أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

6166 - توبة من ذهب إلى كاهن أو عراف

18-02-2014 27463 مشاهدة
 السؤال :
إذا أخطأ الإنسان وذهب إلى كاهن أو عراف، وسأله عن بعض الأمور التي حصلت معه، وندم يعد ذلك، فماذا يترتب عليه؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 6166
 2014-02-18

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: الشُّعورُ بالذَّنبِ والنَّدَمُ على فِعلِ المَعصِيَةِ دَليلٌ على صِحَّةِ الإيمانِ، وطَهارَةِ القَلبِ، وهذا فَضْلٌ من الله تعالى على عَبدِهِ، لأنَّ أصحابَ القُلوبِ العَامِرَةِ بالإيمانِ لا يُصِرُّونَ على ما فَعَلوا، ويَرجِعونَ إلى الله تعالى تائِبينَ، قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ اتَّقَوا إِذَا مَسَّهُمْ طَائِفٌ مِّنَ الشَّيْطَانِ تَذَكَّرُوا فَإِذَا هُم مُّبْصِرُون﴾. وقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُون﴾.

ثانياً: روى الإمام مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَوْ لَمْ تُذْنِبُوا لَذَهَبَ اللهُ بِكُمْ، وَلَجَاءَ بِقَوْمٍ يُذْنِبُونَ فَيَسْتَغْفِرُونَ اللهَ، فَيَغْفِرُ لَهُمْ».

وروى الإمام أحمد عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قال: «إنَّ رَجُلاً أَذْنَبَ ذَنْباً فَقَالَ: رَبِّ إِنِّي أَذْنَبْتُ ذَنْباً ـ أَوْ قَالَ: عَمِلْتُ عَمَلاً ذَنْباً فَاغْفِرْهُ ـ

فَقَالَ عَزَّ وَجَلَّ: عَبْدِي عَمِلَ ذَنْباً فَعَلِمَ أَنَّ لَهُ رَبَّاً يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ، قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي.

ثُمَّ عَمِلَ ذَنْباً آخَرَ ـ أَوْ أَذْنَبَ ذَنْباً آخَرَ ـ فَقَالَ: رَبِّ إِنِّي عَمِلْتُ ذَنْباً فَاغْفِرْهُ.

فَقَالَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: عَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبَّاً يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ، قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي.

ثُمَّ عَمِلَ ذَنْباً آخَرَ ـ أَوْ أَذْنَبَ ذَنْباً آخَرَ ـ فَقَالَ: رَبِّ إِنِّي عَمِلْتُ ذَنْباً فَاغْفِرْهُ.

فَقَالَ: عَلِمَ عَبْدِي أَنَّ لَهُ رَبَّاً يَغْفِرُ الذَّنْبَ وَيَأْخُذُ بِهِ، قَدْ غَفَرْتُ لِعَبْدِي، فَلْيَعْمَلْ مَا شَاءَ».

ثالثاً: روى الإمام مسلم عَنْ صَفِيَّةَ، عَنْ بَعْضِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ أَتَى عَرَّافاً فَسَأَلَهُ عَنْ شَيْءٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلَاةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً».

وروى الإمام أحمد عَنِ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَتَى حَائِضاً أَو امْرَأَةً فِي دُبُرِهَا أَوْ كَاهِناً فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ عَلَى مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ».

ونَصَّ الفُقَهاءُ على أنَّ من ذَهَبَ إلى عَرَّافٍ أو كاهِنٍ فَسَأَلَهُ فَصَدَّقَهُ، واعتَمَدَ قَولَهُ فقد كَذَّبَ القُرآنَ والعِياذُ بالله تعالى، قال تعالى: ﴿قُل لاَّ يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ الْغَيْبَ إِلا اللهُ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُون﴾. وبذلكَ يَكفُرُ العَبدُ والعِياذُ بالله تعالى، وأمَّا إذا لم يُصَدِّقْهُ بما قالَ فقد ارتَكَبَ كَبيرَةً من الكَبائِرِ في ذَهابِهِ إلى العَرَّافٍِ والكَاهِنِ.

وبناء على ذلك:

فَيَجِبُ عَلى الإنسانِ الذي ذَهَبَ إلى كَاهِنٍ أو عَرَّافٍ أن يَتوبَ إلى الله تعالى تَوبَةً صَادِقَةً نَصوحاً مُحَقِّقاً شُروطَها، ولْيَتَذَكَّرْ بَعدَ ذلكَ قَولَ الله تعالى: ﴿أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيم﴾. وقَولَهُ تعالى: ﴿إِلا مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَّحِيماً﴾.

وإن صَدَّقَ الكَاهِنَ أو العَرَّافَ فيما قالَ فَعَلَيهِ أن يُجَدِّدَ إسلامَهُ، وإن كانَ مُتَزَوِّجاً فالأحوَطُ لهُ أن يُجَدِّدَ العَقْدَ على زَوجَتِهِ. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
27463 مشاهدة