أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

528 - كيف يعرف الإنسان ذاته؟

07-10-2007 9961 مشاهدة
 السؤال :
سيدي: سؤالي بسيط ويصعب علي شرحه كيف يستطيع الإنسان أن يعرف ذاته وما يدور بها؟ كيف يستطيع أن يضبطها؟ وكيف يرزق الحكمة ويوصل الكلمة لأعماق المتلقي؟ كيف نقرأ ما بأنفسنا وردود أفعالنا وغاياتها؟ سيدي: بداخلي صراع شديد بين الخير والشر، أريد أن أنغمس في المعاصي، أريد أن أستسلم لكسل نفسي، وبنفس الوقت أريد أن أكون على خط مستقيم أن أرزق الحكمة وأن يعلو من شأني. سيدي أريد أن أتعلم التعامل مع من حولي ولكن لا أستطيع، وخاصة عمالي. كيف يصل الواحد منا للثقة بنفسه دون أن يظلم أو يظلم؟ كيف يرد الظلم عن نفسه؟ رزقني ربي كل شي، لا أستطيع التصرف بأي شيء، مع أن والدي توفي وعمري سبعة عشر عاماً، وأصبح على عاتقي مسؤولية كل شيء، رغم كل هذا فإني ضعيف وأشعر بضعفي مع كل من حولي. أحب أن أكون مميزاً، أحب أن أتلفظ بمنطق يسمع وكلمتي تصل لأعماق من حولي. أكتب إليك وأنا لا أستطيع أن أقرأ ما بنفسي، ما بداخلها، ظاهر أمري بسيط، ولكني متعب منه ومنهك من التعب، عندما تحدث مشكلة مع أي شخص أتعب وأفكر وأحاول أن أسلم أمري لربي ولكن لا جدوى. جزاك الله كل خير لأنك سمعتني.
 الاجابة :
رقم الفتوى : 528
 2007-10-07

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:

فإن خير ما يعرفك على ذاتك هو القرآن الكريم، فعليك أن تقرأ القرآن الكريم بتدبر، وخاصة عندما يحدثك عن ذات الإنسان، من جملة ذلك: {إن الإنسان خلق هلوعاً}. ومن جملة ذلك: {وأحضرت الأنفس الشح}. ومن جملة ذلك: {إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي}. وهكذا. وضبط النفس لا يكون إلا بلجام الشريعة، فأحلَّ الحلال وحرم الحرام، فيما يتعلق بجوارحك الظاهرة والباطنة. ويرزق الإنسان الحكمة من خلال كثرة تلاوة القرآن الكريم، وقراءة الحديث الشريف، والاطلاع على سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، والتأسي بسيرته العطرة، جعل الله روحنا فداء له صلى الله عليه وسلم. والصراع بين النفس الأمارة بالسوء والوازع الإيماني الموجود في القلب لا يتوقف، وربنا عز وجل يقول: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا}. فهذا الصراع تارة تتغلب فيه النفس وتارة يتغلب فيه الوازع الإيماني، وكلما قوي الإيمان تغلب الوازع الإيماني على النفس الأمارة بالسوء، فأكثر من الأسباب التي تقوي إيمانك، والتي من جملتها: تلاوة القرآن، والذكر، ومجالسة الصالحين. ولا يعلو شأن العبد المؤمن إلا بالتحقق بالعبودية لله عز وجل، فاقرأ في القرآن الكريم صفات عباده المتقين، وصفات عباد الرحمن، وصفات الأبرار، والمقربين، وأولي الألباب، وتحقق بصفاتهم يعلو شأنك، واصبر على إيذاء الناس يزدك الله عزاً كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم. تعامل مع خلق الله كلهم وأنت ترى نفسك في نفسك صغيراً، وتحقق بوصفك الذي وصفك به ربنا في القرآن العظيم، فأنت في بدايتك ضعيف، وفي نهايتك ضعيف، فلا تغتر بما بين المرحلتين من قوة، فهي صفة عارضة فيك وليست أصيلة. ومن التزم شرع الله تعالى لا يظلم، ويتعلم من شرع الله الحلم، فكن حليماً حتى تقدر، فإذا قدرت فاعف، وكن عبداً متميزاً بالاتباع لنبيك سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. وانف عن نفسك التعب بقوة الإيمان وكثرة العمل الصالح، قال تعالى: {من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة}. أسأل الله أن يتولانا جميعاً.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
9961 مشاهدة