أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

3910 - هل الله موجود في السماء؟

23-04-2011 131696 مشاهدة
 السؤال :
ذكرت في درس لك أنه لا يجوز للمصلي رفع بصره إلى السماء، لأن ذلك يعني أن الله موجود في السماء، وهذا معناه أننا قد حددنا الله بحيز مكاني وحاشا لله هذا، هل إذا نظر المصلي متوجهاً إلى الأمام معناه أن الله أمامه؟ هل إذا نظر المصلي إلى مكان سجوده أيضاً هو حدَّد الله مكان سجوده؟ كل من يصلي إماماً يقول: إن الله في قبلة المصلي لا تغفلوا عن الله، لماذا يقول هذا؟ ألا يحدد حيزاً لله بكلامه؟ الله تعالى قال: {فولِّ وجهك شطر المسجد الحرام} لماذا رفع الرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بصره إلى السماء عند وفاته؟ لماذا عندما دعا الرسول كان يرفع يديه إلى السماء حتى يرى بياض إبطيه؟ لماذا نرفع أيدينا إلى السماء أثناء الدعاء؟ قال الله تعالى: {أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض} {الرحمن على العرش استوى} الرسول عرج به إلى السماء الأولى فالثانية ثم إلى سدرة المنتهى، فما سبب ذلك؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 3910
 2011-04-23

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فقد ذكرتُ في الدرس الذي أشرتَ إليه حديث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ رَفْعِهِمْ أَبْصَارَهُمْ عِنْدَ الدُّعَاءِ فِي الصَّلاةِ إِلَى السَّمَاءِ، أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ) رواه مسلم، وذكرت أقوال شراح الحديث الثقات عن علة النهي، وهي: حتى لا يتوهم الداعي بأن الله تعالى تحدُّه جهة، فهو تبارك وتعالى خالق الجهة والزمان والمكان.

وأظن أنك تعلم بأنه يستحب للمصلي إذا وقف في صلاته أن ينظر موضع سجوده، فمن الذي قال لك: انظر إلى موضع سجودك لأن الله تعالى في هذا المكان؟

وما مدى صحة قول الإمام: الله في قبلة المصلي؟ وهل يعني أن الله تعالى قد حُيِّز في قبلة المصلي؟ تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً، بل هو كناية للفت المصلي إلى استحضار قلبه حين الصلاة ليعلم من يناجي؟

ولقد قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لسيدنا عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: (يا غلام إني أعلمك كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك)، فما معنى تجده تجاهك؟ لا بد من التأويل لكلام المصطفى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، لأن الله عز وجل يقول: {ليس كمثله شيء}.

والحديث الذي ذكرته عن النهي عن رفع البصر حتى لا يتوهم كما قلت الداعي ولا الناظر إليه، وهذا هو كمال التوجيه من سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (تجده تجاهك)، (لَيَنْتَهِيَنَّ أَقْوَامٌ عَنْ رَفْعِهِمْ أَبْصَارَهُمْ عِنْدَ الدُّعَاءِ فِي الصَّلاةِ إِلَى السَّمَاءِ، أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ)، وكمال التوجيه في القرآن العظيم: {وهو معكم أينما كنتم}، و{ليس كمثله شيء وهو السميع البصير}.

فلا نعطِّل ولا نشبِّه ونقول: {كل من عند ربنا}.

أما قوله تعالى: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ} فما ثبت والله تعالى أعلم بأن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم كان يدعو الله تعالى في الصلاة وهو ينظر إلى السماء، نعم لقد جاء في وصف أولي الألباب قوله تعالى: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَاب * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّار}، دعوا الله تعالى وهم يتفكرون في خلق السماوات والأرض، امتثالاً لأمر الله تعالى: {قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ}، فالذي يتفكر في المخلوقات ويدعو الله عز وجل، غير الذي يدعو الله وينظر إلى السماء ظناً بأن لله تعالى جهة.

ورفع اليدين أثناء الدعاء ليس دليلاً على أن الله تعالى متحيز في مكان، بل هو كناية عن العجز والفقر إلى من ندعوه.

وقوله تعالى: {أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء} هذا لا يعني بأن الله تعالى متحيز في السماء، لأن الله هو القائل: {وَهُوَ الَّذِي فِي السَّمَاء إِلَهٌ وَفِي الأَرْضِ إِلَهٌ}.

أخي الكريم هذه الآيات المتشابهات المطلوبُ منا الإيمان بها بأنها من عند الله عز وجل، بدون تشبيه ولا تمثيل ولا تكييف، ولا نثبت إلا ما أثبته الله عز وجل لنفسه وهو خالق كل شيء. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
131696 مشاهدة