أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

5595 - زوج يخون زوجته فماذا تفعل الزوجة؟

15-10-2012 58797 مشاهدة
 السؤال :
أنا أشعر بأن زوجي يخونني، وله علاقات مع نساء أجنبيات، فهل أصبر عليه، أم أطلب الطلاق منه، لأني ضقت ذرعاً منه؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 5595
 2012-10-15

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فالخيانةُ ليست من وَصْفِ المؤمنين، بل هي من وَصْفِ المنافقين، وعارٌ على الإنسانِ المسلمِ الذي كفاهُ اللهُ تعالى بالحلالِ أن يلتفِتَ إلى الحرامِ، لأنَّ مولانا عزَّ وجلَّ أمَرَ الذين لا يَجِدونَ نكاحاً أن يستعفُّوا فقال تعالى: ﴿وَلْيَسْتَعْفِفِ الَّذِينَ لا يَجِدُونَ نِكَاحاً حَتَّى يُغْنِيَهُمْ اللهُ مِن فَضْلِهِ﴾. فكيفَ بمن تزوَّجَ ورزقَهُ اللهُ الحلالَ؟

وأنا أقولُ لك يا أختاهُ:

أولاً: تذكَّري قولَ الله تعالى: ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً﴾. وتذكَّري قولَ الله تعالى: ﴿وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيراً﴾. وتذكَّري قول الله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلا بِالله﴾.

فعليكِ بالصَّبرِ، لأنَّ عواقبَ الصَّبرِ حميدةٌ بإذنِ الله تعالى، وكيف لا تكونُ عواقبُهُ حميدةً وربُّنا عزَّ وجلَّ يقول: ﴿إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَاب﴾. ويقول تعالى: ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِين * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لله وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعون * أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُون﴾؟.

ثانياً: عليكِ بالأمرِ بالمعروفِ والنَّهيِ عن المنكرِ بأسلوبٍ معروفٍ وحَسَنٍ، لأنَّ اللهَ تعالى وَصَفَ عبادَهُ المؤمنين بقوله: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ﴾. ويقول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَراً فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذَلِكَ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ» رواه الإمام مسلم عَنْ طَارِقِ بْنِ شِهَابٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

فإذا رأيتِ المنكرَ من زوجِكِ فذكِّريهِ بالله تعالى بأسلوبٍ حَسَنٍ ولطيفٍ، وأكثري له من الدُّعاءِ بظهرِ الغيبِ.

ثالثاً: النَّبيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يقول: «إِيَّاكُمْ وَالظَّنَّ، فَإِنَّ الظَّنَّ أَكْذَبُ الْحَدِيثِ، وَلَا تَحَسَّسُوا، وَلَا تَجَسَّسُوا، وَلَا تَبَاغَضُوا، وَلَا تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ الله إِخْوَاناً» رواه الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ. ويقول: «وَإِذَا ظَنَنْتَ فَلا تُحَقِّقْ» رواه الطبراني في الكبير عن حَارِثَةَ بن النُّعْمَانِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ. ويقول: «يَا مَعْشَرَ مَنْ آمَنَ بِلِسَانِهِ، وَلَمْ يَدْخُلْ الْإِيمَانُ قَلْبَهُ، لَا تَغْتَابُوا الْمُسْلِمِينَ، وَلَا تَتَّبِعُوا عَوْرَاتِهِمْ، فَإِنَّهُ مَنْ يَتَّبِعْ عَوْرَاتِهِمْ يَتَّبِعْ اللهُ عَوْرَتَهُ، وَمَنْ يَتَّبِعْ اللهُ عَوْرَتَهُ يَفْضَحْهُ فِي بَيْتِهِ» رواه الإمام أحمد عَنْ أَبِي بَرْزَةَ الْأَسْلَمِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ.

رابعاً: يقول الله تعالى: ﴿وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلا جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً وَالصُّلْحُ خَيْرٌ﴾. ويقول تعالى: ﴿وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللهُ كُلَّاً مِّن سَعَتِهِ وَكَانَ اللهُ وَاسِعاً حَكِيماً﴾.

وبناء على ذلك:

 فإن كنتِ على يقينٍ بأنَّ زوجَكِ يَقَعُ في المخالفاتِ الشَّرعيَّةِ بِصِلتِهِ مع النِّساءِ الأجنبيَّاتِ، ويرتكبُ الفاحشةَ، فعليكِ أولاً أن تبحثي عن السَّببِ، لأنَّهُ ربَّما أن يكونَ تقصيراً منكِ نحوَهُ، فإن كانَ كذلكَ فإنَّهُ يجبُ عليكِ أن تتلافي هذا التَّقصيرَ، وإن لم يكن بِسَبَبِكِ فانصحيهِ وأمُريهِ بالمعروفِ واصبري عليه، فإنَّ بقاءَكِ مع زوجِكِ خيرٌ لك من الطلاقِ منه، وخاصَّةً إن كانَ عندكِ الولدُ.

أما إذا لم تصبري وضِقتِ ذرعاً منه وأنتِ مُتيقِّنةٌ أنَّهُ يرتكِبُ الفواحِشَ وخَشيتِ على نفسِكِ من انتقالِ الأمراضِ إليكِ، فلا حَرَجَ من طَلَبِ الطلاقِ منه، وكوني على ثِقَةٍ بأنَّهُ من تَرَكَ شيئاً لله عَوَّضَهُ اللهُ تعالى خيراً منهُ.

وأمَّا إذا لم تتيقَّني من انحرافِهِ، بل لمجرَّدِ الظُّنونِ والإشاعاتِ، فيحرُمُ عليكِ سوءُ الظَّنِّ، ويجبُ عليكِ أن لا تتَّبِعي عوراتِهِ، ولا مانعَ من النُّصحِ له خشيةَ الوقوعِ في الحرامِ. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
58797 مشاهدة