أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

1271 - حكم الجمع بين الصلوات في الحضر

02-08-2008 18139 مشاهدة
 السؤال :
قرأت في صحيح مسلم بعض الأحاديث عن جواز الجمع بين الصلاتين في الحضر، هل يجوز ذلك؟ وما هو رأيكم في المسألة؟ وما هو تأويل وتفسير هذه الأحاديث؟ ونحن نعلم أن الجمع فقط في السفر بشروطه.
 الاجابة :
رقم الفتوى : 1271
 2008-08-02

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فقد أجمع الفقهاء على مشروعية الجمع بين الظهر والعصر جمع تقديم في عرفات، وبين المغرب والعشاء جمع تأخير في مزدلفة، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل هذا في حجة الوداع.

وذهب جمهور الفقهاء غير الحنفية إلى جواز الجمع بين الظهر والعصر، وبين المغرب والعشاء، جمع تقديم أو جمع تأخير بسبب السفر الطويل الذي تقصر فيه الرباعية، ما لم يكن سفر معصية، والأفضل عدم الجمع خروجاً من الخلاف، ولعدم مداومة النبي صلى الله عليه وسلم عليه، ولو كان الجمع أفضل لأدامه النبي صلى الله عليه وسلم كالقصر.

ودليل الجمع قول سيدنا أنس رضي الله عنه: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا ارْتَحَلَ قَبْلَ أَنْ تَزِيغَ الشَّمْسُ أَخَّرَ الظُّهْرَ إِلَى وَقْتِ الْعَصْرِ ثُمَّ نَزَلَ فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا فَإِنْ زَاغَتْ الشَّمْسُ قَبْلَ أَنْ يَرْتَحِلَ صَلَّى الظُّهْرَ ثُمَّ رَكِبَ. رواه البخاري ومسلم.

وذهب جمهور الفقهاء إلى عدم جواز الجمع من غير سفر أو مرض أو مطر وثلج وبرد أو خوف.

وقال ابن المنذر: يجوز الجمع في الحضر من غير خوف، ولا مطر، ولا مرض، وهو قول جماعة من أهل الحديث، لظاهر حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال: جَمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ وَالْمَغْرِبِ وَالْعِشَاءِ بِالْمَدِينَةِ فِي غَيْرِ خَوْفٍ وَلا مَطَرٍ. قال وكيع: قُلْتُ لابْنِ عَبَّاسٍ: لِمَ فَعَلَ ذَلِكَ؟ قَالَ: كَيْ لا يُحْرِجَ أُمَّتَهُ.

وربما أن يحمل هذا الجمع على الجمع الصوري، وهو أن يصلي الأولى في آخر وقتها ويصلي الثانية في أول وقتها، أو جمع بسبب المرض كما ذهب إلى ذلك المالكية والحنابلة.

قال في الدر المختار: (ولا جمع بين فرضين في وقتٍ بعذر) سفر ومطر، خلافاً للشافعي، وما رواه محمول على الجمع فعلاً لا وقتاً، (فإن جمع فسد لو قَدَّمَ) الفرضَ على وقته، (وحَرُمَ لو عكس) أي أخَّره عنه.

قال ابن عابدين معلقاً على الدر: قوله: محمول، أي ما رواه مما يدل على التأخير محمول على الجمع فعلاً لا وقتاً، أي فِعْلُ الأولى في آخر وقتها والثانية في أول وقتها، ويُحمل تصريح الراوي بخروج وقت الأولى على التجوّز، كقوله تعالى: {فإذا بلغن أجلهن}، أي قاربن بلوغ الأجل، أو على أنه ظَنٌّ، ويدل على هذا التأويل ما صح عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه نزل في آخر الشفق فصلى المغرب ثم أقام العشاء وقد توارى الشفق، ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا عجل به السير صنع هكذا.

ثم قال: وقال سلطان العارفين سيدي محيي الدين نفعنا الله به: والذي أذهب إليه أنه لا يجوز الجمع في غير عرفة ومزدلفة، لأن أوقات الصلاة قد ثبتت بلا خلاف، ولا يجوز إخراج صلاة عن وقتها إلا بنصٍّ غيرِ محتمِل، إذ لا ينبغي أن يُخرَج عن أمر ثابتٍ بأمرٍ محتمِل، وكل حديث ورد في ذلك فمُحتمِل أنه يُتكلَّم فيه مع احتمال أنه صحيح، لكنه ليس بنصٍّ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
18139 مشاهدة