أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

8021 - أجر حفظ القرآن الكريم

07-05-2017 1851 مشاهدة
 السؤال :
ما هو أجر حفظ القرآن الكريم؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8021
 2017-05-07

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَدْ رَوَى الإمام أحمد والحاكم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ اقْرَهْ، وَارْقَهْ، وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ، فَإِنَّ مَنْزِلَتَكَ فِي آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا».

وَصَاحِبُ القُرْآنِ هُوَ الحَافِظُ عَنْ ظَهْرِ قَلْبٍ، كَقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللهِ (أَيْ: أَحْفَظُهُمْ)» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الْأَنْصَارِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. هذا أولاً.

ثانياً: روى الحاكم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ، يَقُولُ الصِّيَامُ: رَبِّ إِنِّي مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ، وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَيُشَفَّعَانِ». وَهَذَا يَعْنِي أَنَّ مَنْ قَامَ اللَّيْلَ وَهُوَ في صَلَاةٍ أَنَّهُ مِنَ الحُفَّاظِ.

ثالثاً: روى الإمام البخاري عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ القُرْآنَ، وَهُوَ حَافِظٌ لَهُ مَعَ السَّفَرَةِ الكِرَامِ البَرَرَةِ، وَمَثَلُ الَّذِي يَقْرَأُ، وَهُوَ يَتَعَاهَدُهُ، وَهُوَ عَلَيْهِ شَدِيدٌ فَلَهُ أَجْرَانِ».

رابعاً: روى الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «يَجِيءُ القُرْآنُ يَوْمَ القِيَامَةِ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ حَلِّهِ، فَيُلْبَسُ تَاجَ الكَرَامَةِ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا رَبِّ زِدْهُ، فَيُلْبَسُ حُلَّةَ الكَرَامَةِ، ثُمَّ يَقُولُ: يَا رَبِّ ارْضَ عَنْهُ، فَيَرْضَى عَنْهُ، فَيُقَالُ لَهُ: اقْرَأْ وَارْقَ، وَيُزَادُ بِكُلِّ آيَةٍ حَسَنَةً».

خامساً: روى الطَّبَرَانِيُّ في الأَوْسَطِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يَجِيءُ الْقُرْآنُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَالرَّجُلِ الشَّاحِبِ، يَقُولُ لِصَاحِبِهِ: هَلْ تَعْرِفُنِي؟ أَنَا الَّذِي كُنْتُ أُسْهِرُ لَيْلَكَ، وَأُظْمِئُ هَوَاجِرَكَ، وَإِنَّ كُلَّ تَاجِرٍ مِنْ وَرَاءِ تِجَارَتِهِ، وَأَنَا لَكَ الْيَوْمَ مِنْ وَرَاءِ كُلِّ تَاجِرٍ، فَيُعْطَى المُلْكَ بِيَمِينِهِ، وَالْخُلْدَ بِشِمَالِهِ، وَيُوضَعُ عَلَى رَأْسِهِ تَاجُ الْوَقَارِ، وَيُكْسَى وَالِدَاهُ حُلَّتَانِ، لَا يَقُومُ لَهُمَا الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا، فَيَقُولَانِ: يَا رَبُّ، أَنَّى لَنَا هَذَا؟ فَيُقَالُ لَهُمَا: بِتَعْلِيمِ وَلَدِكُمَا الْقُرْآنَ، وَإِنَّ صَاحِبَ الْقُرْآنِ يُقَالُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ: اقْرَأْ، وَارْقَ فِي الدَّرَجَاتِ، وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا، فَإِنَّ مَنْزِلَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ مَعَكَ».

سادساً: روى الحاكم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ، عَنْ أَبِيهِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ وَتَعَلَّمَهُ وَعَمِلَ بِهِ أُلْبِسَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تَاجَاً مِنْ نُورٍ ضَوْءُهُ مِثْلُ ضَوْءِ الشَّمْسِ، وَيُكْسَى وَالِدَاهُ حُلَّتَانِ لَا يَقُومُ بِهِمَا الدُّنْيَا فَيَقُولَانِ: بِمَا كُسِينَا؟ فَيُقَالُ: بِأَخْذِ وَلَدِكُمَا الْقُرْآنَ».

وبناء على ذلك:

فَإِنَّهُ يَكْفِي حَافِظَ القُرْآنِ شَرَفَاً أَنَّ اللهَ تعالى جَعَلَ القُرْآنَ في قَلْبِهِ، وَأَنَّهُ يَسْتَطِيعُ أَنْ يُجَالِسَ رَبَّهُ حَيْثُمَا كَانَ، وَأَنَّهُ يَرْقَى في دَرَجَاتِ الجَنَّةِ عَلَى قَدْرِ مَا يَقْرَأُ وَيُرَتِّلُ مِنْ كِتَابِ اللهِ تعالى.

جَاءَ في كِتَابِ صِفَةِ الصَّفْوَةِ: عَنْ خَلَفِ بْنِ هِشَامِ البَزَّازِ قَالَ: قَالَ لِي سُلَيْمُ بْنُ عِيسَى: دَخَلْتُ عَلَى حَمْزَةَ بْنِ حَبِيبٍ الزَّيَّاتِ فَوَجَدْتُهُ يُمَرِّغُ خَدَّيْهِ في الأَرْضِ وَيَبْكِي.

فَقُلْتُ: أُعِيذُكَ بِاللهِ.

فَقَالَ: لِمَاذَا اسْتَعَذْتَ؟ رَأَيْتُ البَارِحَةَ في مَنَامِي كَأَنَّ القِيَامَةَ قَدْ قَامَتْ وَقَدْ دُعِيَ بِقُرَّاءِ القُرْآنِ، فَكُنْتُ فِيمَنْ حَضَرَ، فَسَمِعْتُ قَائِلَاً يَقُولُ بِكَلَامٍ عَذْبٍ: لَا يَدْخُلُ عَلَيَّ إِلَّا مَنْ عَمِلَ بِالقُرْآنِ؛ فَرَجَعْتُ القَهْقَرَى؛ فَهُتِفَ بِاسْمِي: أَيْنَ حَمْزَةُ بْنُ حَبِيبٍ الزَّيَّاتُ؟

فَقُلْتُ: لَبَّيْكَ دَاعِيَ اللهِ.

فَبَدَرَنِي مَلَكٌ فَقَالَ: قُلْ: لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ.

فَقُلْتُ: لَبَّيْكَ، كَمَا قَالَ لِي.

فَأَدْخَلَنِي دَارَاً، فَسَمِعْتُ فِيهَا ضَجِيجَ القُرْآنِ، فَوَقَفْتُ أَرْعُدُ فَسَمِعْتُ قَائِلَاً يَقُولُ: لَا بَأْسَ عَلَيْكَ، ارْقَ وَاقْرَأْ.

فَأَدَرْتُ وَجْهِي فَإِذَا أَنَا بِمِنْبَرٍ مِنْ دُرٍّ أَبْيَضَ، دَفَّتَاهُ مِنْ يَاقُوتَ أَصْفَرَ، مَرَاقِيهِ مِنْ زَبَرْجَدَ أَخْضَرَ فَقَالَ لِي: ارْقَ وَاقْرَأْ.

فَرَقِيتُ فَقَالَ لِي: اقْرَأْ سُورَةَ الأَنْعَامِ، فَقَرَأْتُ وَأَنَا لَا أَدْرِي عَلَى مَنْ أَقْرَأُ، حَتَّى بَلَغْتُ السِّتِّينَ آيَةً.

فَلَمَّا بَلَغْتُ: ﴿وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ﴾.قَالَ لِي: يَا حَمْزَةُ، أَلَسْتُ القَاهِرَ فَوْقَ عِبَادِي؟

فَقُلْتُ: بَلَى.

قَالَ: صَدَقْتَ، اقْرَأْ.

فَقَرَأْتُ حَتَّى خَتَمْتُهَا.

ثُمَّ قَالَ لِي: اقْرَأْ فَقَرَأْتُ الأَعْرَافَ حَتَّى بَلَغْتَ آخِرَهَا، فَأَوْمَأْتُ إلى الأَرْضِ بِالسُّجُودِ.

فَقَالَ لِي: حَسْبُكَ مَا مَضَى، لَا تَسْجُدْ يَا حَمْزَةُ؛ مَنْ أَقْرَأَكَ هَذِهِ القِرَاءَةَ؟

فَقُلْتُ: سُلَيْمَانَ.

قَالَ: صَدَقْتَ، مَنْ أَقْرَأَ سُلَيْمَانَ؟

قُلْتُ: يَحْيَى.

قَالَ: صَدَقَ يَحْيَى، عَلَى مَنْ قَرَأَ يَحْيَى؟

فَقُلْتُ: عَلَى أَبِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيِّ.

قَالَ: صَدَقَ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ السُّلَمِيُّ، مَنْ أَقْرَأَ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ؟

فَقُلْتُ: ابْنُ عَمِّ نَبِيِّكَ عَلِيٌّ.

فَقَالَ: صَدَقَ عَلِيٌّ، فَمَنْ أَقْرَأَ عَلِيَّاً؟

قُلْتُ: نَبِيُّكَ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ.

قَالَ: وَمَنْ أَقْرَأَ نَبِيِّي؟

قُلْتُ: جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ.

قَالَ: وَمَنْ أَقْرَأَ جِبْرِيلَ؟ فَسَكَتُّ.

فَقَالَ لِي: يَا حَمْزَةُ، قُلْ: أَنْتَ.

فَقُلْتُ: مَا أَجْسُرُ أَنْ أَقُولَ أنْتَ.

فَقَالَ :قُل أَنْتَ.

فَقُلْتُ: أَنْتَ.

قَالَ: صَدَقْتَ يَا حَمْزَةُ، وَحَقِّ القُرْآنِ لَأُكْرِمَنَّ أَهْلَ القُرْآنِ، لَا سِيَّمَا إِذَا عَمِلُوا بِالقُرْآنِ، يَا حَمْزَةُ، القُرْآنُ كَلَامِي وَمَا أُحِبُّ أَحَدَاً كَحُبِّي أَهْلَ القُرْآنِ؛ ادْنُ يَا حَمْزَةُ.

فَدَنَوْتَ فَضَمَّخَنِي بِالغَالِيَةِ وَقَالَ: لَيْسَ أَفْعَلُ بِكَ وَحْدَكَ، قَدْ فَعَلْتُ ذَاكَ بِنُظَرَائِكَ مِمَّنْ فَوْقَكَ وَمَنْ دُونَكَ، وَمَنْ أَقْرَأَ القُرْآنَ كَمَا أَقْرَأْتَهُ لَمْ يُرِدْ بِذَلِكَ غَيْرِي، وَمَا خَبَأْتُ لَكَ يَا حَمْزَةُ عِنْدِي أَكْثَرُ، فَأَعْلِمْ أَصْحَابَكَ بِمَكَانِي مِنْ حُبِّي لِأَهْلِ القُرْآنِ وَفِعْلِي بِهِمْ، فَهُمُ المُصْطَفَوْنَ الأَخْيَارُ، يَا حَمْزَةُ، وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَا أُعَذِّبُ لِسَانَاً تَلَا القُرْآنَ بِالنَّارِ، وَلَا قَلْبَاً وَعَاهُ، وَلَا أُذُنَاً سَمِعَتْهُ، وَلَا عَيْنَاً نَظَرَتْهُ.

فَقُلْتُ: سُبْحَانَكَ سُبْحَانَكَ، وَأَنَّى تُرَى؟

فَقَالَ: يَا حَمْزَةُ، أَيْنَ نُظَّارُ المَصَاحِفِ؟

فَقُلْتُ: يَا رَبِّ، أَفَحُفَّاظُ هُمْ؟

قَالَ: لَا، وَلَكِنِّي أَحْفَظُهُ لَهُمْ حَتَّى يَوْمِ القِيَامَةِ، فَإِذَا لَقُونِي رَفَعْتُ لَهُمْ بِكُلِّ آيَةٍ دَرَجَةً.

ثُمَّ قَالَ حَمْزَةُ لِسُلَيْمٍ: أَفَتُلُومُنِي أَنْ أَبْكِيَ وَأَتَمَرَّغَ في التُّرَابِ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
1851 مشاهدة