أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

5968 - العمل في مصنع خمر

01-11-2013 13045 مشاهدة
 السؤال :
أنا بحاجة ماسة للعمل من أجل تأمين الرزق، ولم يتيسر لي عمل إلا في مصنع خمر، فهل يجوز العمل فيه؟ أم أن الكسب منه حرام؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 5968
 2013-11-01

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: يَقولُ اللهُ تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾.

ثانياً: يَقولُ اللهُ تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون﴾.

ثالثاً: روى الإمام أحمد عن ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عنهُما، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَعَنَ اللهُ الْخَمْرَ، وَلَعَنَ شَارِبَهَا وَسَاقِيَهَا وَعَاصِرَهَا وَمُعْتَصِرَهَا وَبَائِعَهَا وَمُبْتَاعَهَا وَحَامِلَهَا وَالْمَحْمُولَةَ إِلَيْهِ وَآكِلَ ثَمَنِهَا».

رابعاً: روى الإمام مسلم عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ، أَنَّ رَجُلاً قَدِمَ مِنْ جَيْشَانَ، وَجَيْشَانُ مِن الْيَمَنِ، فَسَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ عَنْ شَرَابٍ يَشْرَبُونَهُ بِأَرْضِهِمْ مِن الذُّرَةِ يُقَالُ لَهُ الْمِزْرُ.

فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «أَوَ مُسْكِرٌ هُوَ؟»

قَالَ: نَعَمْ.

قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ، إِنَّ عَلَى الله عَزَّ وَجَلَّ عَهْداً لِمَنْ يَشْرَبُ الْمُسْكِرَ أَنْ يَسْقِيَهُ مِنْ طِينَةِ الْخَبَالِ».

قَالُوا: يَا رَسُولَ الله، وَمَا طِينَةُ الْخَبَالِ؟

قَالَ: «عَرَقُ أَهْلِ النَّارِ، أَوْ عُصَارَةُ أَهْلِ النَّارِ».

خامساً: روى الطبراني في الكبير عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ، عن النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قال: «وَلا يَحْمِلَنَّكُم اسْتِبْطَاءُ الرِّزْقِ أَنْ تَطْلُبُوهُ بِمَعْصِيَةِ الله، فَإِنَّ اللهَ لا يُنَالُ مَا عِنْدَهُ إِلا بِطَاعَتِهِ»

وبناء على ذلك:

 فالعَمَلُ في مَصنَعِ خَمرٍ لا يَجوزُ، وخاصَّةً لمن يَعلَمُ بأنَّ الخَمرَ أمُّ الخَبائِثِ، والعَمَلُ فيهِ نَوعٌ من أنواعِ التَّعاوُنِ على الإثمِ والعُدوانِ ومَعصِيَةِ الرَّسولِ، والكَسبُ من هذا المَصنَعِ كَسبٌ خبيثٌ وحرامٌ، ومن أكَلَ الحَرامَ وماتَ ولم يَتُبْ إلى الله تعالى طُهِّرَ في نارِ جَهَنَّمَ، والعِياذُ بالله تعالى، لقولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «يَا كَعْبُ بْنَ عُجْرَةَ، إِنَّهُ لَا يَرْبُو لَحْمٌ نَبَتَ مِنْ سُحْتٍ إِلَّا كَانَت النَّارُ أَوْلَى بِهِ» رواه الترمذي عن كَعْب بْن عُجْرَةَ رَضِيَ اللهُ عنهُ.

وأنا أُذَكِّرُ نَفسي وإيَّاكَ بِقَولِ الله تعالى: ﴿وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ﴾.

وبِقَولِهِ تعالى حِكايَةً عن سيِّدِنا نوح عليهِ السَّلامُ: ﴿فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَاراً﴾.

وكُن على يَقينٍ بأنَّهُ من تَرَكَ شيئاً لله عَوَّضَهُ اللهُ خَيراً منهُ، وأكثِرْ من الدُّعاءِ والاستِغفارِ لله عزَّ وجلَّ، وابحَثْ عن عَمَلٍ مَشروعٍ، وكُن بَعدَ ذلكَ واثِقاً بأنَّ اللهَ تعالى لن يُضَيِّعَ عَبدَهُ المؤمنَ. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
13045 مشاهدة