أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

4709 - هل يرث أولاد المحروم؟

26-12-2011 27670 مشاهدة
 السؤال :
توفي والدي قبل جدي، ثم توفي جدي، فهل نرث منه مع ورثته؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 4709
 2011-12-26

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

تَنُصُّ بَعْضُ القَوَانِينِ وِمْنَهَا القَانُونُ السُّورِيُّ للأَحْوَالِ الشَّخْصِيَّةِ أَنَّ لَكُم جُزْءَاً مِنْ تَرِكَةِ جَدِّكُم بِاسْمِ الوَصِيَّةِ الوَاجِبَةِ، بدليل قول الله تبارك وتعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِن تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِين}. وقد ذهب جمهور الفقهاء ومنهم الأئمة الأربعة أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل رحمهم الله تعالى إلى أن هذه الآية منسوخة، واستدلوا على ذلك بعدة أدلة:

أولاً: أنه لم ينقل عن أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم هذه الوصية، ولو كانت الوصية واجبة لما أخلَّ بها الصحابة رضي الله عنهم، ولَنُقِلَ عنهم العمل بها نقلاً ظاهراً.

ثانياً: الوصية عطيَّة، والعطيَّة في حال الحياة ليست واجبة، فكيف تكون واجبة بعد الموت؟

ثالثاً: الوصيَّة للوارث نُسِخَتْ بآيات المواريث عند جمهور الفقهاء، ونُسِخَتْ بقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (إِنَّ اللَّهَ قَدْ أَعْطَى كُلَّ ذِي حَقٍّ حَقَّهُ، أَلا لا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ) رواه ابن ماجه عن أنس بن مالك رضي الله عنه. فالآية منسوخةٌ أحكامها، ومن أحكامها الوصية للأقارب.

وقال ابن عبد البَرِّ رحمه الله تعالى: أجمعوا على أنَّ الوصيَّة غير واجبة إلا طائفة شذَّت فأوجبتها. اهـ.

رابعاً: روى أبو داود عَن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قال: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ}. فَكَانَت الوَصِيَّةُ كَذَلِكَ حَتَّى نَسَخَتْهَا آيَةُ المِيرَاثِ.

وبناء على ذلك:

فإذا كانت الوصية غير واجبة في حال الحياة، فكيف تجب بعد الوفاة؟ وآية المواريث نَسَخَتْ قوله تعالى: {إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ}. وربنا عز وجل بعد أن قسَّم المواريث وبيَّنها في القرآن العظيم بياناً واضحاً مفصَّلاً، قال في ختام آيات المواريث: {تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ وَمَن يُطِعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيم * وَمَن يَعْصِ الله وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُّهِين}.

لذلك ليس لكم من تركة جدكم شيءٌ عند جمهور الفقهاء وباتفاق المذاهب الأربعة، إذا كَانَ هناك وارثٌ لجدكم من زوجةٍ وأولادٍ، وإذا أخذتم شيئاً من غير طيب نفوس الوارثين أخذتموه حراماً. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
27670 مشاهدة