أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

9173 - حق الأم وحق الزوج

27-09-2018 8055 مشاهدة
 السؤال :
أنا امرأة متزوجة، وواقعة في حيرة من أمري بين أمي وزوجي، أمي تريد مني كثرة الزيارة لها، وزوجي لا يحب هذا، وهو صاحب خلق حسن، وأمي تغضب إن لم أستجب لها، فماذا أفعل؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 9173
 2018-09-27

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: حَقُّ الأُمِّ عَلَى الأَوْلَادِ حَقٌّ عَظِيمٌ، وَهَذَا أَمْرٌ لَا يُنْكَرُ في الشَّرْعِ، فَقَدْ أَوْجَبَ الـشَّرْعُ عَلَى الأَبْنَاءِ البِرَّ بِالآبَاءِ وَالأُمَّهَاتِ، وَحَرَّمَ عُقُوقَهُمَا، وَجَعَلَهُمَا أَوْلَى النَّاسِ بِحُسْنِ الصُّحْبَةِ، روى الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَنْ أَحَقُّ النَّاسِ بِحُسْنِ صَحَابَتِي؟

قَالَ: «أُمُّكَ».

قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟

قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ».

قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟

قَالَ: «ثُمَّ أُمُّكَ».

قَالَ: ثُمَّ مَنْ؟

قَالَ: «ثُمَّ أَبُوكَ».

وروى ابن ماجه عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ جَاهِمَةَ السُّلَمِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: أَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي كُنْتُ أَرَدْتُ الْجِهَادَ مَعَكَ، أَبْتَغِي بِذَلِكَ وَجْهَ اللهِ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ.

قَالَ: «وَيْحَكَ، أَحَيَّةٌ أُمُّكَ؟».

..................... ـ ثُمَّ قَالَ: ـ قُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ.

قَالَ: «وَيْحَكَ، الْزَمْ رِجْلَهَا، فَثَمَّ الْجَنَّةُ».

ثانياً: حَقُّ الزَّوْجِ عَلَى زَوْجَتِهِ حَقٌّ عَظِيمٌ كَذَلِكَ، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ بِمَا حَفِظَ اللهُ﴾.

وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ مَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَنْهَا رَاضٍ دَخَلَتِ الجَنَّةَ» رواه الترمذي وابن ماجه عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهَا.

وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَوْ كُنْتُ آمِرَاً أَحَدَاً أَنْ يَسْجُدَ لِأَحَدٍ، لَأَمَرْتُ النِّسَاءَ أَنْ يَسْجُدْنَ لِأَزْوَاجِهِنَّ، لَمَا جَعَلَ اللهُ لَهُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ حَقٍّ» رواه الحاكم عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا صَلَّتِ المَرْأَةُ خَمْسَهَا، وَصَامَتْ شَهْرَهَا، وَحَفِظَتْ فَرْجَهَا، وَأَطَاعَتْ زَوْجَهَا قِيلَ لَهَا: ادْخُلِي الْجَنَّةَ مِنْ أَيِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ شِئْتِ» رواه الإمام أحمد عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

وَلِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الدُّنْيَا مَتَاعٌ، وَخَيْرُ مَتَاعِ الدُّنْيَا المَرْأَةُ الصَّالِحَةُ» رواه الإمام مسلم عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا.

وبناء على ذلك:

فَالأُمُّ لَهَا مَنْزِلَةٌ كَبِيرَةٌ جِدَّاً، وَلَهَا حُقُوقٌ كَثِيرَةٌ عَلَى الأَبْنَاءِ، وَلَكِنْ لَا تَفُوقُ هَذِهِ الحُقُوقُ حَقَّ الزَّوْجِ، فَالزَّوْجُ حَقُّهُ أَعْظَمُ، وَحَقُّهُ مُقَدَّمٌ عَلَى حَقِّ الأُمِّ، وَطَاعَتُهُ مُقَدَّمَةٌ عَلَى طَاعَةِ الأُمِّ.

وَالزَّوْجَةُ العَاقِلَةُ تُحَاوِلُ إِرْضَاءَ زَوْجِهَا بِمَا يَرْغَبُ بِهِ مِمَّا لَا يُخَالِفُ الـشَّرْعَ، وَتَسْعَى جَاهِدَةً إلى بِرِّ أُمِّهَا بِمَا لَا يُخَالِفُ أَمْرَ زَوْجِهَا، فَإِنْ عَجِزَتْ قَدَّمَتْ حَقَّ الزَّوْجِ عَلَى حَقِّ الأُمِّ.

كَمَا يَجِبُ عَلَى الأُمِّ أَنْ تَكُونَ عَوْنَاً لِابْنَتِهَا عَلَى بِرِّ زَوْجِهَا، لِأَنَّ بِرَّهَا بِزَوْجِهَا مُقَدَّمٌ عَلَى بِرِّ أُمِّهَا، وَلِأَنَّهَا إِذَا مَاتَتْ وَزَوْجُهَا عَنْهَا رَاضٍ دَخَلَتِ الجَنَّةَ.

وَكَمَا يَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ أَنْ يَكُونَ عَوْنَاً لِزَوْجَتِهِ عَلَى بِرِّ أُمِّهَا، وَلَيْسَ هُنَاكَ أَجْمَلُ وَلَا أَكْمَلُ مِنَ الْتِزَامِ شَرْعِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ بِالنِّسْبَةِ للأُمِّ وَلِكُلٍّ مِنَ الزَّوْجَيْنِ، وَأَنْ يَلْتَزِمَ الجَمِيعُ قَوْلَ اللهِ تعالى: ﴿وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾.

وَسَامَحَ اللهُ تعالى هَذِهِ الأُمَّ، لِمَاذَا تُرِيدُ أَنْ تُنَغِّصَ حَيَاةَ ابْنَتِهَا مَعَ زَوْجِهَا؟

وَهَلْ كَثْرَةُ خُرُوجِ المَرْأَةِ مِنْ بَيْتِهَا فِيهِ خَيْرٌ؟ وَرَبُّنَا عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى﴾. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
8055 مشاهدة