أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

4950 - أصابته جنابة في بيت صديقه

19-03-2012 22597 مشاهدة
 السؤال :
 2012-03-11
رجل نام في بيت صديقه فاحتلم، وصار في حرجٍ شديد، وخشي من الاتهام، فهل يجزئه أن يتيمَّم ثم بعد ذلك يغتسل ويقضي الصلاة؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 4950
 2012-03-19

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

 أولاً: يقول الله تبارك وتعالى: {وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا}. ويقول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (لا تُقْبَلُ صَلاةٌ بِغَيْرِ طُهُورٍ) رواه الإمام مسلم عَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

ويقول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم:  (أُمِرَ بِعَبدٍ مِنْ عِبادِ اللهِ يُضرَبُ في قَبرِهِ مِائةَ جَلْدَةٍ، فَلَمْ يَزَلْ يَسأَلُ ويَدْعُو، حَتَّى صَارَتْ جَلدَةً واحدَةً، فَامتَلأَ قَبرُهُ عَلَيهِ نَاراً، فَلَمَّا ارْتَفَعَ عَنهُ وَأَفَاقَ، قال: عَلامَ جَلَدتُمُوني؟ قال: إِنَّكَ صَلَّيتَ صَلاةً بِغَيرِ طُهُورٍ، وَمَرَرْتَ عَلى مَظلُومٍ فَلَمْ تَنْصُرهُ) رواه أبو الشيخ ابن حبان في كتاب التوبيخ عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

ثانياً: يقول الإمام النووي رحمه الله تعالى: أجمع المسلمون على تحريم الصلاة على المُحدِث، وأجمعوا على أنها لا تصحُّ منه، سواء كان عالماً بحدثه، أو جاهلاً، أو ناسياً، لكنه إن صلَّى جاهلاً أو ناسياً فلا إثم عليه، وإن كان عالماً بالحدث وتحريمِ الصلاة مع الحدث، فقد ارتكب معصيةً عظيمةً، ولا يكفر عندنا بذلك إلا أن يستحلَّه، وقال أبو حنيفة: يكفر لاستهزائه. اهـ.

ثالثاً: يقول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (الحَيَاءُ كُلُّهُ خَيْرٌ) رواه الإمام مسلم عن عمران بن حصين رضي الله عنه. ومن استحيا من الله  عند معصيته استحيا اللهُ من عقوبته يوم يلقاه، ومن لم يستحِ من معصيته لم يستحِ الله من عقوبته.

فالحياء ممدوحٌ إذا كان يمنع العبد من معصية الله تعالى، وهو مذمومٌ إذا حملَ صاحبه على ترك واجبٍ من واجبات الشرع.

وبناء على ذلك:

 فمن أصبح جنباً في بيت صديقه وجب عليه أن يغتسل، ولا يجوز له أن يتوضَّأ أو يتيمَّم، وخوفُ الحرج أو الاستحياءُ ليس عذراً له يوجب الانتقال إلى التيمُّم.

وإن خَشِيَ على نفسه التُّهمة فعلاً، وغلب على ظنِّهِ لُصُوقُها به، فإنَّه يجب عليه أن يستأذن صديقه وينصرف إلى بيته أو إلى مكانٍ آخر للاغتسال والصلاة، ولا يجوز له التيمُّم لِمُجَرَّد حصول الظن أو وجود التُّهمة.

أمَّا إذا حصل عنده اليقين بأنَّ التُّهمة ستُلصق به، وعجز عن الخروج من بيت صديقه للاغتسال في مكانٍ آخر، ففي هذه الحالة يجوز له التيمُّم ويصلي، ثم بعد ذلك يغتسل ويقضي هذه الصلاة.

وأنا أستبعد هذه الصورة؛ لأنَّ مَبيتَه في بيت صديقه دليلٌ على ثقةِ المضيف بضيفه، لذلك فالمانع من الاغتسال هو الحياء، وهذا الحياء مذمومٌ شرعاً، لأنَّ الحقَّ أحقُّ أن يُتَّبع. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
22597 مشاهدة