أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

5747 - حلف أن لا يقربها أربعة أشهر

12-02-2013 35519 مشاهدة
 السؤال :
رجل حلف على زوجته أن لا يقربها أربعة أشهر، ومضت الأشهر الأربعة ولم يقربها، فهل تعتبر زوجته طالقة منه؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 5747
 2013-02-12

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فإنَّ المعاشرةَ الزَّوجيَّةَ يجبُ أن تكونَ بالمعروفِ، وذلكَ لقولِهِ تعالى: ﴿وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً﴾. وإنَّ عَدَمَ القُربِ من الزَّوجةِ ليسَ من المعاشرةِ بالمعروفِ، وهيَ عادةٌ جاهليَّةٌ، وجاءَ الإسلامُ لِيَنفيَ عاداتِ الجاهليَّةِ، وهل يليقُ بالمسلمِ أن يتَّصِفَ بصفاتِ الجاهليَّةِ؟ وهل يليقُ بالإنسانِ المسلمِ أن يتناسى قولَ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لِأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لِأَهْلِي»؟ رواه الترمذي عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنها. وقولَ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ، وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ، فَإِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ، وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ، فَاسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ»؟ رواه الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. وقولَ سيِّدِنا رسولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: « ما أكرمَ النِّساءَ إلا كريمٌ، وما أهانَهُنَّ إلا لئيمٌ»؟ رواه ابن عساكر عن عليٍّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ. هذا أولاً.

ثانياً: الإسلامُ جاءَ لِرفعِ الضَّرَرِ، فقالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» رواه الإمام أحمد عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

ومن جملة ما جاءَ به الإسلامُ أن أنصَفَ المرأةَ، وَوَضَعَ للإبلاءِ أحكاماً خفَّفت من أضرارِهِ، وحدَّدَ للمولي أربعةَ أشهرٍ، وألزَمَهُ بالرُجوعِ إلى مُعاشرةِ زوجتِهِ، أو بالطَّلاقِ.

ثالثاً: ذَهَبَ جمهورُ الفقهاءِ من المالكية والشافعية والحنابلة إلى أنَّ الطَّلاقَ لا يَقَعُ على الزَّوجةِ بِمُضِيِّ أربعةِ أشهرٍ، وللزَّوجةِ أن ترفعَ أمرَها إلى القاضي لإلزامِ الزَّوجِ بالرُّجوعِ عن يمينِهِ، وإلا فالطَّلاقُ.

وذَهَبَ الحنفيةُ إلى أنَّ الطَّلاقَ يَقَعُ بِمَجرَّدِ مُضِيِّ أربعةِ أشهرٍ، ولا يتوقَّفُ طلاقُها على رفعِ الأمرِ إلى القاضي لِيَحكُمَ بطلاقِها، وذلكَ جزاءً للزَّوجِ على الإضرارِ بزوجتِهِ وإيذائِها بمنعِ حقِّها المشروعِ.

وبناء على ذلك:

 فعندَ جُمهورِ الفقهاءِ ما وَقَعُ الطَّلاقُ على الزَّوجةِ بِمُضِيِّ الأشهرِ الأربعةِ، وهيَ بحاجةٍ لِرَفعِ أمرِها إلى القاضي، ولكن عندَ الحنفيةِ وَقَعَ الطَّلاقُ عليها، وهذا الطَّلاقُ بائِنٌ،  لا تَحِلُّ الزَّوجةُ لِزَوجِها إلا بعقدٍ جديدٍ بِشُروطِهِ الشَّرعيَّةِ إن لم يَكُن مَسبوقاً بطلاقَينِ. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
35519 مشاهدة