أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

4902 - تجارة العملة عن طريق الفوركس

23-02-2012 44496 مشاهدة
 السؤال :
هل يجوز الاتِّجار في العملة عن طريق الفوركس؟ وما حكم المرابحة عن طريقه في البنوك الإسلامية؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 4902
 2012-02-23

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: فإنَّ كلمة الفوركس تعني: سوق العملات الأجنبية، أو البورصة العالمية للنقود الأجنبية، ويتم شراء وبيع العملات بالدولار الأمريكي، أو العملات الأخرى، بنظام الهامش.

ونظام الهامش يعني: دفع الزبون تأميناً مبلغاً معيناً للبنك الذي يتعامل معه.

ثانياً: الأصل في بيع وشراء العملات أنه جائزٌ شرعاً إذا تمَّ التقابض في مجلس العقد، وخلا من الغشِّ والتدليس، كما يحرم إجراءُ هذه الصفقات عن طريق البنوك الربوية، لما في ذلك من المعونةِ لها على الإثم والعدوان، قال تعالى: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}.

ثالثاً: جاء في قرار المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي المنعقد بمكة المكرمة، الدورة الثامنة عشرة، القرار الأول في الفترة من (10 ـ 14) /3/1427هـ الموافق (8 ـ 12) /4/2006م:

قد نظر في موضوع المتاجرة بالهامش والتي تعني: دفع المشتري ]العميل [جزءاً يسيراً من قيمة ما يرغب شراءه يسمّى هامشاً، ويقوم الوسيط مصرفاً أو غيره بدفع الباقي على سبيل القرض، على أن تبقى العقـود المشتراة لدى الوسيط، رهناً بمبلغ القرض.

وبعد الاستماع إلى البحوث التي قُدِّمت، والمناقشات المستفيضة حول الموضوع، رأى المجلس أن هذه المعاملة تشتمل على الآتي:

1ـ المتاجرة (البيع والشراء بهدف الربح)، وهذه المتاجرة تتمُّ غالباً في العملات الرئيسة، أو الأوراق المالية (الأسهم والسندات)، أو بعض أنواع السلع، وقد تشمل عقود الخيارات، وعقود المستقبليات، والتجارة في مؤشرات الأسواق الرئيسة.

2ـ القرض، وهو المبلغ الذي يقدِّمه الوسيط للعميل مباشرة إن كان الوسيط مصرفاً، أو بواسطة طرف آخر إن كان الوسيط ليس مصرفاً.

3ـ الربا، ويقع في هذه المعاملة من طريق (رسوم التبييت)، وهي الفائدة المشروطة على المستثمر إذا لم يتصرَّف في الصفقة في اليوم نفسه، والتي قد تكون نسبة مئوية من القرض، أو مبلغاً مقطوعاً.

4ـ السمسرة، وهي المبلغ الذي يحصل عليه الوسيط نتيجة متاجرة المستثمر (العميل) عن طريقه، وهي نسبة متفق عليها من قيمة البيع أو الشراء.

5ـ الرهن، وهو الالتزام الذي وقَّعه العميل بإبقاء عقود المتاجرة لدى الوسيط رهناً بمبلغ القرض، وإعطائه الحقَّ في بيع هذه العقود واستيفاء القرض إذا وصلت خسارة العميل إلى نسبة محددة من مبلغ الهامش، ما لم يقم العميل بزيادة الرهن بما يقابل انخفاض سعر السلعة.

ويرى المجلس أن هذه المعاملة لا تجوز شرعاً للأسباب الآتية:

أولاً: ما اشتملت عليه من الربا الصريح، المتمثِّل في الزيادة على مبلغ القرض، المسماة (رسوم التبييت)، فهي من الربا المحرم، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ} [البقرة: 278ـ279].

ثانياً: أن اشتراط الوسيط على العميل أن تكون تجارته عن طريقه، يؤدي إلى الجمع بين سلف ومعاوضة (السمسرة)، وهو في معنى الجمع بين سلف وبيع المنهي عنه شرعاً في قول الرسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم: (لا يحل سلف وبيع) رواه أبو داود والترمذي وقال: حديث حسن صحيح. وهو بهذا يكون قد انتفع من قرضه، وقد اتفق الفقهاء على أنَّ كلَّ قرض جرَّ نفعاً فهو من الربا المحرم.

ثالثاً: أن المتاجرة التي تتم في هذه المعاملة في الأسواق العالمية غالباً ما تشتمل على كثير من العقود المحرَّمة شرعاً، ومن ذلك :

1ـ المتاجرة في السندات، وهي من الربا المحرم، وقد نصَّ على هذا قرار مجمع الفقه الإسلامي بجدة رقم (60) في دورته السادسة.

2ـ المتاجرة في أسهم الشركات دون تمييز، وقد نصَّ القرار الرابع للمجمع الفقهي الإسلامي برابطة العالم الإسلامي في دورته الرابعة عشرة سنة 1415هـ على حرمة المتاجرة في أسهم الشركات التي غرضها الأساسي محرم، أو بعض معاملاتها ربا.

3ـ بيع وشراء العملات يتمُّ غالباً دون قبض شرعي يجُيز التصرف.

4ـ التجارة في عقود الخيارات وعقود المستقبليات، وقد نص قرار مجمع الفقه الإسلامي بجدة رقم (63) في دورته السادسة، أن عقود الخيارات غير جائزة شرعاً، لأن المعقود عليه ليس مالاً ولا منفعة ولا حقاً مالياً يجوز الاعتياض عنه.. ومثلها عقود المستقبليات والعقد على المؤشر.

5ـ أن الوسيط في بعض الحالات يبيع ما لا يملك، وبيع ما لا يملك ممنوع شرعاً.

وبناء على ذلك:

 فلا يجوز الاتِّجارُ في العملة عن طريق الفوركس، وخاصةً إذا كان مع البنوك الربوية، أما مع البنوك الإسلامية عن طريق المرابحة فهناك بعض الفقهاء أجاز التعامل معها، وأنا لا أفتي بجواز التعامل مع البنوك الإسلامية في تجارة العملات، لما في ذلك من محاذيرَ شرعية. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
44496 مشاهدة