342ـ خطبة الجمعة: الإيمان بالله تعالى يفجر الأمل في النفوس

342ـ خطبة الجمعة: الإيمان بالله تعالى يفجر الأمل في النفوس

 

 مقدمة الخطبة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيا عِبادَ الله، في هذهِ الآوِنَةِ العَصيبَةِ التي تَمُرُّ بها الأمَّةُ في هذا البَلَدِ، وَصَلَ اليَأسُ والقُنوطُ والتَّشاؤُمُ إلى قُلوبِ بعضِ المسلِمينَ، وإذا ذَهَبْتَ تُحَدِّثُهُم عن الأمَلِ والتَّفاؤُلِ تَعَجَّبوا من حديثِكَ.

أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: إنَّ اليَأسَ والقُنوطَ والتَّشاؤُمَ داءٌ، ودواؤُهُ الأمَلُ والتَّفاؤُلُ، وإنَّ من وَفاءِ الأجهِزَةِ الإعلامِيَّةِ العَرَبِيَّةِ للنَّاسِ أنَّهُم يَبُثُّونَ الدَّاءَ دونَ الدَّواءِ، يَبُثُّونَ اليَأسَ والقُنوطَ والتَّشاؤُمَ، ولا يَبُثُّونَ الأمَلَ والتَّفاؤُلَ.

وإنَّ الكثيرَ من النَّاسِ أقبَلَ إلى أجهِزَةِ الإعلامِ فاتِحاً صَدرَهُ وقَلبَهُ لها، لِتَبُثَّ فيهِ هذا اليأسَ والقُنوطَ والتَّشاؤُمَ، حتَّى تَمَكَّنَ ذلكَ من بعضِ القُلوبِ.

اليأسُ والقُنوطُ والتَّشاؤُمُ من صِفَةِ العبدِ الكافِرِ:

أيُّهَا الإخوَةُ الكرام: لقد تَرَكَنا سيِّدَنا رسولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ على المَحَجَّةِ البيضاءِ، ليلُها كَنَهارِها لا يَزيغُ عنها إلا هالِكٌ، ولقد بَيَّنَ لنا ربُّنا عزَّ وجلَّ في كِتابِهِ العظيمِ بأنَّ اليَأسَ والقُنوطَ والتَّشاؤُمَ من وَصْفِ العبدِ الكافِرِ الذي لا يُؤمِنُ بِقُدرَةِ الله تعالى، ولا يُؤمِنُ بأنَّ اللهَ تعالى لا يُعجِزُهُ شيءٌ في الأرضِ ولا في السَّماءِ، ولا يُؤمِنُ بأنَّ اللهَ تعالى إذا أرادَ شيئاً قالَ له: كُن فَيكونُ.

قال تعالى في وَصْفِ العبدِ الكافِرِ: ﴿إِنَّهُ لا يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ الله إِلا الْقَوْمُ الْكَافِرُون﴾. وقال تعالى: ﴿وَلَئِنْ أَذَقْنَا الإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً ثُمَّ نَزَعْنَاهَا مِنْهُ إِنَّهُ لَيَئُوسٌ كَفُور﴾. وقال تعالى: ﴿وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلا الضَّالُّون﴾.

اليأسُ كبيرَةٌ من الكبائِرِ، يقولُ ابنُ مَسعودٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ: أَكْبَرُ الْكَبَائِرِ: الإِشْرَاكُ بالله، وَالأَمْنُ مِنْ مَكْرِ الله، وَالْقَنُوطُ مِنْ رَحْمَةِ الله، وَالْيَأْسُ مِنْ رَوْحِ الله. رواه الطبراني في الكبير.

ويقولُ رَضِيَ اللهُ عنهُ: الْهَلَاكُ فِي اثْنَتَيْنِ، الْقُنُوطِ وَالْعُجْبِ. إحياء علوم الدين.

الإيمانُ بالله تعالى يُفَجِّرُ الأمَلَ في النُّفوسِ:

يا عِبادَ الله، المؤمنُ الحَقُّ لا يَعرِفُ اليَأسَ والقُنوطَ والتَّشاؤُمَ، الإنسانُ المؤمنُ الحَقُّ هوَ الذي يُفَجِّرُ الأمَلَ في نفسِهِ من خِلالِ إيمانِهِ بالله تعالى صاحِبِ القُدرَةِ المطلَقَةِ، الذي لا يُعجِزُهُ شيءٌ في الأرضِ ولا في السَّماءِ.

أولاً: الإيمانُ يُفَجِّرُ الأمَلَ من خِلالِ مُداوَلَةِ الأيَّامِ:

يا عِبادَ الله، المؤمنُ يُفَجِّرُ الأمَلَ في نفسِهِ من خِلالِ قولِهِ تعالى: ﴿وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ﴾. فمن المُحالِ دَوَامُ الحَالِ، فَاللهُ تعالى قَادِرٌ على أن يُبَدِّلَ خَوفَنَا أَمنَاً، قادِرٌ على أن يُبَدِّلَ هَمَّنا فَرَجاً، قادِرٌ على أن يُبَدِّلَ ذُلَّنا عِزَّاً، قادِرٌ على أن يُبَدِّلَ تَمَزُّقَنا جَمعاً، قَادِرٌ على أن يُبَدِّلَ فَقْرَنا غِنىً، قَادِرٌ على أن يُبَدِّلَ ضِيقَنا مَخرجاً، قاَدِرٌ على أن يَجعَلَ كَيدَ من كَادَنا في نَحرِهِ، وأن يَجعَلَ تَدبِيرَهُم في تَدمِيرِهِم، قادِرٌ على أن يُمَزِّقَ من أرادَ الأمَّةَ بِسوءٍ شَرَّ مُمَزَّقٍ، لأنَّهُ القائِلُ: ﴿وَتِلْكَ الأيَّامُ نُدَاوِلُهَا بَيْنَ النَّاسِ﴾.

ثانياً: الإيمانُ فَجَّرَ الأمَلَ في نفسِ سيِّدِنا إبراهيمَ عليهِ السَّلامُ:

يا عِبادَ الله، إنَّ الإيمانَ فَجَّرَ الأمَلَ في نفسِ سيِّدِنا إبراهيمَ عليهِ السَّلامُ عندما بَلَغَ من العُمُرِ عِتِيَّاً، فَسَألَ ربَّهُ عزَّ وجلَّ الوَلَدَ، فقال: ﴿رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِين﴾. من أينَ تكونُ الذُّرِّيَّةُ للرَّجُلِ على كِبَرٍ؟ نعم، إنَّهُ يَسألُ الذي لا يُعجِزُهُ شيءٌ في الأرضِ ولا في السَّماءِ، فاستَجابَ اللهُ تعالى له، قال تعالى مُخبِراً عن سيِّدِنا إبراهيمَ عليه السَّلامُ: ﴿الْحَمْدُ لله الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاء﴾.

يا عِبادَ الله، عَلِّقوا آمالَكُم بالله تعالى، وأكثِروا من الدُّعاءِ، فاللهُ تعالى قادِرٌ على أن يُخرِجَ هذا البَلَدَ من هذا الضِّيقِ، وأكثِروا من قَولِ: حَسبُنا اللهُ ونِعمَ الوَكيلُ.

هذا سيِّدُنا إبراهيمُ عليهِ السَّلامُ عندما جَعَلَهُ نُمروذُ في المنجنيقِ لِيَقذِفَهُ في النَّارِ، جاءَهُ سيِّدُنا جِبريلُ عليه السَّلامُ، فقال له: أَلَكَ حَاجَةٌ ؟

فَقَالَ: أَمَّا إِلَيْكَ فَلَا.

قال: سَل ربَّكَ.

فقال: حسبُنا الله ونِعمَ الوكيلُ. رواه البيهقي في شعب الإيمان عن بِشرِ بنِ الحَارِثِ رَضِيَ اللهُ عنهُ وفي رواية للترمذي في نوادر الأصول، قال: حَسبِي من سُؤَالي عِلمُهُ بِحَالي.

فكانَتِ النَّتيجَةُ: ﴿قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلاماً عَلَى إِبْرَاهِيم﴾.

فأكثِروا من قولِ: حَسبُنا اللهُ ونِعمَ الوَكيلُ، لأنَّ اللهَ تعالى يقولُ في كِتابِهِ العظيمِ عن الصَّحبِ الكِرامِ عندما جَمَّعَ النَّاسُ لهُمُ الجُموعَ: ﴿الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيل﴾. فقال اللهُ تعالى عَقِبَ الآيَةِ: ﴿فَانقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِّنَ الله وَفَضْلٍ لَّمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ الله واللهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيم﴾.

ثالثاً: الإيمانُ فَجَّرَ الأمَلَ في نفسِ سيِّدِنا زكريَّا عليهِ السَّلامُ:

يا عِبادَ الله، إنَّ الإيمانَ فَجَّرَ الأمَلَ في نفسِ سيِّدِنا زكريَّا عليهِ السَّلامُ عندما وَهَنَ العظمُ منهُ واشتَعَلَ الرَّأسُ شَيباً، وكانَتِ امرأتُهُ عاقِراً، فَسَألَ اللهَ تعالى ولِيَّاً له حتى يَرِثَهُ ويَرِثَ آلَ يَعقُوبَ مِن بَعدِهِ، قال تعالى: ﴿كهيعص * ذِكْرُ رَحْمَةِ رَبِّكَ عَبْدَهُ زَكَرِيَّا * إِذْ نَادَى رَبَّهُ نِدَاء خَفِيَّاً * قَالَ رَبِّ إِنِّي وَهَنَ الْعَظْمُ مِنِّي وَاشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً وَلَمْ أَكُن بِدُعَائِكَ رَبِّ شَقِيَّاً * وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِراً فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيَّاً * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيَّاً﴾ فَجَاءَ الجَوابُ مِن الله تعالى: ﴿يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيَّاً﴾.

يا عِبادَ الله، نادوا اللهَ تعالى في جَوفِ اللَّيلِ نِداءً خَفِيَّاً، ولن تَكونوا بإذنِ الله تعالى بِدُعاءِ ربِّكُم أشقِياءَ.

رابعاً: الإيمانُ فَجَّرَ الأمَلَ في نفسِ سيِّدِنا أيُّوبَ عليهِ السَّلامُ:

يا عِبادَ الله، إنَّ الإيمانَ فَجَّرَ الأمَلَ في نفسِ سيِّدِنا أيُّوبَ عليهِ السَّلامُ الذي اشتَدَّ بلاؤُهُ، وكانَ صابِراً على البلاءِ حتَّى صارَ مَضرِبَ مَثَلٍ فيُقالُ: يا صَبرَ أيُّوبَ.

ونالَ بِبَرَكَةِ صَبْرِهِ شَهادَةَ الله عزَّ وجلَّ له، قال تعالى: ﴿إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّاب﴾.

سيِّدُنا أيُّوبُ عليهِ السَّلامُ أخبَرَ عنهُ مولانا عزَّ وجلَّ بقولِهِ: ﴿وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِين * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِين﴾. فهذهِ الآيَةُ الكريمَةُ ذِكرَى لَكُم يَا مَعشَرَ العُبَّادِ، فَأكثِروا من قَولِ: إنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِين.

خامساً: الإيمانُ فَجَّرَ الأمَلَ في نفسِ سيِّدِنا يونسَ عليهِ السَّلامُ:

يا عِبادَ الله، إنَّ الإيمانَ فَجَّرَ الأمَلَ في نفسِ سيِّدِنا أيُّوبَ عليهِ السَّلامُ، فلم ييأس عندما صارَ في بطنِ الحوتِ، قال تعالى: ﴿وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ﴾. أحذَرُ أن تَظُنَّ أنَّ سيِّدَنا يونُسَ عليهِ السَّلامُ ظَنَّ بأنَّ اللهَ تعالى ليسَ بقادِرٍ عليهِ، معاذَ الله، هذا الاعتِقادُ لا يَعتَقِدُهُ الواحِدُ منَّا، فكيفَ بسيِّدِنا يونُسَ عليهِ السَّلامُ؟

المقصودُ من قولِهِ: ﴿فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ﴾ يعني: فَظَنَّ أنْ لن نُضَيِّقَ عليه، وهذا كقولِهِ تعالى: ﴿وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ﴾ أي ضَيَّقَ عليه رِزقَهُ.

فسيِّدُنا يونُسُ عليهِ السَّلامُ عندما ضَيَّقَ عليه ربُّنا عزَّ وجلَّ، وجَعَلَهُ في ظُلُماتٍ ثلاثٍ، ظُلمَةِ بطنِ الحوتِ، وظُلمَةِ البحرِ، وظُلمَةِ اللَّيلِ ﴿فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَن لا إِلَهَ إِلا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِين * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ﴾. وهذهِ ليسَت من خُصوصِيَّاتِهِ عليهِ السَّلامُ، بل هيَ عامَّةٌ للمؤمنينَ، قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ نُنجِي الْمُؤْمِنِين﴾.

نَسألُ اللهَ تعالى أن يُنجِيَنا من هذا الغَمِّ والهَمِّ والكربِ العظيمِ.

اللَّهُمَّ يا من إذا وَعَدَ وَفى، وإذا تَوَعَّدَ تَجاوَزَ وعَفا، أدخِل عظيمَ جُرمِنا في عظيمِ عَفوِكَ يا أرحَمَ الرَّاحمينَ، يا ولِيَّ نِعمَتِنا، يا ملاذَنا عندَ كُربَتِنا، اِجعَل كَيدَ من كادَنا برداً وسلاماً علينا، كما جَعَلتَ النَّارَ برداً وسلاماً على سيِّدِنا إبراهيمَ عليه السلام.

 سادساً: الإيمانُ فَجَّرَ الأمَلَ في نفسِ سيِّدِنا موسى عليهِ السَّلامُ:

يا عِبادَ الله، إنَّ الإيمانَ فَجَّرَ الأمَلَ في نفسِ سيِّدِنا موسى عليهِ السَّلامُ عندما خَرَجَ بِقَومِهِ وتَبِعَهُ فِرعَونُ وقَومُهُ، وما أدراكَ ما فِرعَونُ؟ قال تعالى في حَقِّهِ: ﴿وَفِرْعَوْنَ ذِي الأَوْتَاد * الَّذِينَ طَغَوا فِي الْبِلاد * فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَاد﴾. لن يَترُكَ ربُّنا عزَّ وجلَّ الطَّاغينَ المفسِدينَ مهما طالَ أمَدُهُم.

قال تعالى في قِصَّةِ سيِّدِنا موسى عليه السَّلامُ وقَومِهِ المستَضعَفينَ: ﴿فَلَمَّا تَرَاءى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُون﴾. وهذا كلامٌ حَقٌّ من حيثُ الأسبابُ، ولكنَّ الإيمانَ يُفَجِّرُ الأمَلَ، فقال سيِّدُنا موسى عليهِ السَّلامُ: ﴿كَلا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِين﴾.

فماذا كانَتِ النَّتيجَةُ؟ كانَت كما قالَ تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِي فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقاً فِي الْبَحْرِ يَبَساً لا تَخَافُ دَرَكاً وَلا تَخْشَى * فَأَتْبَعَهُمْ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ فَغَشِيَهُم مِّنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُم * وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى﴾.

خاتِمَةٌ ـ نسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:

يا عِبادَ الله، اِحذَروا اليَأسَ والقُنوطَ والتَّشاؤُمَ فإنَّهُ داءٌ، وعليكُم بالأمَلِ والتَّفاؤُلِ فإنَّهُ الدَّواءُ، إذا ضاقَت عليكُم أنفُسُكُم فَعَلَيكُم بِكِتابِ ربِّكُم عزَّ وجلَّ، وقِراءَةِ سِيرَةِ نَبِيِكُم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، واحذَروا أجهِزَةَ الإعلامِ التي تَبُثُّ الدَّاءَ دونَ الدَّواءِ.

ورَضِيَ اللهُ تعالى عن سيِّدِنا عليٍّ حينَ قال:

إِذَا اشْتَمَلَتْ عَلَى الْيَأْسِ الْقُلُوبُ   ***   وَضَاقَ بِمَا بِهِ الصَّدْرُ الرَّحِيبُ

وَأَوْطَنَـتِ الْمَــكَارِهُ وَاطْـمَـأَنَّتْ   ***   وَأَرْسَـتْ فِي أَمَاكِنِهَا الْخُطُوبُ

وَلَمْ تَـرَ لِانْـكِشَـافِ الضُّرِّ وَجْهاً   ***   وَلَا أَغْـنَى بِـحِيـلَتِهِ الْأَرِيــبُ

أَتَـاكَ عَـلَى قُنُـوطٍ مِـنْكَ غَـوْثٌ   ***   يَجِيءُ بِـهِ الْـقَرِيـبُ الْمُسْتَـجِيبُ

وَكُـلُّ الْحَـادِثَـاتِ إِذَا تَـنَـاهَـتْ   ***   فَـمَوْصُـولٌ بِهَا الْـفَرَجُ الْقَرِيبُ

يا عِبادَ الله، لا تيأسوا، ولا تَقنَطوا، ولا تَتَشاءَموا مهما سُفِكَتِ الدِّماءُ، وسُلِبَتِ الأموالُ، وتَهَدَّمَتِ البُيوتُ، فالكُلُّ عائِدٌ إلى الله تعالى، والحِسابُ على الله تعالى، والفَرَجُ مَوصولٌ بالشَّدائِدِ.

نِسألُ الله تعالى أن يُعَجِّلَ الفَرَجَ، وأن لا يُحَمِّلَنا ما لا طاقَةَ لنا به. آمين.

أقولُ هَذا القَولَ، وأَستَغفِرُ اللهَ لِي ولَكُم، فَاستَغفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيم.

**        **     **

تاريخ الخطبة:

الجمعة: 9/شوال /1434هـ، الموافق: 16/آب / 2013م

 2013-08-16
 9153
الشيخ أحمد شريف النعسان
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  خطب الجمعة

19-04-2024 159 مشاهدة
910ـ خطبة الجمعة: آثار الحج على النفس (1)

أَتَوَجَّهُ إلى السَّادَةِ حُجَّاجِ بَيْتِ اللهِ الحَرَامِ، لِأَقُولَ لَهُمْ: هَنيئًا لَكُمْ يَا مَنْ لَبَّيْتُمْ أَمْرَ اللهِ تعالى القَائِلِ: ﴿وَللهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ ... المزيد

 19-04-2024
 
 159
12-04-2024 804 مشاهدة
909ـ خطبة الجمعة: تعزية لمن أصيب بدينه

إِنَّ مِنْ أَعْظَمِ المَصَائِبِ مُصِيبَةَ الدِّينِ، لِأَنَّهُ مَهْمَا عَظُمَتْ مَصَائِبُ الدُّنْيَا فَسَوْفَ تَنْقَضِي، وَرُبَّمَا يُجْبَرُ صَاحِبُهَا وَيُعَوِّضُ مَا فَاتَهُ، أَمَّا مُصِيبَةُ الدِّينِ فَإِنَّهَا تَذْهَبُ بِسَعَادَةِ العَبْدِ ... المزيد

 12-04-2024
 
 804
09-04-2024 600 مشاهدة
908ـ خطبة عيد الفطر 1445 هـ:هنيئا لك يوم الجائزة إن كنت من المقبولين

هَا نَحْنُ في عِيدِ الفَطْرِ الذي جَاءَنَا بَعْدَ صِيَامِ شَهْرِ رَمَضَانَ شَهْرِ القُرْآنِ شَهْرِ الصِّيَامِ وَالقُرْآنِ، لَقَدْ كَانَ شَهْرُ رَمَضَانَ مُذَكِّرًا لَنَا بِالنِّعْمَةِ العُظْمَى التي أَنْقَذَتِ البَشَرِيَّةَ مِنَ الضَّلَالِ ... المزيد

 09-04-2024
 
 600
04-04-2024 708 مشاهدة
907ـ خطبة الجمعة: شمروا عن ساعد الجد

هَا هُوَ الضَّيْفُ الكَرِيمُ يُلَوِّحُ بِالرَّحِيلِ، تَمْضِي أَيَّامُهُ مُسْرِعَةً كَأَنَّهَا حُلُمٌ جَمِيلٌ، مَا أَحْلَى أَيَّامَكَ يَا أَيُّهَا الضَّيْفُ الكَرِيمُ، وَمَا أَمْتَعَ صِيَامَكَ، لَقَدْ ذُقْنَا فِيكَ لَذَّةَ الإِيمَانِ، وَحَلَاوَةَ ... المزيد

 04-04-2024
 
 708
28-03-2024 612 مشاهدة
906ـ خطبة الجمعة: القرآن خير دستور

شَهْرُ رَمَضَانَ المُبَارَكُ هُوَ شَهْرُ القُرْآنِ، وَالقُرْآنُ العَظِيمُ هُوَ وَاللهِ بِمَثَابَةِ الرُّوحِ للجَسَدِ، وَالنُّورِ للهِدَايَةِ، فَمَنْ لَمْ يَقْرَأِ القُرْآنَ وَلَمْ يَعْمَلْ بِهِ، فَهُوَ مَيِّتُ الأَحْيَاءِ. وَإِنَّهُ لَمِنَ ... المزيد

 28-03-2024
 
 612
21-03-2024 1083 مشاهدة
905ـ خطبة الجمعة: التقوى ميدان التفاضل بين العباد

لَقَدْ فَرَضَ اللهُ تعالى عَلَيْنَا صِيَامَ شَهْرِ رَمَضَانَ حَتَّى نَصِلَ إلى مَقَامِ التَّقْوَى، وَالتَّقْوَى هِيَ الْتِزَامُ أَوَامِرِ اللهِ تَعَالَى وَاجْتِنَابُ نَوَاهِيهِ، هِيَ فِعْلُ الْمَأْمُورَاتِ وَتَرْكُ الْمَنْهِيَّاتِ، التَّقْوَى ... المزيد

 21-03-2024
 
 1083

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3160
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 413267506
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :