أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

7547 - ﴿وَقِيلِهِ يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلَاءِ﴾

03-09-2016 1836 مشاهدة
 السؤال :
ما معنى قول الله تعالى في آخر سورة الزخرف: ﴿وَقِيلِهِ يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا يُؤْمِنُونَ﴾؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 7547
 2016-09-03

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَقَوْلُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: ﴿وَقِيلِهِ يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا يُؤْمِنُونَ﴾. مَعْطُوفٌ على قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ﴾. أَيْ: وَعِنْدَ اللهِ تعالى عِلْمُ السَّاعَةِ، وَعِلْمُ قيلِهِ، أَيْ: قِيلِ سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ؛ القِيلُ وَالمَقَالَةُ وَالقَوْلُ بِمَعْنَىً وَاحِدٍ.

هَذِهِ الآيَةُ الكَرِيمَةُ هِيَ شَكْوَى سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ لِرَبِّنَا عَزَّ وَجَلَّ مِمَّا لَاقَى مِنْ قَوْمِهِ، كَمَا قَالَ في آيَةٍ أُخْرَى حَيْثُ أَخْبَرَنَا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ عَنْهُ: ﴿وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورَاً﴾. لَقَدْ شَكَاهُمْ إلى اللهِ تعالى بِأَنَّهُمْ هَجَرُوا القُرْآنَ، وَهَجَرُوا تِلَاوَتَهُ، وَهَجَرُوا العَمَلَ بِهِ، وَهَجَرُوا تَحْكِيمَهُ؛ وَهَذَا كَانَ في أَيَّامِ نُزُولِهِ، فَمَا بَالُكَ بِوَقْتِنَا الحَاضِرِ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلا بِاللهِ العَلِيِّ العَظِيمِ؟! لَقَدْ هُجِرَ القُرْآنُ اليَوْمَ تِلَاوَةً وَعَمَلَاً وَتَحْكِيمَاً بِشَكْلٍ عَامٍّ إلا مَنْ رَحِمَ اللهُ تعالى.

وبناء على ذلك:

فَقَوْلُهُ تعالى: ﴿وَقِيلِهِ يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا يُؤْمِنُونَ﴾. هُوَ مَعْطُوفٌ على الآيَةِ السَّابِقَةِ لِهَذِهِ الآيَةِ، وَهِيَ قَوْلُهُ تعالى: ﴿وَتَبَارَكَ الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ﴾.

فَاللهُ تعالى وَحْدَهُ عِنْدَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ، وَعِنْدَهُ عِلْمُ قَوْلِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: ﴿يَا رَبِّ إِنَّ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا يُؤْمِنُونَ﴾. يَعْنِي: عِنْدَ اللهِ تعالى العِلْمُ بِشِكَايَةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِمَّا لَاقَى مِنْ قَوْمِهِ.

ثمَّ جَاءَ تَوْجِيهُ اللهِ تعالى لِسَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: ﴿فَاصْفَحْ عَنْهُمْ وَقُلْ سَلَامٌ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ﴾. تَهْدِيدٌ وَوَعِيدٌ وَإِنْذَارٌ قَاسٍ شَدِيدٌ، لِأَنَّهُ جَاءَ بَعْدَ قَوْلِهِ: ﴿فَاصْفَحْ عَنْهُمْ﴾. لَا تُقَابِلِ السَّيِّئَةَ بِالسَّيِئَةِ، فَإِنَّهُمْ سَيَرَوْنَ عَاقِبَةَ ظُلْمِهِمْ وَشِرْكِهِمْ، وَقَد كَانَ الأَمْرُ كَذَلِكَ. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
1836 مشاهدة