أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

2137 - ما صحة الحديث: أدمان في إناء واحد لا آكله ولا أحرمه وما معناه؟

28-06-2009 16346 مشاهدة
 السؤال :
ما معنى هذا الحديث الذي أخرجه البخاري: أتي النبي بإناء فيه لبن وعسل، فأبى أن يشرب وقال: شربتان في شربة، وإدامان في إناء واحد، ثم قال: إني لا أحرمه، ولكني أكره الفخر والحساب بفضول الدنيا، وأحب التواضع لربي عز وجل، فإن من تواضع لله رفعه الله.
 الاجابة :
رقم الفتوى : 2137
 2009-06-28

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فالحديث الذي ذكرته ليس في صحيح البخاري، بل هو عند الطبراني في الأوسط عن السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: أُتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدح فيه لبن وعسل، فقال: «شربتين في شربة؟ وأدمين في قدح؟ لا حاجة لي به، أما إني لا أزعم أنه حرام، أكره أن يسألني الله عن فضول الدنيا يوم القيامة، أتواضع لله، فمن تواضع لله رفعه الله، ومن تكبر وضعه الله، ومن اقتصد أغناه الله، ومن أكثر ذكر الموت أحبه الله». قال الهيثمي في مجمع الزوائد: فيه نعيم بن مورع العنبري، وقد وثَّقه ابن حبان، وضعَّفه غير واحد، وبقية رجاله ثقات.

وعن أنس رضي الله عنه قال: أُتي النبي صلى الله عليه وسلم بقعب [قدح] فيه لبن وشيء من عسل فقال: «أدمان في إناء لا آكله ولا أحرمه». رواه الطبراني في الأوسط والحاكم في المستدرك وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه، ورده الذهبي بأنه منكر واه، وأشار البخاري إلى تضعيفه. اهـ كشف الخفاء.

ومعنى الحديث ذكره الإمام المناوي في كتابه فيض القدير شرح الجامع الصغير فقال:

قوله: (لا آكله ولا أحرمه) صريح في حله خلافاً لمن توهم بأنه لا يجوز، وذلك لأنه من الطيبات المأذون في تناولها، وإنما لم يأكله لأنه كان يكره التلذُّذ والتبسُّط بنعيم الدنيا، ويحبُّ التقلُّل منه تركاً للتعمق في التنعم، ورفضاً لفضول الدنيا كما ورد في عدة أخبار. ، وبين مراده به في خبر عائشة رضي الله عنها قالت: قالت: أُتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدح فيه لبن وعسل فقال: (أشربتان في شربة وإدامان في قدح، لا حاجة لي فيه، أما أني لا أزعم أنه حرام، ولكني أكره أن يسألني الله عز وجل عن فضول الدنيا يوم القيامة، أتواضع، فمن تواضع لله رفعه، ومن تكبر وضعه الله، ومن استغنى أغناه الله، ومن أكثر ذكر الله أحبه الله).

وقد أكل النبي صلى الله عليه وسلم من برمة فيها تمر وسمن وأقط أرسلت بها أم سليم رضي الله عنها [رواه البخاري] لبيان الجواز، أو للإيناس، أو جبراً لخاطر من قدَّمه، أو لكونه المتيسر في ذلك الوقت.

وقد يأكل النبي صلى الله عليه وسلم إدْمَين في إناء واحد للتعديل، كالجمع بين حار وبارد، أو رطب ويابس، أو غير ذلك من المقاصد التي لا تنافي الزهد.

ويقول الإمام الغزالي: هذا الحديث نبَّه به على أنه ينبغي للإنسان أن لا ينهمك في الشهوات، فيكفي إسرافاً أن يأكل كل ما يشتهيه، ويفعل كل ما يهواه، فلا يعطي نفسه شهوتين دفعة فتقوى عليه، وقد أدَّب عمر ولده عبد الله إذ دخل عليه فوجده يأكل لحماً مأدوماً بسمن فعلاه بالدرة وقال : لا أُمَّ لَكَ كُلْ يوماً هذا ويوماً هذا، وإذا كان حدُّ الاعتدال المطلوب خفياً في كل شخص، فالحزم أن لا يترك في كل حال، وأَكْلُ أُدم في يوم هو الاعتدال، وخلافه إسراف وإفراط، ومخالفته إقتار، قال تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا أَنفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْنَ ذَلِكَ قَوَامًا}.

قال: وإذا اشتهى فاكهة فينبغي أن يترك الخبز ويأكلها بدلاً عنه، ليكون قوتاً، لئلا يجمع بين شهوة وعادة. انتهى بتصرف. هذا، والله تعالى أعلم.

 

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
16346 مشاهدة