أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

837 - المقصود من الكفاية في تعدد الزوجات

11-02-2008 10928 مشاهدة
 السؤال :
ذكرتم في حكم تعدد الزوجات أن التعدد بشكل عام أمر مباح، وليس واجباً ولا سنة، وقد ينتقل من الإباحة إلى الوجوب، إذا كانت زوجة واحدة لا تكفيه، ويخشى على نفسه من الوقوع في الفاحشة. وسؤالي هو: ما هو المقصود بكلمة لا تكفيه؟ هل هي الكفاية الجنسية؟ أم الكفاية النفسية؟ أم الاجتماعية؟ أم الدينية؟ وهل إذا كان مكتفياً جنسياً لحدٍّ ما وتمنعه من نفسها أحياناً بسبب بعض المشاكل فقد يحتاج إلى ثانية، فهل يجوز له التعدد في هذه الحال؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 837
 2008-02-11

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فالمقصود بالكفاية: الكفاية بجميع صورها، ومن أهمها تحقيق السكن المشار إليه بقوله تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا} [الروم: 21]. فإذا كانت الزوجة الواحدة لا تكفيه جنسياً، أو لا تحقِّق له سكناً، أو كانت ناشزة تتعب زوجها مما أدى إلى نفوره منها، وخشي الرجل على نفسه من الوقوع في الفاحشة، وكان قادراً على الزواج من ثانية، وهو واثق من نفسه بأنه يعدل بينهما، فيجب عليه أن يتزوَّج بالثانية.

وأما إذا كانت تكفيه زوجة واحدة، وكانت زوجته تمنعه أحياناً من نفسها بسبب وجود خلافات بينهما، وهو ضابط لنفسه، ولا يخاف على نفسه من الوقوع في الفاحشة، فإني أنصحه بالصبر عليها، وأن يتحمَّل أذاها، وذلك لقوله تعالى: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً} [النساء: 19]. وأن يتذكَّر قول النبي صلى الله عليه وسلم:«خيركم خيركم لأهله وأنا خيرُكم لأهلي» رواه الترمذي.

وليعلم كلٌّ من الزوجين قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً} [الفرقان: 20]. وليعلم كلٌّ من الزوجين كذلك بأن العصمة للأنبياء فقط، وأما ما عداهم فهو مشمول بقوله صلى الله عليه وسلم: «كل بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون» رواه ابن ماجه.

فالزوجة خطَّاءة، والزوج خطَّاء، فليصبر كلُّ واحد على صاحبه، لأن الصابر موعود من الله تعالى بالخير الكثير.

وأنا أنصح الرجل أن لا يتعجَّل في الزواج من ثانية، وخاصة في هذه الآونة، للجهل الكبير بين الرجال والنساء في دين الله عز وجل، فكم من رجل وامرأة نفرا من دين الله بسبب عدم الالتزام بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ وكم من أسرة هُدِّمت، وأطفال شُرِّدوا بسبب هذا الجهل؟

وأنا في هذا الكلام لا أحارب التعدُّد معاذ الله تعالى، ولكن أنوِّه إلى الواقع المرير الذي يعاني منه المسلمون اليوم بسبب البعد عن تعاليم دين الله عز وجل، البعض يأخذ بما أباحه الله تعالى له، ثم يقع في الظلم الذي حرَّمه الله عليه، والقاعدة تقول: (دَرْءُ المفاسد مُقَدَّم على جَلْبِ المصالح). هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
10928 مشاهدة