أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

6494 - {وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ}

04-09-2014 34287 مشاهدة
 السؤال :
ما معنى قول الله تعالى: {وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ}؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 6494
 2014-09-04

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَقُولُ ابنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللهُ تعالى في تَفسِيرِهِ عند هذهِ الآيَةِ: وإنَّ جَمِيعَ الأُمَمِ المَاضِيَةِ والآتِيَةِ سَتُحضَرُ للحِسَابِ يَومَ القِيَامِ بَينَ يَدَيِ اللهِ عزَّ وجلَّ، فَيُجَازِيهِم بِأَعمَالِهِم كُلِّهَا خَيرِهَا وشَرِّهَا، ومَعنَى هذهِ كَقَولِهِ تعالى: ﴿وَإِنَّ كُلَّاً لَمَّا لَيُوَفِّيَنَّهُمْ رَبُّكَ أَعْمَالَهُمْ﴾.

وقد اختَلَفَ القُرَّاءُ في أَدَاءِ هذا الحَرفِ؛ فَمِنهُم مَنْ قَرَأَ: ﴿وَإنْ كُلٌّ لَمَا﴾ بالتَّخفِيفِ، فَعِندَهُ أنَّ ﴿إنْ﴾ للإِثبَاتِ، ومِنهُم مَنْ شَدَّدَ ﴿لَمَّا﴾ وجَعَلَ ﴿إن﴾ نَافِيَةً،  و﴿لمَّا﴾ بِمَعنَى (إلا) تَقدِيرُهُ: وما كُلٌّ إلا جَمِيعٌ لَدَينَا مُحضَرُونَ، ومَعنَى القِرَاءَتَينِ وَاحِدٌ، واللهُ أَعلَمُ.

وبناء على ذلك:

فالآيَةُ الكَرِيمَةُ جَمَعَت بَينَ لَفظَيِ التَّوكِيدِ: كُلٌّ، وَجَمِيعٌ، والجَمْعُ بَينَهُمَا ضَرُورِيٌّ، فالكُلِّيَّةُ في قَولِهِ تعالى: ﴿كُلٌّ﴾ تُفِيدُ الشُّمُولَ للأفرَادِ في الرُّجُوعِ، فَكُلُّ فَردٍ مِنهُم رَاجِعٌ إلى اللهِ تعالى بِمُفرَدِهِ، لِتُرَى الذِّلَّةُ والصَّغَارُ على المُسرِفِينَ والكَافِرِينَ.

أمَّا قَولُهُ تعالى: ﴿جَمِيعٌ﴾ فَيَعنِي: يَأتُونَ مُجتَمِعِينَ.

وهذهِ الآيَةُ الكَرِيمَةُ دَلِيلٌ على أنَّهُ لَيسَ من أَهلَكَهُ اللهُ تعالى تَرَكَهُ، بل بَعدَهُ جَمعٌ وحِسَابٌ، وحَبسٌ وعِقَابٌ، ولو أنَّ من أُهلِكَ تُرِكَ لَكَانَ المَوتُ رَاحَةً، كَمَا قَالَ القَائِلُ:

ولو أَنَّا إذا مِتنَا تُرِكنَا   ***   لَكَانَ المَوتُ رَاحَةَ كُلِّ حَيِّ

ولـكِنَّا إذا مِتنَا بُعِثنَا   ***   ونُسأَلُ بَـعدَهُ عن كُلِّ شَي

أَسأَلُ اللهَ تعالى حُسْنَ الخِتَامِ. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
34287 مشاهدة