أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

5012 - معنى الحديث الشريف: (نزعت ثيابها في غير بيت زوجها)

31-03-2012 18138 مشاهدة
 السؤال :
لقد سمعت حديث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: (أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَزَعَتْ ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِ زَوْجِهَا هَتَكَتْ سِتْرَ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ رَبِّهَا). فما هو المقصود بنزع الثياب في غير بيت الزوج؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 5012
 2012-03-31

 الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فقد جاء في مسند الإمام أحمد عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنها قالت: سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقول: (أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَزَعَتْ ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِ زَوْجِهَا هَتَكَتْ سِتْرَ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ رَبِّهَا).

وفي روايةٍ للإمام أحمد أيضاً عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ  قَالَ: أَتَيْنَ نِسْوَةٌ مِنْ أَهْلِ حِمْصَ عَائِشَةَ، فَقَالَتْ لَهُنَّ عَائِشَةُ: لَعَلَّكُنَّ مِنْ النِّسَاءِ اللَّاتِي يَدْخُلْنَ الْحَمَّامَاتِ، فَقُلْنَ لَهَا: إِنَّا لَنَفْعَلُ، فَقَالَتْ لَهُنَّ عَائِشَةُ: أَمَا إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (أَيُّمَا امْرَأَةٍ وَضَعَتْ ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِ زَوْجِهَا هَتَكَتْ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللهِ).

يقولُ الإمام المناوي رحمه الله تعالى: والظَّاهِرُ أنَّ نَزعَ الثِّيابِ عبارةٌ عن تَكَشُّفِهَا لِلأَجنَبِيِّ لِيَنالَ منها الجِماعَ أو مُقَدِّماتِهِ بِخلافِ ما لو نَزَعَت ثِيابَها بين نساءٍ مع المحافظةِ على سَترِ العورةِ إذ لا وَجهَ لِدخولِها في هذا الوعيد. اهـ .

فالمرأةُ لا يُقالُ عنها أنَّها هتكت السِّترَ فيما بينها وبين ربها عز وجل إلا إذا ارتكبت أمراً مُحرَّماً، مثل التبرجِ في ثيابٍ فاضحةٍ، أو كشفِ عورتِها أمامَ الرجالِ الأجانبِ، أو كشفِ عورتِها ما بين السرةِ والركبةِ أمامَ النساءِ المسلماتِ، وما شاكل ذلك من مخالفاتٍ شرعيةٍ.

أما وضع ثيابِها  في غير بيت زوجها لضرورة من غير اطلاع على عورتها ـ سواء في بيتها أو غيره ـ جائزٌ شرعاً.

روى الإمام مسلم عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ قَيْسٍ رَضِيَ اللهُ عَنها (أَنَّ أَبَا عَمْرِو بْنَ حَفْصٍ طَلَّقَهَا الْبَتَّةَ وَهُوَ غَائِبٌ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا وَكِيلُهُ بِشَعِيرٍ، فَسَخِطَتْهُ، فَقَالَ: واللهِ مَا لَكِ عَلَيْنَا مِنْ شَيْءٍ، فَجَاءَتْ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ: لَيْسَ لَكِ عَلَيْهِ نَفَقَةٌ، فَأَمَرَهَا أَنْ تَعْتَدَّ فِي بَيْتِ أُمِّ شَرِيكٍ، ثُمَّ قَالَ: تِلْكِ امْرَأَةٌ يَغْشَاهَا أَصْحَابِي، اعْتَدِّي عِنْدَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ، فَإِنَّهُ رَجُلٌ أَعْمَى تَضَعِينَ ثِيَابَكِ، فَإِذَا حَلَلْتِ فَآذِنِينِي، قَالَتْ: فَلَمَّا حَلَلْتُ ذَكَرْتُ لَهُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ وَأَبَا جَهْمٍ خَطَبَانِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: أَمَّا أَبُو جَهْمٍ فَلَا يَضَعُ عَصَاهُ عَنْ عَاتِقِهِ، وَأَمَّا مُعَاوِيَةُ فَصُعْلُوكٌ لَا مَالَ لَهُ، انْكِحِي أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ، فَكَرِهْتُهُ، ثُمَّ قَالَ: انْكِحِي أُسَامَةَ فَنَكَحْتُهُ، فَجَعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا وَاغْتَبَطْتُ).

وبناء على ذلك:

 فالمقصودُ من الحديثِ الشريفِ أن يَمنَعَ المرأةَ من التساهلِ في كشف ملابسها في غير بيت زوجها على وجهٍ تُرى فيه عورتُها، وتُتَّهَمُ فيه لِقَصدِ فِعلِ الفاحشةِ ونحوِ ذلك.

أمَّا خَلعُهَا ثِيابَهَا في محلٍّ آمنٍ لا يطَّلِعُ عليها أحدٌ فجائزٌ شرعاً. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
18138 مشاهدة