أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

9201 - هل أعتبر قاطع رحم؟

06-10-2018 1967 مشاهدة
 السؤال :
زوجتي صاحبة دين وخلق، وأنا وإياها في حالة تفاهم ووفاق، ولكن والديَّ يطلبان مني أن أطلقها، وأنا لا أرغب، وإذا لم أطلق سيطردانني إن دخلت بيتهما، فهل أعتبر قاطعاً للرحم إذا لم أطلق، ومنعاني من وصلهما؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 9201
 2018-10-06

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: مَا أَقْبَحَ الظُّلْمَ وَالظَّالِمِينَ، يَقُولُ اللهُ تعالى: ﴿وَلَا تَحْسَبَنَّ اللهَ غَافِلَاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ﴾.

وَيَقُولُ في الحَدِيثِ القُدْسِيِّ: «يَا عِبَادِي، إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمَاً، فَلَا تَظَالَمُوا» رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

وروى الحاكم عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ عَالَ جَارِيَتَيْنِ حَتَّى تُدْرِكَا دَخَلْتُ الْجَنَّةَ أَنَا وَهُوَ كَهَاتَيْنِ ـ وَأَشَارَ بِإِصْبَعَيْهِ السَّبَّابَةِ وَالْوسْطَى ـ وَبَابَانِ مُعَجَّلَانِ عُقُوبَتُهُمَا فِي الدُّنْيَا الْبَغْيُ وَالْعُقُوقُ».

ثانياً: لَا طَاعَةَ لِمَخْلُوقٍ في مَعْصِيَةِ الخَالِقِ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ في مَعْرُوفٍ، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ﴾. فَطَاعَةُ أُولِي الأَمْرِ، وَالذينَ مِنْ جُمْلَتِهِمُ الوَالِدَانِ مُقَيَّدَةٌ بِالمَعْرُوفِ، لِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا طَاعَةَ فِي مَعْصِيَةِ اللهِ، إِنَّمَا الطَّاعَةُ فِي المَعْرُوفِ» رواه الشيخان عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

وبناء على ذلك:

فَإِنْ كَانَتْ زَوْجَتُكَ كَمَا تَقُولُ وَاللهُ تعالى رَقِيبٌ عَلَيْكَ، وَوَالِدَاكَ يَرْغَبَانِ إِلَيْكَ أَنْ تُطَلِّقَهَا بِدُونِ سَبَبٍ شَرْعِيٍّ، فَلَا طَاعَةَ لَهُمَا عَلَيْكَ، وَإِذَا مَنَعَاكَ مِنْ صِلَتِهِمَا إِذَا لَمْ تُطَلِّقْهَا فَالإِثْمُ عَلَيْهِمَا لَا عَلَيْكَ، وَهُمَا القَاطِعَانِ للرَّحِمِ لَا أَنْتَ.

لِذَلِكَ أَنْصَحُكَ بِالمُحَافَظَةِ عَلَى زَوْجَتِكَ، وَبِبِرِّكَ لِوَالِدَيْكَ مَهْمَا ظَلَمَا وَأَسَاءَا، وَلَا تُفَكِّرْ في الابْتِعَادِ عَنْهُمَا مَهْمَا كَانَتِ الأَسْبَابُ، لِقَوْلِهِ تعالى: ﴿وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفَاً وَاتَّبِعْ سَبِيلَ مَنْ أَنَابَ إِلَيَّ ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ﴾.

وَحَاوِلْ أَنْتَ وَزَوْجَتُكَ أَنْ تَتَوَدَّدَا إِلَيهِمَا بِالإِحْسَانِ وَبِالكَلِمَةِ الطَّيِّبَةِ، وَبِالهَدِيَّةِ لَهُمَا، مَعَ كَثْرَةِ الدُّعَاءِ في أَنْ يُحَوِّلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ قَلْبَيْهِمَا إلى مَا يُحِبُّهُ وَيَرْضَاهُ.

وَاحْذَرْ مِنْ أَنْ تُطَلِّقَ زَوْجَتَكَ إِذَا كَانَتْ كَمَا تَقُولُ، وَذَكِّرْهَا بِالصَّبْرِ وَالمُصَابَرَةِ وَحُسْنِ الخُلُقِ، وَذَكِّرْهَا بِقَوْلِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «اتَّقِ اللهَ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعِ السَّيِّئَةَ الحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ» رواه الترمذي عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

وَذَكِّرْهَا بِالحَدِيثِ الشَّرِيفِ الذي رواه الإمام أحمد عَنْ عُقْبَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَخْبِرْنِي بِفَوَاضِلِ الْأَعْمَالِ.

فَقَالَ: «يَا عُقْبَةُ، صِلْ مَنْ قَطَعَكَ، وَأَعْطِ مَنْ حَرَمَكَ، وَأَعْرِضْ عَمَّنْ ظَلَمَكَ».

أَسْأَلُ اللهَ تعالى أَنْ يُحَسِّنَ أَخْلَاقَنَا جَمِيعَاً. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
1967 مشاهدة