12ـ أشراط الساعة: توسيد الأمر إلى غير أهله

12ـ أشراط الساعة: توسيد الأمر إلى غير أهله

 

 أشراط الساعة

12ـ توسيد الأمر إلى غير أهله

مقدمة الكلمة:

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيا أيُّها الإخوة الكرام: من عَلامَاتِ قِيَامِ السَّاعَةِ تَوسِيدُ الأَمْرِ إلى غَيرِ أَهلِهِ، كما جاءَ في الحَديثِ الشَّريفِ الذي رواه الإمام البخاري عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: بَيْنَمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فِي مَجْلِسٍ يُحَدِّثُ الْقَوْمَ، جَاءَهُ أَعْرَابِيٌّ، فَقَالَ: مَتَى السَّاعَةُ؟

فَمَضَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُحَدِّثُ.

فَقَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ: سَمِعَ مَا قَالَ، فَكَرِهَ مَا قَالَ.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ لَمْ يَسْمَعْ.

حَتَّى إِذَا قَضَى حَدِيثَهُ، قَالَ: «أَيْنَ أُرَاهُ السَّائِلُ عَن السَّاعَةِ؟».

قَالَ: هَا أَنَا يَا رَسُولَ اللهِ.

قَالَ: «فَإِذَا ضُيِّعَتِ الْأَمَانَةُ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ».

قَالَ: كَيْفَ إِضَاعَتُهَا؟

قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «إِذَا وُسِّدَ الْأَمْرُ إِلَى غَيْرِ أَهْلِهِ فَانْتَظِرِ السَّاعَةَ».

أيُّها الإخوة الكرام: إنَّ تَوسِيدَ الأَمْرِ إلى غَيرِ أَهلِهِ دَمَارٌ للعِبَادِ والبلادِ، وطَامَّةٌ كُبْرَى، وضَيَاعٌ للأُمَّةِ، وخَسَارَةٌ للدِّينِ والدُّنيَا، ولا أَدَلَّ على ذلكَ من الحَدِيثِ الذي رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، أَنَّ نَبِيَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ رَجُلٌ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْساً، فَسَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ، فَدُلَّ عَلَى رَاهِبٍ، فَأَتَاهُ فَقَالَ: إِنَّهُ قَتَلَ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ نَفْساً، فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟

فَقَالَ: لَا، فَقَتَلَهُ، فَكَمَّلَ بِهِ مِائَةً.

ثُمَّ سَأَلَ عَنْ أَعْلَمِ أَهْلِ الْأَرْضِ، فَدُلَّ عَلَى رَجُلٍ عَالِمٍ، فَقَالَ: إِنَّهُ قَتَلَ مِائَةَ نَفْسٍ، فَهَلْ لَهُ مِنْ تَوْبَةٍ؟

فَقَالَ: نَعَمْ، وَمَنْ يَحُولُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ التَّوْبَةِ، انْطَلِقْ إِلَى أَرْضِ كَذَا وَكَذَا، فَإِنَّ بِهَا أُنَاساً يَعْبُدُونَ اللهَ، فَاعْبُدِ اللهَ مَعَهُمْ، وَلَا تَرْجِعْ إِلَى أَرْضِكَ، فَإِنَّهَا أَرْضُ سَوْءٍ.

فَانْطَلَقَ، حَتَّى إِذَا نَصَفَ الطَّرِيقَ أَتَاهُ الْمَوْتُ، فَاخْتَصَمَتْ فِيهِ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ وَمَلَائِكَةُ الْعَذَابِ.

فَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ: جَاءَ تَائِباً مُقْبِلاً بِقَلْبِهِ إِلَى اللهِ.

وَقَالَتْ مَلَائِكَةُ الْعَذَابِ: إِنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ خَيْراً قَطُّ.

فَأَتَاهُمْ مَلَكٌ فِي صُورَةِ آدَمِيٍّ، فَجَعَلُوهُ بَيْنَهُمْ، فَقَالَ: قِيسُوا مَا بَيْنَ الْأَرْضَيْنِ، فَإِلَى أَيَّتِهِمَا كَانَ أَدْنَى فَهُوَ لَهُ.

فَقَاسُوهُ، فَوَجَدُوهُ أَدْنَى إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي أَرَادَ، فَقَبَضَتْهُ مَلَائِكَةُ الرَّحْمَةِ».

قَالَ قَتَادَةُ: فَقَالَ الْحَسَنُ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّهُ لَمَّا أَتَاهُ الْمَوْتُ نَأَى بِصَدْرِهِ.

لقد دُلَّ هذا الرَّجُلُ الذي يُرِيدُ التَّوبَةَ على رَجُلٍ لَيسَ أَهلاً للتَّقوَى، فَكَانَ الشَّرَّ المُستَطِيرَ في حَقِّ من وُسِّدَ إِلَيهِ أَمْرٌ، ولم يَكُنْ أَهلاً لَهُ.

الوَاقِعُ المَرِيرُ الأَلِيمُ:

أيُّها الإخوة الكرام: إنَّ تَوسِيدَ الأَمْرِ إلى غَيرِ أَهلِهِ في هذهِ الآوِنَةِ مَا كَانَ لِيُوَسَّدَ لولا أنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ لَهُ في كُلِّ يَومٍ شَأْنٌ، ويُصَرِّفُ الأُمُورَ لِحِكْمَةٍ، قال تعالى: ﴿كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾. وقَالَ تعالى: ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ * تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَتُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَتُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَتَرْزُقُ مَنْ تَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ﴾.

أيُّها الإخوة الكرام: لقد أَخبَرَنَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أنَّ الأَمْرَ إذا وُسِّدَ إلى غَيرِ أَهلِهِ، فإنَّ ذلكَ يُعتَبَرُ بِدَايَةَ النِّهَايَةِ، وعَلامَةً من عَلامَاتِ قِيَامِ السَّاعَةِ، وضَيَاعَاً لأُمُورِ المُسلِمِينَ.

كَم هوَ الفَارِقُ كَبِيرٌ بَينَ من يَعتَبِرُ المَسؤُولِيَّةَ حِمْلاً ثَقِيلاً، كَمَا كَانَ يَقُولُ عُمَرُ بنُ عَبدِ العَزِيزِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: وَلَسْتُ بِخَيْرٍ مِنْكُمْ، غَيْرَ أَنِّى أَثْقَلُكُمْ حِمْلاً. رواه الدارمي.

وبَينَ من يَعتَبِرُهَا مَغنَمَاً من المَغَانِمِ يَتَلَذَّذُ بِهَا تَلَذُّذَاً، ويَعتَبِرُهَا مُنطَلَقَاً لِشَهَوَاتِهِ ورَغَبَاتِهِ، وإنَّ وَاقِعَنَا مَرِيرٌ وأَلِيمٌ بِتَوسِيدِ الأَمْرِ إلى غَيرِ أَهلِهِ.

رَاحَةُ الأُمَّةِ وسَعَادَتُهَا بِإِسنَادِ الأُمُورِ إلى أَهلِهَا:

أيُّها الإخوة الكرام: نَحنُ على يَقِينٍ بأنَّ رَاحَةَ الأُمَّةِ وسَعَادَتَهَا واستِقرَارَهَا وأَمْنَهَا وأَمَانَهَا، وبَقَاءَ مُثُلِهَا العُليَا، ومَبَادِئِهَا السَّامِيَةِ، مُتَوَقِّفٌ على أن يَلِيَ أَمْرَهَا خِيَارُهَا والصَّالِحُونَ مِنهَا، أَهلُ الإِيمَانِ والتَّقوَى والصَّلاحِ، وأَرضَاهُم للهِ عزَّ وجلَّ، وأَبعَدُهُم عن الخِيَانَةِ والغِشِّ والمُحَابَاةِ.

كَمَا أنَّ شَقَاءَ الأُمَّةِ واضطِرَابَهَا وفُقْدَانَ الثِّقَةِ بِهَا مَقْرُونٌ بِإِسنَادِ أُمُورِهَا، وتَحْمِيلِ أَعبَائِهَا إلى من لا يَصْلُحُ لِحَمْلِهَا.

أيُّها الإخوة الكرام: إنَّ صَلاحَ الوَالِي والرَّاعِي من أَقوَى العَوَامِلِ في صَلاحِ مَن تَحتَهُ، فالنَّاسُ كَمَا يُقَالُ في المَثَلِ: على دِينِ مُلُوكِهِم.

من هذا المُنطَلَقِ وَجَّهَ سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ أَولِيَاءَ الأُمُورِ إلى أن يُوَسِّدُوا الأُمُورَ إلى أَهلِهَا بِدُونِ مُحَابَاةٍ.

روى الإمام مسلم عن مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا مِنْ أَمِيرٍ يَلِي أَمْرَ الْمُسْلِمِينَ، ثُمَّ لَا يَجْهَدُ لَهُمْ وَيَنْصَحُ، إِلَّا لَمْ يَدْخُلْ مَعَهُمُ الْجَنَّةَ».

وروى الإمام أحمد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «وَيْلٌ لِلْأُمَرَاءِ، وَيْلٌ لِلْعُرَفَاءِ، وَيْلٌ لِلْأُمَنَاءِ، لَيَتَمَنَّيَنَّ أَقْوَامٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَّ ذَوَائِبَهُمْ كَانَتْ مُعَلَّقَةً بِالثُّرَيَّا، يَتَذَبْذَبُونَ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ، وَلَمْ يَكُونُوا عَمِلُوا عَلَى شَيْءٍ».

وروى أَبُو يَعْلَى عَنْ حُذَيْفَةَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَيُّمَا رَجُلٍ اسْتَعْمَلَ رَجُلاً عَلَى عَشَرَةِ أَنْفُسٍ، وَعَلِمَ أَنَّ فِي الْعَشَرَةِ مَنْ هُوَ أَفْضَلُ مِنْهُ، فَقَدْ غَشَّ اللهَ، وَرَسُولَهُ، وَجَمَاعَةَ الْمُسْلِمِينَ».

وروى الإمام أحمد عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ حِينَ بَعَثَنِي إِلَى الشَّامِ: يَا يَزِيدُ، إِنَّ لَكَ قَرَابَةً عَسَيْتَ أَنْ تُؤْثِرَهُمْ بِالْإِمَارَةِ، وَذَلِكَ أَكْبَرُ مَا أَخَافُ عَلَيْكَ، فَإِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ وَلِيَ مِنْ أَمْرِ الْمُسْلِمِينَ شَيْئاً، فَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أَحَداً مُحَابَاةً، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ لَا يَقْبَلُ اللهُ مِنْهُ صَرْفاً وَلَا عَدْلاً، حَتَّى يُدْخِلَهُ جَهَنَّمَ، وَمَنْ أَعْطَى أَحَداً حِمَى اللهِ، فَقَد انْتَهَكَ فِي حِمَى اللهِ شَيْئاً بِغَيْرِ حَقِّهِ، فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ ـ أَوْ قَالَ: تَبَرَّأَتْ مِنْهُ ذِمَّةُ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ ـ».

وروى الإمام مسلم عن مَعْقِلِ بنِ يَسَارٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَا مِن عَبْدٍ يَستَرْعِيهِ اللهُ رَعِيَّةً، يَمُوتُ يَومَ يَمُوتُ وهُوَ غَاشٌّ لِرَعِيَّتِهِ، إلاَّ حَرَّمَ اللهُ علَيهِ الجَنَّةَ».

أيُّها الإخوة الكرام: إنَّ أَهلَ الشَّرقِ والغَربِ اليَومَ لا يَأْبَهُونَ بالمُسلِمِينَ، لأنَّهُم وَسَّدُوا الأُمُورَ إلى غَيرِ أَهلِهَا، لا يَأْبَهُونَ لَهُم، لأنَّ اللهَ تعالى نَزَعَ المَهَابَةَ من قُلُوبِ أَعدَائِهِم، لا يَأْبَهُونَ لَهُم، لأنَّ اللهَ تعالى أَلقَى في قُلُوبِهِمُ الوَهَنَ والضَّعْفَ والخَوَرَ.

خُلُقِ الأَمَانَةِ مَفْقُودٌ بَينَ النَّاسِ:

أيُّها الإخوة الكرام: إنَّ خُلُقَ الأَمَانَةِ مَفْقُودٌ عِندَ كَثِيرٍ من النَّاسِ، ومن ضَيَاعِ خُلُقِ الأَمَانَةِ تَوسِيدُ الأَمْرِ إلى غَيرِ أَهلِهِ، أَينَ من يَحْفَظُ الأَمَانَةَ ويُؤَدِّيهَا لأَصحَابِهَا؟ أَينَ الذينَ لا يُحَابُونَ اليَومَ؟ أَينَ من يَلتَزِمُ حَدِيثَ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ الذي رواه الإمام مسلم عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَلَا تَسْتَعْمِلُنِي؟

قَالَ: فَضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى مَنْكِبِي، ثُمَّ قَالَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ، إِنَّكَ ضَعِيفٌ، وَإِنَّهَا أَمَانَةُ، وَإِنَّهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ خِزْيٌ وَنَدَامَةٌ، إِلَّا مَنْ أَخَذَهَا بِحَقِّهَا، وَأَدَّى الَّذِي عَلَيْهِ فِيهَا»؟

أيُّها الإخوة الكرام: عِندَمَا كَانَ يُوَسَّدُ الأَمْرُ إلى أَهلِهِ كَانَ النَّاسُ في أَمْنٍ وأَمَانٍ ورَاحَةٍ، الكُلُّ يَأْخُذُ حَقَّهُ، ولا يَتَعَدَّى أَحَدٌ على أَحَدٍ، وكَانَ المُجتَمَعُ طَاهِرَاً، الكُلُّ يَخشَى رَبَّهُ، والكُلُّ يَخَافُ خَالِقَهُ، والكُلُّ يَعرِفُ مَا لَهُ، ومَا عَلَيهِ.

في زَمَنِ الصِّدِّيقِ رَضِيَ اللهُ عَنهُ، تَوَلَّى الفَارُوقُ رَضِيَ اللهُ عَنهُ القَضَاءَ، وبَعدَ سَنَةٍ من تَوَلِّيهِ القَضَاء، جَاءَ يُقَدَّمُ استِقَالَتَهُ، وَيُرِيدُ أَن يُعفَى مِنَ القَضَاءِ، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكرٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ: أَمِن ثِقَلِ المَسئُولِيَّةِ يَا عُمَر! أَرَدتَ أَن تَتَخَلَّى عَنهَا؟

قَالَ: لَا، وَلَكِن مَضَى لِي عَامٌ وَأَنَا فِي القَضَاءِ لَم تُرفَع لِي قَضِيَّةٌ وَاحِدَةٌ، لَيسَ لِي حَاجَةٌ بِينَ قَومٍ مُؤمِنِينَ عَرَفَ كُلٌّ مِنهُم مَا لَهُ وَمَا عَلَيهِ.

خاتِمَةٌ ـ نَسألُ اللهَ تعالى حُسنَ الخاتِمَةِ ـ:

أيُّها الإخوة الكرام: من عَلامَاتِ قِيَامِ السَّاعَةِ ضَيَاعُ الأَمَانَةِ، ومن ضَيَاعِ الأَمَانَةِ تَوسِيدُ الأُمُورِ إلى غَيرِ أَهلِهَا، لقد غَيَّرَتِ الأُمَّةُ وبَدَّلَت، فَكَانَتِ النَّتِيجَةُ حَيَاةَ شَقَاءٍ وضَنْكٍ، والحَمْدُ للهِ تعالى القَائِلِ: ﴿وَإِنْ عُدْتُمْ عُدْنَا﴾.

اللَّهُمَّ رُدَّنَا إِلَيكَ رَدَّاً جَمِيلاً. آمين.

وصَلَّى اللهُ عَلَى سيِّدِنا محمَّدٍ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ. وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين. سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون * وَسَلامٌ عَلَى الـْمُرْسَلِين * وَالْحَمْدُ لله رَبِّ الْعَالَمِين.

**     **     **

تاريخ الكلمة:

الأربعاء: 16/ربيع الأول /1436هـ، الموافق: 7/كانون الثاني / 2014م

 2015-01-07
 1716
الشيخ أحمد شريف النعسان
الملف المرفق
 
 
 

مواضيع اخرى ضمن  أشراط الساعة

23-12-2015 12614 مشاهدة
51ـ أشراط الساعة: تقارب الزمان

فيا أيُّها الإخوة الكرام: من عَلامَاتِ قِيَامِ السَّاعَةِ التي حَدَّثَنَا عَنْهَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ، وَلَمَّا تَظْهَرْ بَعْدُ، تَقَارُبُ الزَّمَانِ، وَقَد وَقَعَ مَبَادِيهِ وَلَمْ يَسْتَحْكِمْ. ... المزيد

 23-12-2015
 
 12614
09-12-2015 17600 مشاهدة
50ـ أشراط الساعة: قلة الرجال, وكثرة النساء

من عَلامَاتِ قِيَامِ السَّاعَةِ التي تَحَدَّثَ عَنْهَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ، ذَهَابُ الرِّجَالِ، وَكَثْرَةُ النِّسَاءِ، بِحَيْثُ يَكُونُ لِكُلِّ خَمْسِينَ امْرَأَةً قَيِّمٌ وَاحِدٌ. ... المزيد

 09-12-2015
 
 17600
02-12-2015 6173 مشاهدة
49ـ أشراط الساعة: مرور الرجل بقبر, يتمنى لو كان مكانه

من عَلامَاتِ قِيَامِ السَّاعَةِ التي أَخْبَرَ عَنْهَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ، والتي لَمْ تَقَعْ بَعْدُ بِشَكْلٍ عَامٍّ؛ أَنْ يَمُرَّ الرَّجُلُ بِقَبْرٍ من القُبُورِ، فَيَتَمَرَّغَ عَلَيْهِ، ... المزيد

 02-12-2015
 
 6173
25-11-2015 27843 مشاهدة
48ـ أشراط الساعة: الريح الطيبة التي تأخذ أرواح المؤمنين

من عَلامَاتِ قِيَامِ السَّاعَةِ التي أَخْبَرَ عَنْهَا سَيِّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وصَحْبِهِ وسَلَّمَ: إِرْسَالُ رِيحٍ لَطِيفَةٍ بَارِدَةٍ تَقْبِضُ أَرْوَاحَ المُؤْمِنِينَ، ... المزيد

 25-11-2015
 
 27843
17-11-2015 5599 مشاهدة
47ـ أشراط الساعة: شمول الإسلام أرجاء المعمورة

مِن عَلَامَاتِ قِيَامِ السَّاعَةِ: اِنْتِشَارُ الإِسْلَامِ في أَرْجَاءِ المَعْمُورَةِ، حَتَّى يَشْمَلَ جَمِيعَ مَا على سَطْحِ الأَرْضِ، بِحَيْثُ لا يَبْقَى بَيْتُ حَجَرٍ، ولا وَبَرٍ، ولا مَدَرٍ، إلا وَيَدْخُلُهُ هذا الدِّينُ، بِعِزِّ عَزِيزٍ، ... المزيد

 17-11-2015
 
 5599
11-11-2015 10647 مشاهدة
46ـ أشراط الساعة: نُزُولُ الخِلَافَةِ فِي أَرْضِ الشَّامِ

مِن عَلَامَاتِ السَّاعَةِ الَّتِي أَخْبَرَ عَنْهَا سَيُّدُنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ نُزُولُ الخِلَافَةِ فِي أَرْضِ الشَّامِ. ... المزيد

 11-11-2015
 
 10647

البحث في الفتاوى

الفتاوى 5613
المقالات 3159
المكتبة الصوتية 4796
الكتب والمؤلفات 20
الزوار 412384504
جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ أحمد النعسان © 2024 
برمجة وتطوير :