أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

5758 - لماذا الجزية؟

21-02-2013 8403 مشاهدة
 السؤال :
ما دام ربنا عز وجل يقول في كتابه العظيم: «لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ» فلماذا الجزية التي فرضها الإسلام على أهل الكتاب؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 5758
 2013-02-21

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإنَّ الجِزيَةَ التي فَرَضَها اللهُ تعالى على أهلِ الكتابِ هيَ من مَحاسِنِ هذا الدِّينِ، وفيها يَتَجَلَّى قولُهُ تعالى: ﴿لا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾.

فالجِزيَةُ يدفَعُها الذِّمِّيُّ مُقابِلَ حِمايَتِهِ والدِّفاعِ عنهُ، وإبقائِهِ في دِيارِ المسلمينَ، وجَعَلَ الإسلامُ له حُقوقاً كثيرةً، فَحَقَنَ بذلكَ دَمَهُ، وحَفِظَ مالَهُ، وصانَ عِرضَهُ. هذا أولاً.

ثانياً: الجِزيَةُ تُؤخَذُ من الرِّجالِ دونَ النِّساءِ، ومن البالِغينَ دونَ القاصِرينَ، ومن الأغنياءِ دونَ الفقراءِ، ومن الأحرارِ دونَ العَبيدِ، ومن العاقِلينَ دونَ المجانينِ، ومن الأقوِياءِ دونَ الضُّعَفاءِ، ومن الشَّبابِ دونَ الشُّيوخِ الهَرِمينَ.

كَتَبَ سيِّدُنا عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنهُ إلى عُمَّالِهِ: لا تَضرِبوا الجِزيَةَ على النِّساءِ ولا على الصِّبيانِ، وأن تَضرِبوا الجِزيَةَ على من جَرَت عليه الموسى ـ أي: دَخَلَ سِنَّ التَّكليفَ ـ من الرِّجالِ.

ثالثاً: حَذَّرَ الإسلامُ أتباعَهُ من جَورِ وظُلمِ المعاهِدِ، فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَتَلَ قَتِيلاً مِنْ أَهْلِ الذِّمَّةِ لَمْ يَرَحْ رَائِحَةَ الْجَنَّةِ، وَإِنَّ رِيحَهَا لَيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَاماً» رواه الإمام أحمد عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنهُ. ويقولُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَلَا مَنْ ظَلَمَ مُعَاهِداً، أَوِ انْتَقَصَهُ، أَوْ كَلَّفَهُ فَوْقَ طَاقَتِهِ، أَوْ أَخَذَ مِنْهُ شَيْئاً بِغَيْرِ طِيبِ نَفْسٍ، فَأَنَا حَجِيجُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» رواه أبو داوود عَنْ عِدَّةٍ مِنْ أَبْنَاءِ أَصْحَابِ رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَنْ آبَائِهِمْ دِنْيَةً(دِنْيَةً: يعني مُتَّصِلوا النَّسَبِ).

وبناء على ذلك:

فالجِزيَةُ التي فَرَضَها الإسلامُ على أهلِ الكتابِ هيَ من أجلِ رِعايَتِهِم وحِمايَتِهِم من أيِّ ظُلمٍ أو تَعَدٍّ، وإن وُجِدَ الفقيرُ منهُم فإنَّهُ يأخُذُ من بيتِ مالِ المسلمينَ ولا يَدفعُ شيئاً، ويبقى الواحِدُ منهُم يُمارِسُ عِبادَتَهُ بالشَّكلِ الذي يُريدُ، وبذلكَ يُحفَظُ المجتمعُ من الفَوضى والاعتِداءِ.

وهذهِ الجِزيَةُ تَبقى في ذِمَّةِ أهلِ الكتابِ حتَّى يَنزِلَ سيِّدُنا عيسى عليه السَّلامُ فَيَضَعَ عنهُمُ الجِزيَةَ، ويُكَذِّبَهُم فيما افتَرَوا عليه. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
8403 مشاهدة