أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

8668 - شر الدواب عند الله

05-02-2018 1093 مشاهدة
 السؤال :
ما تفسير قول الله تعالى: ﴿إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ * وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْرَاً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ﴾؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8668
 2018-02-05

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَوْلُهُ تعالى: ﴿إِنَّ شَرَّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ الصُّمُّ الْبُكْمُ الَّذِينَ لَا يَعْقِلُونَ﴾. يَتَحَدَّثُ عَنْ أَقْوَامٍ صَمُّوا آذَانَهُمْ عَنْ سَمَاعِ الحَقِّ، وَأَخْرَسُوا أَلْسِنَتَهُمْ عَنِ النُّطْقِ بِهِ، فَهَؤُلَاءِ هُمْ شَرُّ مَنْ دَبَّ عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ مِنْ خَلْقِ اللهِ تعالى.

فَقَدْ جَعَلَهُمُ اللهُ تعالى مِنْ جِنْسِ البَهَائِمِ، لِأَنَّهُمْ صَرَفُوا جَوَارِحَهُمْ عَمَّا خُلِقَتْ لَهُ، ثُمَّ جَعَلَهُمْ شَرَّهَا، لِأَنَّهُمْ عَانَدُوا بَعْدَ الفَهْمِ، وَكَابَرُوا بَعْدَ العَقْلِ، وَفِي ذِكْرِهِمْ في مَعْرِضِ التَّشْبِيهِ بِهَذَا الأُسْلُوبِ، غَايَةٌ في الذَّمِّ.

وَمِثْلُ هَذَا الوَصْفِ في القُرْآنِ الكَرِيمِ كَثِيرٌ، كَقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِمَا لَا يَسْمَعُ إِلَّا دُعَاءً وَنِدَاءً﴾. وَكَقَوْلِهِ تعالى: ﴿أُولَئِكَ كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ﴾.

ثُمَّ يَقُولُ تعالى: ﴿وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْرَاً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ﴾. يَعْنِي: وَلَو عَلِمَ اللهُ في هَؤُلَاءِ الذينَ صَمُّوا آذَانَهُمْ، وَأَخْرَسُوا أَلْسِنَتَهُمْ، خَيْرَاً وَصِدْقَاً في طَلَبِ الهِدَايَةِ، وَالرَّغْبَةِ فِيهِ، لَأَسْمَعَهُمُ الحُجَجَ وَالبَرَاهِينَ وَالمَوَاعِظَ، سَمَاعَ تَفَهُّمٍ وَتَدَبُّرٍ، أَيْ: لَجَعَلَهُمْ سَامِعِينَ حَتَّى يَسْمَعُوا سَمَاعَ المُصَدِّقِينَ، وَلَكِنْ عَلِمَ اللهُ تعالى أَنَّهُ لَا خَيْرَ فِيهِمْ، لِأَنَّهُ لَو أَسْمَعَهُمْ سَمَاعَ تَفَهُّمٍ لَتَوَلَّوْا مِمَّا سَمِعُوهُ مِنَ الحَقِّ وَأَعْرَضُوا.

وبناء على ذلك:

فَهَؤُلَاءِ فِئَةٌ مِنَ النَّاسِ صَمُّوا آذَانَهُمْ كِبْرَاً وَعِنَادَاً، وَأَخْرَسُوا أَلْسِنَتَهُمْ عَنِ النُّطْقِ بِهِ عُلُوَّاً وَاسْتِكْبَارَاً، فَهَؤُلَاءِ شَرُّ الدَّوَابِّ عِنْدَ اللهِ تعالى، هَدَاهُمُ اللهُ تعالى هِدَايَةَ دِلَالَةٍ، وَلَمْ يَهْدِهِمْ هِدَايَةَ مَعُونَةٍ لِمَا عَلِمَ اللهُ تعالى فِيهِمْ مِنْ إِصْرَارٍ عَلَى الغِوَايَةِ، وَصَدَقَ اللهُ تعالى القَائِلُ: ﴿وَأَمَّا ثَمُودُ فَهَدَيْنَاهُمْ فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى﴾. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
1093 مشاهدة