أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

8619 - خاطب عاق لأمه

15-01-2018 1552 مشاهدة
 السؤال :
أنا فتاة تجاوزت الثلاثين من عمري، تقدم لخطبتي شاب، وبعد السؤال عنه تبين أنه عاق لوالديه، وخاصة لأمه، فهل تنصحني بالموافقة على الزواج منه؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8619
 2018-01-15

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَيَقُولُ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا خَطَبَ إِلَيْكُمْ مَنْ تَرْضَوْنَ دِينَهُ وَخُلُقَهُ فَزَوِّجُوهُ، إِلَّا تَفْعَلُوا تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الأَرْضِ، وَفَسَادٌ عَرِيضٌ» رواه الترمذي عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.

فَأَيُّ دِينٍ وَخُلُقٍ عِنْدَ هَذَا العَاقِّ لِوَالِدَيْهِ، مَعَ أَنَّ اللهَ تعالى يَقُولُ لَهُ: ﴿وَإِنْ جَاهَدَاكَ عَلَى أَنْ تُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفَاً﴾؟

وَمَنْ كَانَ عَاقَّاً لِوَالِدَيْهِ وَمُصِرَّاً عَلَى عُقُوقِهِمَا، فَإِنَّ الانْتِقَامَ مِنْهُ في حَيَاتِهِ الدُّنْيَا مُحَقَّقٌ، كَمَا جَاءَ في الحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الإمام البخاري في الأَدَبِ المُفْرَدِ عن بَكَّارِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كُلُّ ذُنُوبٍ يُؤَخِّرُ اللهُ مِنْهَا مَا شَاءَ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ إِلَّا البَغْيَ وَعُقُوقَ الوَالِدَيْنِ ـ أَو قَطيعةَ الرَّحِم ـ يُعَجِّلُ لِصَاحِبِهَا فِي الدُّنْيَا قَبْلَ المَوْتِ».

وروى الحاكم عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «بَابَانِ مُعَجَّلَانِ عُقُوبَتُهُمَا فِي الدُّنْيَا الْبَغْيُ وَالْعُقُوقُ».

وروى أبو داود والترمذي عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَا مِنْ ذَنْبٍ أَجْدَرُ أَنْ يُعَجِّلَ اللهُ تَعَالَى لِصَاحِبِهِ الْعُقُوبَةَ فِي الدُّنْيَا، مَعَ مَا يَدَّخِرُ لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِثْلُ الْبَغْيِ وَقَطِيعَةِ الرَّحِمِ».

وفي رِوَايَةِ الحَاكِمِ عَنْ أَبِي بَكْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «كُلُّ الذُّنُوبِ يُؤَخِّرُ اللهُ مَا شَاءَ مِنْهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلَّا عُقُوقَ الْوَالِدَيْنِ، فَإِنَّ اللهُ تَعَالَى يُعَجِّلُهُ لِصَاحِبِهِ فِي الْحَيَاةِ قَبْلَ المَمَاتِ».

وبناء على ذلك:

فَأَنْصَحُكِ بِعَدَمِ المُوَافَقَةِ عَلَى الزَّوَاجِ مِنْ هَذَا الشَّابِّ، لِأَنَّهُ مَنْ أَنْكَرَ مَعْرُوفَ وَالِدَيْهِ حَتَّى صَارَ رَجُلَاً، فَمِنْ بَابِ أَوْلَى وَأَوْلَى أَنْ يُنْكِرَ المَعْرُوفَ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ.

إِذَا كَانَ الرَّجُلُ لَا يَلْتَفِتُ إلى قَوْلِ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الوَالِدُ أَوْسَطُ أَبْوَابِ الجَنَّةِ، فَإِنْ شِئْتَ فَأَضِعْ ذَلِكَ البَابَ أَوْ احْفَظْهُ» راوه الترمذي والحاكم عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. وَإِذَا كَانَ مُصِرَّاً عَلَى عُقُوقِ وَالِدِهِ، فَأَيُّ خَيْرٍ فِيهِ؟

وَإِذَا كَانَ مُصِرَّاً عَلَى عُقُوقِ أُمِّهِ بَعْدَ مَعْرِفَتِهِ بِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «الْزَمْ رِجْلَهَا، فَثَمَّ الْجَنَّةُ» رواه ابن ماجه عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ جَاهِمَةَ السُّلَمِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. فَأَيُّ خَيْرٍ فِيهِ؟

وَيُذْكَرُ بِأَنَّ امْرَأَةً تَزَوَّجَتْ مِنْ رَجُلٍ، فَفِي اللِّقَاءِ الأَوَّلِ مَعَهُ عَلَى طَعَامٍ كَانَتْ أُمُّهُ مَوْجُودَةً، فَقَدَّمَ الطَّعَامَ لِزَوْجَتِهِ قَبْلَ أُمِّهِ، فَالْتَفَتَتِ الزَّوْجَةُ قَائِلَةً لِزَوْجِهَا: طَلِّقْنِي الآنَ.

قَالَ: لِمَاذَا؟

فَقَالَتْ لَهُ: العِرْقُ دَسَّاسٌ، وَلَا أُرِيدُ أَنْ أُنْجِبَ مِنْكَ وَلَدَاً لَا يَهْتَمُّ بِأُمِّهِ أَوَّلَاً؛ مِثْلَكَ، إِنَّمَا أُرِيدُ وَلَدَاً يَهْتَمُّ بِي قَبْلَ أَنْ يَهْتَمَّ بِزَوْجَتِهِ. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
1552 مشاهدة