أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

6979 - ربما أعطاك فمنعك

12-08-2015 7257 مشاهدة
 السؤال :
من حكم ابن عطاء الله السكندري رَحِمَهُ اللهُ تعالى: ربما أعطاك فمنعك، وربما منعك فأعطاك؛ ما معنى هذه الحكمة ومستندها؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 6979
 2015-08-12

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَمَعْنَى هذهِ الحِكْمَةِ ومُسْتَنَدُهَا هُوَ قَوْلُهُ تعالى: ﴿فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ * وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ * كَلَّا﴾.

فَرُبَّمَا يُعْطِيكَ وَيُصْبِحُ العَطَاءُ حِجَابَاً بَيْنَكَ وبَيْنَهُ، فَتَسْتَغْنِيَ بالعَطَاءِ عَنْهُ، وبذلكَ تُحْرَمُ.

وَرُبَّمَا يَمْنَعُكَ وَيُصْبِحُ المَنْعُ سَبَبَاً لِوُقُوفِكَ على بَابِهِ وتَتَحَقَّقُ بالعُبُودِيَّةِ بَيْنَ يَدَيْهِ، يَقُولُ اللهُ تعالى: ﴿وَمَا كَانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ﴾.

ومن أَبْرَزِ الأَمْثِلَةِ على المَنْعِ الذي يَتَضَمَّنُ في بَاطِنِهِ العَطَاءَ، والعَكْسُ بالعَكْسِ، قَوْلُهُ تعالى: ﴿وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئَاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئَاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ واللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾.

على سَبِيلِ المِثَالِ: المَصَائِبُ التي تُصِيبُ الإِنْسَانَ في جَسَدِهِ أَو مَالِهِ أَو أَمْنِهِ، فَيَجْعَلُ اللهُ مِنْهَا كَفَّارَةً لأَوْزَارِهِ، فَيَرْحَلُ إلى اللهِ ولا ذَنْبَ عَلَيْهِ.

روى الإمام أحمد عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي زُهَيْرٍ قَالَ: أُخْبِرْتُ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، كَيْفَ الصَّلَاحُ بَعْدَ هَذِهِ الْآيَةِ: ﴿لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءَاً يُجْزَ بِهِ﴾؟ فَكُلَّ سُوءٍ عَمِلْنَا جُزِينَا بِهِ.

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ: «غَفَرَ اللهُ لَكَ يَا أَبَا بَكْرٍ، أَلَسْتَ تَمْرَضُ؟ أَلَسْتَ تَنْصَبُ؟ أَلَسْتَ تَحْزَنُ؟ أَلَسْتَ تُصِيبُكَ اللَّأْوَاءُ؟».

قَالَ: بَلَى.

قَالَ: «فَهُوَ مَا تُجْزَوْنَ بِهِ». هذا، واللهُ تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
7257 مشاهدة