أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

1081 - تعرَّف على فتاة ولعب الشيطان بينهما

22-05-2008 14674 مشاهدة
 السؤال :
أنا شاب تعرفت على فتاة وخلوت بها ولعب بنا الشيطان فوقعت عليها أكثر من مرة، ولكن ما اقترفت جريمة الزنى معها، وكانت بعض هذه اللقاءات في أيام رمضان وأنا صائم، وأنا نادم الآن، فماذا أفعل؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 1081
 2008-05-22

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فمما لا شك فيه أن المعصية تتبعها معصية ثانية إذا لم يتب العبد لله عز وجل، والشيطان يريد غواية الإنسان، وسلاح الشيطان هو تحريك ما في النفوس من شهوات، وخاصة فيما بين الجنسين ـ الرجال والنساء ـ ولذلك نبينا صلى الله عليه وسلم حذَّرنا من الخلوة مع المرأة الأجنبية بقوله: «لا يخلون رجل بامرأة إلا كان ثالثهما الشيطان» رواه الترمذي.

وذلك بعد قول الله عز وجل: {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ} [النور: 30]. وقوله تعالى: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ} [النور: 31].

ولكن العبد لا يجترئ على المعصية إلا إذا ضعف إيمانه، لأن الإيمان هو مصدر الإلزام، فله قوته الإيجابية، به يخاف المؤمن ربه، وبه يفعل الطاعات، وبه يترك المعاصي والمنكرات.

وبالطاعات يزيد الإيمان حتى يُدخل صاحبه الجنة، وبالمعاصي ينقص حتى يدخل صاحبه النار، لذلك يقول مولانا عز وجل: {فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ وَمَاتُوا وَهُمْ كَافِرُونَ} [التوبة: 124 ـ 125].

لذلك أقول لك يا أخي:

أولاً: زد في إيمانك حتى يعظم الخوف من الله في قلبك، لأن الخوف من الله تعالى من لوازم الإيمان، قال الله تعالى: {وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 175]. وقال تعالى: {فَلَا تَخْشَوْهُمْ وَاخْشَوْنِ} [المائدة: 44]. قال تعالى: {الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسَالَاتِ اللَّهِ وَيَخْشَوْنَهُ وَلَا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللَّهَ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً} [الأحزاب: 39].

ثانياً: أسرع في توبتك الصادقة حتى يبدِّل الله سيئاتك حسنات، ولذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من خاف أدْلَجَ، ومن أدلج بلغ المنزل، ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة» رواه الترمذي.

ثالثاً: تدبَّر قول الله تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ * إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ * فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ الْمُجْرِمِينَ * مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ * حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ} [المدثر: 38 ـ 47].

فهل ترضى أن تكون من المجرمين الذين يخوضون مع الخائضين في معصية الله تعالى، وخاصة الخوض في مثل ما فعلت بأعراض المسلمين؟

رابعاً: اترك قرناء السوء، لأن قرين السوء يُسهِّل عليك أمر المعصية، وتذكَّرْ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، أن نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم قال: «كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعةً وتسعين نفسًا، فسأل عن أعلم أهل الأرض، فدُلَّ على راهب فأتاه فقال: إنه قتل تسعةً وتسعين نفسًا فهل له من توبة؟ فقال: لا، فقتله فكمَّل به مئةً. ثم سأل عن أعلم أهل الأرض فدُلّ على رجل عالمٍ فقال: إنه قتل مئة نفس فهل له من توبة؟ فقال: نعم، ومن يحول بينه وبين التوبة؟ انطلق إلى أرض كذا وكذا فإنَّ بها أناساً يعبدون الله فاعبد الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك فإنَّها أرضُ سَوْءٍ. فانطلق حتَّى إذا نَصَفَ الطريق أتاه الموت، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، فقالت ملائكة الرحمة: جاء تائبًا مُقْبِلاً بقلبه إلى الله. وقالت ملائكة العذاب: إنه لم يعمل خيرًا قط، فأتاهم مَلَكٌ في صورة آدميٍّ فجعلوه بينهم، فقال: قيسوا ما بين الأرضين فإلى أيتهما كان أدنى فهو له، فقاسوه فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد، فقبضته ملائكة الرحمة» رواه مسلم.

فقرناء السوء زيَّنوا لك معصية هي من أكبر المعاصي، وإثماً هو من أكبر الآثام، فكن على حذر منهم، لأن الله تعالى يقول: {وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً} [النساء: 27].

خامساً: أنصحك بكثرة الاستغفار والدعاء ولا تيئس من رحمة الله تعالى فرحمة الله تعالى قريب من المحسنين، وأكثر من الصدقة، فإن الصدقة تطفئ غضب الرب، كما جاء في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن الصدقة لتُطفِئ غضب الرب وتدفع عن مِيتَةِ السوء» رواه الترمذي.

وكلَّما تذكرتَ المعصية استغفر الله فتكتب لك توبة جديدة. وعليك بقضاء الأيام التي أفطرتها في شهر رمضان المبارك.

 

ونسأل الله تعالى أن يغفر لنا ولكم جميعاً. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
14674 مشاهدة