أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

1561 - تعرف على فتاة وعاهدها ألا يخونها ثم خانها

24-11-2008 76405 مشاهدة
 السؤال :
تعرف شاب على فتاة وعاهدها ألا يتكلم مع غيرها في الحب والغزل وحلف ألا يخونها، والفتاة شاذة جنسياً، ثم حلَّفها أن تصارحه عن ماضيها السيئ، فحدثته عن ذلك وعاهدته ألا تزني مرة أخرى، ووفت بعهدها، ولكنه خانها وتكلم مع غيرها، والآن ندم على ذلك، فما هي نصيحتكم لهذا الشاب، وماذا يترتب على كل منهما؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 1561
 2008-11-24

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فهذه طرق شيطانية دفع فيها الكثيرَ من الشباب والشابات ليحلفوا على معصية الله وهم لا يشعرون، واستدرجهم الشيطان على سبل الغواية فوقعوا فيها وهم لا يشعرون، ونسوا قول الله تعالى: {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِير}. ونسوا قول الله تعالى: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاَنًا خَلِيلاً * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولاً}.

أولاً: هذا الشاب وقع في الخيانة عندما حلف لها أن لا يتكلم مع غيرها، حيث ضيَّع أمانة الله تعالى التي حملها، قال تعالى: {إِنَّا عَرَضْنَا الأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولاً}. فهو ضيَّع هذه الأمانة ووقع في الخيانة عندما جعل علاقته مع امرأة أجنبية عنه، وهل يرضى هذا الشاب أن يجعل أحد من الشباب علاقة كهذه العلاقة مع بعض محارمه؟

ثانياً: هذا الشاب وقع في خيانة شرعية ثانية عندما استحلف المرأة بالله أن تحدثه عن ماضيها السيئ، حيث قام بتتبع العورات، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: (يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ وَلَمْ يَدْخُلْ الإِيمَانُ قَلْبَهُ لا تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ، وَلا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنْ يَتَّبِعْ عَوْرَاتِهِمْ يَتَّبِعْ اللَّهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ يَتَّبِعْ اللَّهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ فِي بَيْتِهِ) رواه الترمذي وأحمد. ويقول صلى الله عليه وسلم: (إِذَا ظَنَنْتَ فَلا تُحَقِّقْ) رواه الطبراني.

ولماذا يحقِّق معها هل هو ولي أمرها؟ والله ما هي إلَّا خطوات شيطانية، ومن غباء المرأة أن تفضح نفسها بعد أن سترها الله تعالى.

ثالثاً: وهذه الفتاة وقعت في خيانة الأمانة أمانة التشريع التي أناطها الله في رقبتها، خانت الله عز وجل حيث اجترأت على مخالفة أمر الله عز وجل، وخانت أهلها بعلاقاتها مع الشباب الأجانب عنها، أما تفكر هذه الفتاة بنتيجة فعلها هذا في الدنيا قبل الآخرة؟

رابعاً: نصيحتي لكل شاب وشابة هي قول الله تعالى: {وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ الله}. ومن تقوى الله تعالى تقطيع جميع العلاقات بين الجنسين.

وأن يتذكَّر كل واحد منا قول الله تعالى: {وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا}.

وأن يتذكَّر كلُّ شابٍّ وشابَّة سلكا هذا الطريق بأنَّ حياتهما لن تستقر في المستقبل لأنَّ كل واحد منهما يسيء الظن في صاحبه.

أُذكِّر كلَّ شابٍّ وشابَّة بيوم القيامة، وبقول الله عز وجل: {وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لاَ يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً إِلاَّ أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلاَ يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا}. وبقوله تعالى: {وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا * اقْرَأْ كَتَابَكَ كَفَى بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا}.

ما رأي الشابِّ والشابَّة ـ إذا عُرِض الكتاب يوم القيامة على رؤوس الأشهاد ـ بهذه الأفعال التي تسوِّد الوجه؟

وأخيراً:

الحمد لله الذي فتح لنا باب التوبة، والحمد لله القائل: {وَلاَ يَزْنُونَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَاماً * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا}.

والحمد لله الذي يبسط يديه بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يديه بالنهار ليتوب مسيء الليل.

والحمد لله الذي أمدَّ في العمر بعد المعصية لنتوب، فهل من تائب قبل الموت؟ فهل من تاب قبل أن يقول: {رَبِّ ارْجِعُون * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلاَّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُون}؟ فهل من تائب لله عز وجل قبل أن يفضحه الله تعالى؟

نسأل الله تعالى أن يرزقنا توبة صادقة نصوحاً لا ننقض عهدها أبداً، وأن يحفظ شبابنا وشاباتنا من جميع الفتن ما ظهر منها وما بطن. آمين. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
76405 مشاهدة