البخاري عَنْ أَبِي بَرْزَةَ أَنَّ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَكْرَهُ النَّوْمَ قَبْلَ الْعِشَاءِ، وَالْحَدِيثَ بَعْدَهَا.

وكانَ سَيِّدُنا عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهُ يَنُشُّ النَّاسَ بَعدَ العَتمَةِ بِدُرَّتِهِ، ويَقولُ: قُومُوا لَعَلَّ اللهَ يَرزُقُكُم صَلاةً.

سابعاً: القَيلُولَةُ بالنَّهارِ، روى الطَّبَرَانِيُّ في الأوسَطِ عَن أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ قالَ: قالَ رَسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «قِيلُوا، فإنَّ الشَّيطانَ لا يَقِيلُ».

مَرَّ سَيِّدُنا الحَسَنُ البَصرِيُّ رَضِيَ اللهُ عنهُ بِقَومٍ في السُّوقِ وَسَطَ النَّهارِ فَرَأَى مِنهُم ما رَأَى.

فقال: أَمَا يَقيلُ هؤلاءِ؟

قالوا: لا.

قال: إِنِّي لَأَرَى لَيلَهُم لَيلَ سُوءٍ.

ثامناً: أن لا يَملَأَ بَطنَهُ بالطَّعامِ، روى ابن ماجه عن الْمِقْدَام بْن مَعْدِ يكَرِبَ رَضِيَ اللهُ عنهُ قال: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا مَلَأَ آدَمِيٌّ وِعَاءً شَرَّاً مِنْ بَطْنٍ، حَسْبُ الْآدَمِيِّ لُقَيْمَاتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فَإِنْ غَلَبَت الْآدَمِيَّ نَفْسُهُ، فَثُلُثٌ لِلطَّعَامِ، وَثُلُثٌ لِلشَّرَابِ، وَثُلُثٌ لِلنَّفَسِ».

تاسعاً: تَرْكُ المَعاصِي، قالَ رَجُلٌ للحَسَنِ البَصرِيِّ: يا أبا سَعيدٍ، إِنِّي أَبيتُ مُعافَى، وأُحِبُّ قِيامَ اللَّيلِ، وأُعِدُّ طَهورِي، فَمَا بَالِي لا أَقوم؟

 فقال: ذُنوبُكَ قَيَّدَتكَ.

وبناء على ذلك:

فإنَّ قِيامَ اللَّيلِ سُنَّةٌ مُؤَكَّدَةٌ، رَغَّبَ فيها سَيِّدُنا رَسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِقَولِهِ: «عَلَيْكُمْ بِقِيَامِ اللَّيْلِ، فَإِنَّهُ دَأَبُ الصَّالِحِينَ قَبْلَكُمْ، وَإِنَّ قِيَامَ اللَّيْلِ قُرْبَةٌ إِلَى الله، وَمَنْهَاةٌ عَن الْإِثْمِ، وَتَكْفِيرٌ لِلسَّيِّئَاتِ، وَمَطْرَدَةٌ لِلدَّاءِ عَن الْجَسَدِ» رواه الترمذي عَنْ بِلَالٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ.

وبِقَولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ بَعْدَ الصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ الصَّلَاةُ فِي جَوْفِ اللَّيْلِ».

ويَقولُ أبو الدَّرداءِ رَضِيَ اللهُ عنهُ: صَلُّوا رَكعَتَينِ في ظُلَمِ اللَّيلِ لِظُلمَةِ القَبْرِ.

أسألُ اللهَ تعالى أن يُوَفِّقَنا لما يُرضيهِ عنَّا. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
57398 مشاهدة