أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

1788 - هل صحيح أن من أصيب بالحمى لا يرد النار؟

14-02-2009 10723 مشاهدة
 السؤال :
هل صحيح بأن العبد إذا أُصيب بمرض الحمى فإنه يكون مستثنى من قوله تعالى: {وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا}؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 1788
 2009-02-14

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فقول الله تعالى: {وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا} يعني ما من أحد إلا وسيرد إلى النار ـ ونسأل الله أن ينجينا منها بفضله وكرمه ـ والورود هو المرور على الصراط، وهو أمر محتوم قضى الله عز وجل به وهو واقع لا محالة، يقول صلى الله عليه وسلم: (يُوضَعُ الصِّرَاطُ بَيْنَ ظَهْرَانَيْ جَهَنَّمَ عَلَى حَسَكٍ كَحَسَكِ السَّعْدَانِ، ثُمَّ يَسْتَجِيزُ النَّاسُ، فَنَاجٍ مُسَلَّمٌ، وَمَخْدُوجٌ بِهِ ثُمَّ نَاجٍ، وَمُحْتَبَسٌ بِهِ وَمَنْكُوسٌ فِيهَا) رواه ابن ماجه وأحمد.

فالورود محتوم، ثم ينجي الله عز وجل أهل التقوى ـ ونرجو الله أن نكون منهم ـ قال تعالى: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوا وَّنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا}.

يقول خالد بن معدان: إذا دخل أهل الجنة الجنةَ قالوا: ألم يقل ربُّنا: {وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا}؟ فيقال: لقد وردتموها فألفيتموها رماداً. اهـ. وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: (تَقُولُ النَّارُ لِلْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: جُزْ يَا مُؤْمِنُ، فَقَدْ أَطْفَأَ نُورُكَ لَهَبِي) رواه الطبراني.

وقد جاء في مسند الإمام أحمد عن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (الْحُمَّى مِنْ كِيرِ جَهَنَّمَ فَمَا أَصَابَ الْمُؤْمِنَ مِنْهَا كَانَ حَظَّهُ مِنْ النَّارِ).

وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَادَ رَجُلاً مِنْ وَعَكٍ كَانَ بِهِ، فَقَالَ: (أَبْشِرْ فَإِنَّ اللَّهَ يَقُولُ: هِيَ نَارِي أُسَلِّطُهَا عَلَى عَبْدِي الْمُؤْمِنِ فِي الدُّنْيَا لِتَكُونَ حَظَّهُ مِنْ النَّارِ فِي الآخِرَةِ) رواه الترمذي وابن ماجه.

وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَخَلَ عَلَى أُمِّ السَّائِبِ أَوْ أُمِّ الْمُسَيَّبِ فَقَالَ: (مَا لَكِ يَا أُمَّ السَّائِبِ ـ أَوْ يَا أُمَّ الْمُسَيَّبِ ـ تُزَفْزِفِينَ)؟ قَالَتْ: الْحُمَّى لا بَارَكَ اللَّهُ فِيهَا، فَقَالَ: (لا تَسُبِّي الْحُمَّى، فَإِنَّهَا تُذْهِبُ خَطَايَا بَنِي آدَمَ كَمَا يُذْهِبُ الْكِيرُ خَبَثَ الْحَدِيدِ) رواه مسلم.

وبناء على ذلك:

فالحمَّى التي تصيب المؤمن في الحياة الدنيا هي حظُّه من النار كما جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، إلا أنها لا تعفي الإنسان من ورود النار، لقوله تعالى: {وَإِن مِّنكُمْ إِلاَّ وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْمًا مَّقْضِيًّا}، ولكن كما جاء في الحديث الثاني: (تَقُولُ النَّارُ لِلْمُؤْمِنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: جُزْ يَا مُؤْمِنُ، فَقَدْ أَطْفَأَ نُورُكَ لَهَبِي)، فالمؤمن الذي أصابته الحمى وكان صابراً فهو مشمول بالحديث الشريف حيث نور إيمانه ونور صبره يطفئ لهب النار. كما أن الحُمَّى تذهب بخطايا ابن آدم، فيصبح بإذن الله تقياً، ومن كان تقياً ينجيه الله تعالى من نار جهنم عندما يردها. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
10723 مشاهدة