أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

658 - ما القول في المهدي المنتظر؟

15-11-2007 10475 مشاهدة
 السؤال :
ما هو رأيكم في المهدي المنتظر؟ هل صحيح أن هناك رجلاً من آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم تنتظره الأمة ليملأ الأرض عدلاً بعدما ملئت جوراً وظلماً يقال عنه المهدي؟ وما هي الأدلة على صحة ظهوره؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 658
 2007-11-15

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فهناك بعض الفئات من الناس يعتقدون بالمهدي، بأنه الإمام الثاني عشر، يطلقون عليه الحجة، كما يطلقون عليه القائم، ويزعمون أنه ولد سنة /255/هـ واختفى في سرداب سنة /265/هـ. وهم ينتظرون خروجه في آخر الزمان لينتقم لهم من أعدائهم، وينتصر لهم. وهذه عقيدة باطلة، لأنه ما معنى اختفائه هذه الفترة الطويلة في السرداب؟ هل هو خائف على نفسه؟ فإن كان خائفاً على نفسه فإنه لا يصلح أن يكون إماماً يملأ الأرض عدلاً، لأن الذي يملأ الأرض عدلاً لا يخاف إلا الله، ونفسه رخيصة في سبيل الله. وكيف يكون خائفاً على نفسه وهو المؤيد المنصور من عند الله عز وجل؟ وإن كان ينتظر أن تذهب دول الجور والظلم والفساد ليأمن على نفسه من القتل، فإنه لا حاجة في خروجه عندئذ، لأنه يصبح آمناً في ظل تلك الدول. ومن كان لا يستطيع أن يحمي نفسه من القتل فهو من باب أولى وأولى أعجز من أن يحمي غيره، لأن فاقد الشيء لا يعطيه فكيف ينتظره القوم لينتقم لهم، وهو خائف على نفسه؟ وأما عقيدة سواد المسلمين: بأن الله تعالى يخرج رجلاً من أهل البيت يؤيد الله به الدين، يملك سبع سنين، يملأ الأرض عدلاً وسلاماً كما ملئت جوراً وظلماً، تنعم الأمة في عهده نعمة لا تنعمها قط، وتخرج الأرض نباتها، وتمطر السماء قطرها، ويعطى المال بغير عدد. فقد روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (كيف أنتم إذا نزل عيسى فيكم وإمامكم منكم). وروى مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على الحق ظاهرين إلى يوم القيامة، فينزل عيسى فيقول أميرهم ـ زاد أبو نعيم: المهدي ـ: تعال صلِّ لنا، فيقول: لا إن بعضكم على بعض أمراء، تكرمةُ الله لهذه الأمة). وروى أبو داود والترمذي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لطول الله ذلك اليوم حتى يبعث فيه رجلاً مني أو من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي واسم أبيه اسم أبي، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً، كما ملئت ظلماً وجوراً). وفي رواية: (لا تذهب أو لا تنقضي الدنيا حتى يملك العرب رجل من أهل بيتي يواطئ اسمه اسمي) رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح. وروى أبو داود والترمذي والإمام أحمد في مسنده عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (المهدي منّي، أجلى الجبهة ـ ليس له شعر نصف رأسه ـ أقنى الأنف ـ فيه احديداب ـ يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، ويملك سبع سنين). وروى أبو داود عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (المهدي من عترتي من ولد فاطمة). وروى الترمذي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: خشينا أن يكون بعد نبينا حدث فسألنا نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال: (إن في أمتي المهدي يخرج يعيش خمساً أو سبعاً أو تسعاً ـ زيد هو الشاك ـ قال: قلنا: وما ذاك؟ قال: سنين، قال: فيجيء إليه رجل فيقول: يا مهدي أعطني أعطني، قال: فيحثي له في ثوبه ما استطاع أن يحمله) قال الترمذي: هذا حديث حسن. وفي رواية ابن ماجه: (يكون في أمتي المهدي إن قصر فسبع وإلا فتسع، فتنعم فيه أمتي نعمة لم ينعموا مثلها قط، تؤتي الأرض أكلها ولا تدخر منهم شيئاً، والمال يومئذ كُدُوس، فيقوم الرجل فيقول: يا مهدي أعطني فيقول: خذ). وروى ابن ماجه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (نحن ولد عبد المطلب سادة أهل الجنة: أنا وحمزة وعلي وجعفر والحسن والحسين والمهدي). وروى الحاكم في المستدرك وصححه ووافقه الذهبي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يخرج في أمتي المهدي يسقيه الله الغيث، وتخرج الأرض نباتها، ويعطي المال صحاحاً، وتكثر الماشية، وتعظم الأمة، يعيش سبعاً أو ثمانية). وروى الإمام أحمد وصححه الهيثمي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (أبشركم بالمهدي يبعث في أمتي على اختلاف من الناس وزلازل، فيملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت جوراً وظلماً، يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض، يقسم المال صحاحاً. فقال له رجل: ما صحاحاً؟ قال: بالسوية بين الناس. قال: ويملأ الله قلوب أمة محمد صلى الله عليه وسلم غنى، ويسعهم عدله حتى يأمر منادياً فينادي فيقول: من له في مال حاجة؟ فما يقوم من الناس إلا رجل فيقول: ائت السدان يعني الخازن فقل له: إن المهدي يأمرك أن تعطيني مالاً، فيقول له: احث حتى إذا جعله في حجره وأبرزه ندم فيقول: كنت أجشع أمة محمد نفساً أوعجز عني ما وسعهم؟ قال: فيرده فلا يقبل منه فيقال له: إنا لا نأخذ شيئاً أعطيناه، فيكون كذلك سبع سنين أو ثمان سنين أو تسع سنين، ثم لا خير في العيش بعده أو قال: ثم لا خير في الحياة بعده). وروى الإمام أحمد وابن ماجه عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (المهدي منا أهل البيت يصلحه الله في ليلة) وهو حديث حسن. وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لن تهلك أمة أنا في أولها وعيسى ابن مريم في آخرها والمهدي في وسطها) نسبه السيوطي في الحاوي للحكيم الترمذي، وهو حديث حسن. وبناء على ذلك: 1. فإن أمر المهدي عند أهل السنة والجماعة، هو من الأمور الغيبية التي حدَّث عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو من علامات قيام الساعة الكبرى، حيث يكون زمانه مع زمان نزول سيدنا عيسى عليه الصلاة والسلام. 2. وما ينبغي أن يكون هذا سبباً لتفرق كلمة المسلمين، فعندما يظهر هذا العبد الصالح، ويملأ الأرض عدلاً وقسطاً بعدما ملئت جوراً وظلماً فكلنا نكون من جنده إن شاء الله تعالى ويكفينا. 3. علينا أن نشتغل بما كلفنا به من خلال الكتاب والسنة المطهرة، لنحل الحلال ونحرم الحرام، ويحترم بعضنا بعضاً، وخاصةً لسلف الأمة الأطهار من أصحاب سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. فقد روى البخاري ومسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تسبوا أصحابي، فلو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نصيفه). وروى مسلم عن بريدة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (النجوم أمنة للسماء، فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد، وأنا أمنةٌ لأصحابي، فإذا ذهبتُ أنا أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنةٌ لأمتي، فإذا ذهب أصحابي أتي أمتي ما يوعدون). وروى الترمذي وابن حبان عن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الله اللهَ في أصحابي، لا تتخذوهم غرضاً من بعدي، فمن أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله فيوشك أن يأخذه). وروى الترمذي وأبو داود عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا يبلغني أحد عن أحد من أصحابي شيئاً فإني أحب أن أخرج إليهم وأنا سليم الصدر). وروى الإمام الشافعي عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله اختارني واختار أصحابي، فجعلهم أصهاري وجعلهم أنصاري، وإنه سيجيء في آخر الزمان قوم ينتقصونهم، ألا فلا تناكحوهم، ألا فلا تنكحوا إليهم، ألا فلا تصلوا معهم، ألا فلا تُصلوا عليهم، عليهم حلت اللعنة). هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
10475 مشاهدة