أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

8182 - من هم العلماء

20-06-2017 2225 مشاهدة
 السؤال :
يقول الله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾. من هم العلماء المقصودون بالآية الكريمة؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8182
 2017-06-20

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَوْلُهُ تعالى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾. يَعْنِي العُلَمَاءَ الذينَ هُمْ أَهْلُ الخَشْيَةِ وَالخَوْفِ مَنَ اللهِ تعالى، فَلَا يَخْشَى اللهَ تعالى إِلَّا العُلَمَاءُ، وَقَدَّمَ لَفْظَ الجَلَالَةِ عَلَى الفَاعِلِ حَتَّى يُفِيدَ أَنَّهُ لَا يَخْشَى اللهَ تعالى إِلَّا العُلَمَاءُ، وَلَو قَدَّمَ الفَاعِلَ لاخْتَلَفَ المَعْنَى، وَلَصَارَ: لَا يَخْشَى العُلَمَاءُ إِلَّا اللهَ، وَهَذَا كَلَامٌ صَحِيحٍ لِأَنَّ هُنَاكَ مِنَ العُلَمَاءِ مَنْ يَخْشَوْنَ غَيْرَ اللهِ تعالى.

يَقُولُ المُفَسِّرُ ابْنُ كَثِيرٍ رَحِمَهُ اللهُ تعالى: أَيْ إِنَّمَا يَخْشَاهُ حَقَّ خَشْيَتِهِ الْعُلَمَاءُ الْعَارِفُونَ بِهِ، لِأَنَّهُ كُلَّمَا كَانَتِ المَعْرِفَةُ لِلْعَظِيمِ القَدِيرِ العَلِيمِ المَوْصُوفِ بِصِفَاتِ الكَمَالِ المَنْعُوتِ بِالأَسْمَاءِ الحُسْنَى، وَكُلَّمَا كَانَتِ المَعْرِفَةُ بِهِ أَتَمَّ وَالْعِلْمُ بِهِ أَكْمَلَ، كَانَتِ الخَشْيَةُ لَهُ أَعْظَمَ وَأَكْثَرَ.

قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ: عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا فِي قَوْلِهِ: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عَبَادِهِ الْعُلَمَاءُ﴾. قَالَ: الَّذِينَ يَعْلَمُونَ أَنَّ اللهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: الخَشْيَةُ هِيَ التي تَحُولُ بَيْنَكَ وَبَيْنَ مَعْصِيَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ.

وَقَالَ الحَسَنُ البَصْرِيُّ: العَالِمُ مِنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالغَيْبِ، وَرَغِبَ فِيمَا رَغِبَ اللهُ فِيهِ، وَزَهِدَ فِيمَا سَخِطَ اللهُ فِيهِ، ثُمَّ تَلَا الحَسَنُ: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ﴾.

وبناء على ذلك:

فَالعُلَمَاءُ بِدِينِ اللهِ تعالى وَشَرِيعَتِهِ، وَالعُلَمَاءُ العَارِفُونَ بِاللهِ تعالى وَبِأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ، وَالعُلَمَاءُ بِكِتَابِ اللهِ تعالى وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ، هَؤُلَاءِ هُمْ أَكْمَلُ النَّاسِ خَشْيَةً مِنَ اللهِ تعالى، وَأَكْمَلُهُمْ تَقْوَى للهِ تعالى.

وَإِذَا أَرَادَ اللهُ خَيْرَاً بِالعُلَمَاءِ الذينَ يَدْرُسُونَ العُلُومَ الكَوْنِيَّةَ، فَإِنَّهُ يَرْزُقُهُمُ الخَشْيَةَ مِنْهُ.

فَكُلُّ مَنْ كَانَ بِاللهِ تعالى أَعْلَمَ كَانَ أَكْثَرَ خَشْيَةً مِنْهُ، وَأَوْجَبَتْ لَهُ خَشْيَةُ اللهِ تعالى الابْتِعَادَ عَنِ المَعَاصِي، وَالاسْتِعْدَادَ لِلِقَاءِ اللهِ تعالى؛ وَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى فَضْلِ العِلْمِ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
2225 مشاهدة