أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

6571 - التوفيق بين أحاديث ثلاثة

06-11-2014 9131 مشاهدة
 السؤال :
كيف نوفق بين قول سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَإِنِّي لَسْتُ أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا، وَلَكِنِّي أَخْشَى عَلَيْكُم الدُّنْيَا أَنْ تَنَافَسُوهَا». وقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمْ الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ». وقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ»؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 6571
 2014-11-06

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: فَأمَّا الحَدِيثُ الأَوَّلُ الذي رواه الإمام البخاري عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «وَإِنِّي لَسْتُ أَخْشَى عَلَيْكُمْ أَنْ تُشْرِكُوا، وَلَكِنِّي أَخْشَى عَلَيْكُم الدُّنْيَا أَنْ تَنَافَسُوهَا».

فقد نَفَى سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عن الأُمَّةِ بِشَكلٍ عَامٍّ الشِّرْكَ الأَكبَرَ، ولكن قد يَرتَدُّ البَعضُ عن دِينِ اللهِ عزَّ وجلَّ، ويَقَعُ في الشِّرْكِ بَعدَ أن أَنقَذَهُ اللهُ تعالى مِنهُ.

ثانياً: أمَّا الحَدِيثُ الثَّانِي الذي رواه الإمام أحمد عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُم الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ».

قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا الشِّرْكُ الْأَصْغَرُ؟

قَالَ: «الرِّيَاءُ، إِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ يَوْمَ تُجَازَى الْعِبَادُ بِأَعْمَالِهِمْ: اذْهَبُوا إِلَى الَّذِينَ كُنْتُمْ تُرَاؤُونَ بِأَعْمَالِكُمْ فِي الدُّنْيَا، فَانْظُرُوا هَلْ تَجِدُونَ عِنْدَهُمْ جَزَاءً؟».

فإنَّهُ يَتَعَلَّقُ بالرِّيَاءِ في الأَعمَالِ الصَّالِحَةِ، والعِبَادَاتُ التي يُؤَدِّيهَا العَبدُ مَعَ الرِّيَاءِ صَحِيحَةٌ مُسقِطَةٌ للوَاجِبِ باتِّفَاقِ العُلَمَاءِ.

والفَرقُ كَبِيرٌ بَينَ الشِّرْكِ الأَكبَرِ والشِّرْكِ الأَصغَرِ ـ الذي هوَ الرِّيَاءُ ـ فالشَّرْكُ الأَكبَرُ هوَ عِبَادَةُ غَيرِ اللهِ تعالى، أمَّا الشِّرْكُ الأَصغَرُ فَهُوَ عِبَادَةٌ للهِ عزَّ وجلَّ، ولكنَّ البَاعِثَ إِلَيهَا المُرَاءَاةُ، فالمُرَائِي يَعبُدُ اللهَ تعالى بِدُونِ إخلاصٍ، وأمَّا المُشرِكُ فَيَعبُدُ غَيرَ اللهِ تعالى.

ثالثاً: أمَّا الحَدِيثُ الثَّالِثُ الذي رواه الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «تَعِسَ عَبْدُ الدِّينَارِ، وَعَبْدُ الدِّرْهَمِ، وَعَبْدُ الْخَمِيصَةِ، إِنْ أُعْطِيَ رَضِيَ، وَإِنْ لَمْ يُعْطَ سَخِطَ، تَعِسَ وَانْتَكَسَ، وَإِذَا شِيكَ فَلَا انْتَقَشَ».

فالمَقصُودُ مِنهُ من استَعْبَدَتْهُ الدُّنيَا، فَكَانَ حَرِيصَاً كُلَّ الحِرْصِ عَلَيهَا، وصَارَ حَالُهُ مَعَهَا كَحَالِ العَبدِ الرَّقِيقِ، ورُبَّمَا رَجَّحَ هذا العَبدُ الدِّينَارَ والدِّرهَمَ على دِينِهِ أَحيَانَاً.

وبناء على ذلك:

 

فالأُمَّةُ مَحفُوظَةٌ بِشَكلٍ عَامٍّ من الشِّرْكِ الأَكبَرِ، ولكن قد يَقَعُ بَعضُ أَفرَادِهَا في الرِّيَاءِ والحِرْصِ على الدِّينَارِ والدِّرهَمِ. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
9131 مشاهدة