أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

5728 - هل عطل سيدنا عمر رَضِيَ اللهُ عَنهُ حد السرقة؟

19-01-2013 834 مشاهدة
 السؤال :
هل صحيح بأن سيدنا عمر رَضِيَ اللهُ عَنهُ عطل حد السرقة عام الرمادة عندما اشتد القحط وجاع الناس؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 5728
 2013-01-19

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: قد كَبُرَت كلمةً تخرُجُ من أفواهِهِم إن يقولونَ إلا كذِباً، إذا كانَ سيِّدُنا عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنهُ يُعطِّلُ حدَّاً من حُدودِ الله تعالى، فمن الذي يُقيمُ حُدودَ الله تعالى إذاً؟!

سيِّدُنا عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنهُ الوقَّافُ عندَ حُدودِ الله تعالى، الذي ما قضى في مسألةِ صيدٍ أثناءَ الإحرامِ، حتَّى استدعى بعضَ أصحابِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، ثمَّ قضى في المسألةِ، وما ذاكَ إلا لقولِهِ تعالى في الصَّيدِ للمحرِمِ: ﴿يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ﴾.

ثانياً: من شُروطِ إقامةِ حدِّ السَّرِقَةِ انتفاءُ الشُّبهةِ، لأنَّ الحُدودَ تُدرأُ بالشُّبهاتِ، كما جاءَ في الحديث الشريف الذي جاء في نيل الأوطار عَن ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُما مَرْفُوعاً بِلَفْظِ: «ادْرَؤُوا الْحُدُودَ بِالشُّبُهَاتِ».

واتَّفقَ الفقهاءُ بدونِ خلافٍ أنَّهُ لا قطعَ بالسَّرِقةِ في عامِ المجاعةِ، وذلكَ للحديث الذي رواه ابن ماجه، عن أبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ مَعَ رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فِي سَفَرٍ إِذْ رَأَيْنَا إِبِلاً مَصْرُورَةً بِعِضَاهِ الشَّجَرِ، فَثُبْنَا إِلَيْهَا، فَنَادَانَا رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، فَرَجَعْنَا إِلَيْهِ، فَقَالَ: «إِنَّ هَذِهِ الْإِبِلَ لِأَهْلِ بَيْتٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ، هُوَ قُوتُهُمْ وَيُمْنُهُمْ بَعْدَ الله، أَيَسُرُّكُمْ لَوْ رَجَعْتُمْ إِلَى مَزَاوِدِكُمْ فَوَجَدْتُمْ مَا فِيهَا قَدْ ذُهِبَ بِهِ، أَتُرَوْنَ ذَلِكَ عَدْلاً؟» قَالُوا: لَا، قَالَ: «فَإِنَّ هَذَا كَذَلِكَ» قُلْنَا: أَفَرَأَيْتَ إِن احْتَجْنَا إِلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ؟ فَقَالَ: «كُلْ وَلَا تَحْمِلْ، وَاشْرَبْ وَلَا تَحْمِلْ».

واللهُ تباركَ وتعالى يقولُ: ﴿فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلا عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ﴾. وباتِّفاقِ العلماءِ الاضطِّرارُ شُبهةٌ تَدرأُ الحدَّ، والضَّرورةُ تُبيحُ للآدميِّ أن يتناولَ من مالِ الغَيرِ بقَدْرِ الحاجةِ لِيَدفعَ عن نفسِهِ الهلاكَ.

وبناء على ذلك:

فسيِّدُنا عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنهُ لم يُعطِّل حدَّ السَّرِقَةِ، وكيفَ يُعطِّلُهُ وهوَ الذي سَمِعَ من سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ ما قالَهُ لسيِّدِنا أسامةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ عندما قالَ له: «أَتَشْفَعُ فِي حَدٍّ مِنْ حُدُودِ الله؟» ثُمَّ قَامَ فَاخْتَطَبَ، ثُمَّ قَالَ: «إِنَّمَا أَهْلَكَ الَّذِينَ قَبْلَكُمْ أَنَّهُمْ كَانُوا إِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الشَّرِيفُ تَرَكُوهُ، وَإِذَا سَرَقَ فِيهِمْ الضَّعِيفُ أَقَامُوا عَلَيْهِ الْحَدَّ، وَايْمُ الله، لَوْ أَنَّ فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ سَرَقَتْ لَقَطَعْتُ يَدَهَا»؟ رواه الشيخان عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنها.

سيِّدُنا عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنهُ ما أقامَ حدَّ السَّرِقَةِ لوُجودِ الضَّرورةِ التي دَرأتِ الحدَّ، والضَّرورةُ هي المجاعةُ. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
834 مشاهدة
الملف المرفق