أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

8765 - دفن ميت على ميت

23-03-2018 3669 مشاهدة
 السؤال :
ما حكم دفن ميت على ميت، سواء كان الميت قريباً أم بعيداً؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 8765
 2018-03-23

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فَلَا يَجُوزُ نَبْشُ قَبْرِ مَيْتٍ، لِمَا رَوَاهُ أَبُو داود والإمام أحمد عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا، أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كَسْرُ عَظْمِ المَيِّتِ كَكَسْرِهِ حَيَّاً».

فَالمَيْتُ لَهُ حُرْمَةٌ، وَكَمَا كَانَتْ لَهُ حُرْمَةٌ في حَالِ حَيَاتِهِ، فَلَهُ حُرْمَةٌ بَعْدَ مَمَاتِهِ.

فَإِذَا دُفِنَ المَيْتِ في القَبْرِ وَجَبَ تَرْكُهُ وَحَرُمَ نَبْشُ القَبْرِ، حَتَّى يَبْلَى وَلَا يَبْقَى لَهُ أَثَرٌ، بِمَعْنَى حَتَّى تُصْبِحَ عِظَامُهُ تُرَابَاً.

يَقُولُ الإِمَامُ الشَّافِعِيُّ رَحِمَهُ اللهُ تعالى فِيمَنْ حَفَرَ فَوَجَدَ عِظَامَ مَيْتٍ: وَإِنْ أُخْرِجَتْ عِظَامُ مَيِّتٍ أَحْبَبْت أَنْ تُعَادَ فَتُدْفَنَ.

وَجَاءَ في المَوْسُوعَةِ الفِقْهِيَّةِ الكُوَيْتِيَّةِ: ذَهَبَ المَالِكِيَّةُ وَالحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ يَحْرُمُ نَبْشُ قَبْرِ مَيِّتٍ بَاقٍ لِمَيِّتٍ آخَرَ، لِمَا فِي ذَلِكَ مِنْ هَتْكِ حُرْمَةِ المَيِّتِ الأَوَّلِ، وَمَتَى عَلِمَ أَوْ ظَنَّ أَنَّ المَيِّتَ بَلِيَ وَصَارَ رَمِيمَاً جَازَ نَبْشُهُ وَدَفْنُ غَيْرِهِ فِيهِ، وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ بِاخْتِلاَفِ البِلاَدِ وَالهَوَاءِ، وَهُوَ فِي البِلاَدِ الحَارَّةِ أَسْرَعُ مِنْهُ فِي البِلَادِ البَارِدَةِ.

وَإِنْ شَكَّ فِي ذَلِكَ ـ أَيْ شَكَّ أَنَّهُ بَلِيَ وَصَارَ رَمِيمَاً ـ رَجَعَ إِلَى قَوْلِ أَهْلِ الخِبْرَةِ لِمَعْرِفَةِ ذَلِكَ.

فَإِنْ حَفَرَ فَوَجَدَ فِيهَا عِظَامَاً دَفَنَهَا فِي مَكَانِهَا، وَأَعَادَ التُّرَابَ كَمَا كَانَ وَلَمْ يَجُزْ دَفْنُ مَيِّتٍ آخَرَ عَلَيْهِ.

كَمَا أَنَّهُ يَجُوزُ إِذَا صَارَ المَيِّتُ رَمِيمَاً الزِّرَاعَةُ وَالحِرَاثَةُ وَغَيْرُهُمَا فِي مَوْضِعِ الدَّفْنِ إِذَا لَمْ يُخَالِفْ شُرُوطَ وَاقِفٍ، أَوْ لَمْ تَكُنِ المَقْبَرَةُ مُسَبَّلَةً (أَيْ: مَتْرُوكَةً لِمَنْ شَاءَ أَنْ يَدْفِنَ فِيهَا).

وَقَال الحَنَفِيَّةُ: لَوْ بَلِيَ المَيِّتُ وَصَارَ تُرَابَاً جَازَ دَفْنُ غَيْرِهِ فِي قَبْرِهِ وَزَرْعُهُ وَالْبِنَاءُ عَلَيْهِ.

وبناء على ذلك:

فَلَا يَجُوزُ دَفْنُ مَيْتٍ عَلَى مَيْتٍ آخَرَ، إِلَّا إِذَا صَارَتْ عِظَامُ الأَوَّلِ تُرَابَاً، وَإِذَا أَوْصَى إِنْسَانٌ بِأَنْ يُدْفَنَ في قَبْرِ فُلَانٍ، فَلَا يَجِبُ تَنْفِيذُ هَذِهِ الوَصِيَّةِ، لِأَنَّهَا وَصِيَّةٌ لَيْسَتْ شَرْعِيَّةً، إِلَّا إِذَا كَانَ المَيْتُ الأَوَّلُ قَدْ صَارَتْ عِظَامُهُ تُرَابَاً. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
3669 مشاهدة