أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

364 - اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً, ما صحته؟ وما معناه؟

09-06-2007 14 مشاهدة
 السؤال :
مَا صِحَّةُ قَوْلِ: (اعْمَلْ لِدُنْيَاكَ كَأَنَّكَ تَعِيشُ أَبَدًا، وَاعْمَلْ لِآخِرَتِكَ كَأَنَّكَ تَمُوتُ غَدًا)؟ وَمَا مَعْنَاهُ؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 364
 2007-06-09

 

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

هَذَا القَوْلُ مَشْهُورٌ عَلَى الأَلْسِنَةِ، وَهُوَ لَيْسَ بِحَدِيثٍ شَرِيفٍ عَنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، ـ وَاللهُ تعالى أعلم ـ بَلْ هُوَ مِنْ كَلَامِ سَيِّدِنَا عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا.

وَأَمَّا مَعْنَاهُ: اعْمَلْ لِدُنْيَاكَ، وَاطْلُبِ الحَلَالَ مِنْهَا، وَلَا تَعْجَلْ في طَلَبِهَا، وَلَا تَخَفْ مِنْ فَوَاتِهَا، وَقَدِّرْ أَنَّكَ سَتَعِيشُ فِيهَا أَبَدًا، فَمَا فَاتَكَ مِنْهَا اليَوْمَ تُحَصِّلُهُ في الغَدِ، أَوْ بَعْدَ غَدٍ، أَوْ في المُسْتَقْبَلِ وَلَوْ كَانَ بَعِيدًا، لِأَنَّ الدُّنْيَا فَانِيَةٌ، فَلَا يَكُنْ عِنْدَكَ الحِرْصُ عَلَى الفَانِي، لِأَنَّهُ لَوْ فَاتَكَ الفَانِي فَإِنَّكَ لَا تَتَضَرَّرُ بِفَوَاتِهِ، وَلَكِنْ كُنْ حَرِيصًا عَلَى آخِرَتِكَ، وَذَلِكَ بِكَثْرَةِ العَمَلِ الصَّالِحِ بَعْدَ الإِيمَانِ، وَقَدِّرْ بِأَنَّكَ لَنْ تَعِيشَ إِلَّا سُوَيْعَاتٍ، فَاغْتَنِمْهَا بِكَثْرَةِ العَمَلِ الصَّالِحِ، كَمَا أَشَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ إلى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: «بَادِرُوا بِالأَعْمَالِ سَبْعًا، هَلْ تَنْتَظِرُونَ إلَّا فَقْرًا مُنْسِيًا، أَوْ غِنًى مُطْغِيًا، أَوْ مَرَضًا مُفْسِدًا، أَوْ هَرَمًا مُفْنِدًا أَوْ مَوْتًا مُجْهِزًا، أَوِ الدَّجَّالَ، فَشَرُّ غَائِبٍ يُنْتَظَرُ، أَوِ السَّاعَةَ، فَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَالحَاكِمُ.

مَعْنَى: هَرَمًا مُفْنِدًا: كَلَامٌ مُنْحَرِفٌ عَنْ سُنَنِ الصِّحَّةِ، مِنَ الخَرَفِ وَالهَذَيَانِ.

مَوْتًا مُجْهِزًا: أَيْ مَوْتًا سَرِيعًا، أَوْ فَجْأَةُ.

فَمَعْنَى كَلَامِ سَيِّدِنَا عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو: الحِرْصُ عَلَى العَمَلِ الصَّالِحِ البَاقِي حَتَّى لَا يَفُوتَكَ، وَالتَّأَنِّي في طَلَبِ الدُّنْيَا كَأَنَّكَ تَعِيشُ دَهْرًا طَوِيلًا.

وَمَنْ كَانَ حِرْصُهُ عَلَى دُنْيَاهُ أَكْثَرَ مِنْ حِرْصِهِ عَلَى آخِرَتِهِ أَضَرَّ نَفْسَهُ بِذَلِكَ، لِذَلِكَ رَوَى الإِمَامُ أَحْمَدُ في مُسْنَدِهِ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَحَبَّ دُنْيَاهُ أَضَرَّ بِآخِرَتِهِ، وَمَنْ أَحَبَّ آخِرَتَهُ أَضَرَّ بِدُنْيَاهُ، فَآثِرُوا مَا يَبْقَى عَلَى مَا يَفْنَى». هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
14 مشاهدة