أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

1260 - هل تسقط صلاة الجمعة عمن أكل الثوم أو البصل؟

22-07-2008 3050 مشاهدة
 السؤال :
هل تسقط صلاة الجمعة عمَّن أكل الثوم أو البصل؟ أم تجب عليه ويكون آثماً بإيذائه للمسلمين بالرائحة الكريهة؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 1260
 2008-07-22

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَأَكْلُ الثُّومِ وَالبَصَلِ جَائِزٌ مَعَ الكَرَاهَةِ، لِمَا وَرَدَ عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، أَنَّهُ كَانَ يَصْنَعُ للنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ طَعَامًا، فَإِذَا جِيءَ بِهِ إِلَيْهِ سَأَلَ عَنْ مَوْضِعِ أَصَابِعِهِ فَيَتَتَبَّعُ مَوْضِعَ أَصَابِعِهِ، فَصَنَعَ لَهُ طَعَامًا فِيهِ ثُومٌ، فَلَمَّا رُدَّ إِلَيْهِ سَأَلَ عَنْ مَوْضِعِ أَصَابِعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَقِيلَ لَهُ: لَمْ يَأْكُلْ، فَفَزِعَ وَصَعِدَ إِلَيْهِ، فَقَالَ: أَحَرَامٌ هُوَ؟

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا وَلَكِنِّي أَكْرَهُهُ».

قَالَ: فَإِنِّي أَكْرَهُ مَا تَكْرَهُ. رواه الإمام مسلم. هَذَا أولًا.

ثانيًا: ذَكَرَ الفُقَهَاءُ بِأَنَّهُ يُسْتَحَبُّ تَطْيِيبُ المَسَاجِدِ، وَأَنْ تُصَانَ عَنِ الرَّائِحَةِ الكَرِيهَةِ مِنْ ثُومٍ أَو بَصَلٍ أَو دُخَانٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ.

وَيُكْرَهُ لِمَنْ أَكَلَ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ دُخُولُ المَسْجِدِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَحَدٌ مِنَ النَّاسِ.

ثالثًا: مِنَ الأَعْذَارِ التي تُسْقِطُ صَلَاةَ الجَمَاعَةِ:

أَكْلُ مُنْتِنٍ نَيٍّئٍ، فَيُكْرَهُ لِمَنْ أَكَلَ ثُومًا أَو بَصَلًا أَو فُجْلًا حُضُورُ صَلَاةِ الجَمَاعَةِ حَتَّى يُذْهِبَ رِيحَهُ، لِأَنَّ المَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى بِرِيحِهِ، لِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ الْإِنْسَانُ» رواه ابن ماجه.

وَلِقَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَكَلَ ثُومًا، أَوْ بَصَلًا فَلْيَعْتَزِلْنَا، وَلْيَعْتَزِلْ مَسْجِدَنَا، وَلْيَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ» رواه النسائي.

وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ أَكَلَ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ الْخَبِيثَةِ شَيْئًا، فَلَا يَقْرَبَنَّا فِي الْمَسْجِدِ» رواه الإمام مسلم.

وَمِثْلُ ذَلِكَ مَنْ بِثِيَابِهِ أَو بَدَنِهِ رِيحٌ كَرِيهَةٌ، كَقَصَّابٍ، وَكَأَصْحَابِ المِهَنِ التي لَهَا رَائِحَةٌ كَرِيهَةٌ، وَمِنَ الرِّيحِ الكَرِيهَةِ الدُّخَانُ الذي ابْتُلِيَ بِهِ كَثِيرٌ مِنَ المُسْلِمِينَ، جَعَلَ اللهُ عَاقِبَتَهُ كَأَنَّهُ مَا كَانَ.

لِذَلِكَ وَجَبَ عَلَى مَنْ أَكَلَ الثُّومَ وَالبَصَلَ أَنْ يُزِيلَ تِلْكَ الرَّائِحَةَ الكَرِيهَةَ، إِذَا سَهُلَ عَلَيْهِ أَمْرُ إِزَالَتِهَا، حَتَّى يَشْهَدَ الجَمَاعَةَ، وَإِذَا تَعَذَّرَ عَلَيْهِ مُعَالَجَةُ هَذِهِ الرَّائِحَةِ كَانَ لَهُ العُذْرُ في تَرْكِ الجَمَاعَةِ.

رابعًا: أَمَّا بِالنِّسْبَةِ لِصَلَاةِ الجُمُعَةِ، هَلْ تَسْقُطُ عَمَّنْ أَكَلَ الثُّومَ وَالبَصَلَ؟ فَظَاهِرُ النُّصُوصِ أَنَّهَا تَسْقُطُ عَنْهُ بِسَبَبِ أَكْلِهِمَا جَاهِلًا بِأَنَّهُ يَوْمُ الجُمُعَةِ، أَو نَاسِيًا، أَو عَنْ غَيْرِ قَصْدٍ، أَمَّا مَنْ قَصَدَ أَكْلَ الثُّومِ وَالبَصَلِ أَو شُرْبَ الدُّخَانِ، وَهُوَ يَذْكُرُ صَلَاةَ الجُمُعَةِ، حَرُمَ عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَوَجَبَ عَلَيْهِ إِزَالَةُ تِلْكَ الرَّائِحَةِ، وَلَمْ تَسْقُطْ عَنْهُ الجُمُعَةُ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ حُضُورُ الجُمُعَةِ، وَيَكُونُ آثِمًا لِإِيذَائِهِ المُسْلِمِينَ بِتِلْكَ الرَّائِحَةِ.

وَبِنَاءً عَلَى ذَلِكَ:

فَمَنْ أَكَلَ الثُّومَ أَو البَصَلَ يَوْمَ الجُمُعَةِ قَبْلَ الصَّلَاةِ نَاسِيًا أَو جَاهِلًا، أَو عَنْ غَيْرِ قَصْدٍ، وَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَتَخَلَّصَ مِنْ تِلْكَ الرَّائِحَةِ، فَنَرْجُو اللهَ عَزَّ وَجَلَّ أَنْ يُعْفَى مِنْهَا، وَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ، وَيُصَلِّي صَلَاةَ الظُّهْرِ بَدَلًا مِنْهَا.

أَمَّا إِذَا قَصَدَ الأَكْلَ مِنَ الثُّومِ أَو البَصَلِ لِإِسْقَاطِ صَلَاةِ الجُمُعَةِ عَنْهُ فَيَكُونُ آثِمًا في أَكْلِهِ، وَلَا تَسْقُطُ عَنْهُ الجُمُعَةُ، وَيَجِبُ عَلَيْهِ إِزَالَةُ تِلْكَ الرَّائِحَةِ النَّتِنَةِ، وَالذَّهَابُ إلى صَلَاةِ الجُمُعَةِ وَلَو لَمْ تَذْهَبِ الرَّائِحَةُ، وَيَكُونُ آثِمًا كَذَلِكَ بِإِيذَائِهِ المُسْلِمِينَ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
3050 مشاهدة
الملف المرفق