أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

5895 - أمه ترفض زواجه من فتاة

12-06-2013 123 مشاهدة
 السؤال :
تعرفت على فتاة وأحببتها حباً شديداً، وهي من بيئة غير ملتزمة، وأنا بفضل الله تعالى من بيئة ملتزمة، وعرضت الأمر على أهلي للزواج من هذه الفتاة فرفضوا، وخاصة أمي، وأنا مصر على الزواج منها، وأمي الآن في أكثر الأحيان في بكاء شديد، حتى وصلت إلى درجة الانهيار، فهل هذا من حقها أم لا؟ وهل إن تزوجت من هذه الفتاة أكون عاقاً لأمي؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 5895
 2013-06-12

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: لقد حَرَّضَنا الإسلامُ على بِرِّ الوالِدَينِ في غيرِ مَعصِيَةٍ، روى النسائي عن مُعاوِيَةَ بنِ جاهِمَةَ السَّلَمِيِّ رَضِيَ اللهُ عنهُ، أنَّ جاهِمَةَ جاءَ إلى النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسولَ الله، أرَدْتُ أن أغزوَ، وقد جِئتُ أستشيرُكَ.

فقال: «هل لكَ من أمٍّ؟»

قال: نعم.

قال: «فالزَمْهَا، فإنَّ الجَنَّةَ تَحتَ رِجلَيها».

وروى الحاكم عَن أَبي سَعِيدٍ الخُدرِيِّ رَضِيَ اللهُ عنهُ، أَنَّ رَجُلاً هَاجَرَ إِلَى رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْيَمَنِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ الله، إِنِّي هَاجَرْتُ.

فَقَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: قَدْ هَجَرْتَ الشِّركَ، وَلَكِنَّهُ الْجِهَادُ، فهَلْ لَكَ أَحَدٌ باليَمَنِ؟

قَالَ: أبوايَ.

قال: أذِنَا لكَ؟

قَالَ: لا.

قَالَ: «فارْجِع فَاسْتَأْذِنْهُمَا، فَإِنْ أَذِنَا لَكَ فَجَاهِد، وَإِلاَّ فَبِرَّهُما»

وروى الحاكم والإمام أحمد عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يُبَايِعُهُ.

قَالَ: جِئْتُ لِأُبَايِعَكَ عَلَى الْهِجْرَةِ وَتَرَكْتُ أَبَوَيَّ يَبْكِيَانِ.

قَالَ: «فَارْجِعْ إِلَيْهِمَا فَأَضْحِكْهُمَا كَمَا أَبْكَيْتَهُمَا».

وروى الترمذي عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عنهُ، أَنَّ رَجُلاً أَتَاهُ فَقَالَ: إِنَّ لِيَ امْرَأَةً، وَإِنَّ أُمِّي تَأْمُرُنِي بِطَلَاقِهَا.

قَالَ أَبُو الدَّرْدَاءِ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «الْوَالِدُ أَوْسَطُ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ، فَإِنْ شِئْتَ فَأَضِعْ ذَلِكَ الْبَابَ أَو احْفَظْهُ».

ولمَّا ماتَت أمُّ إياسِ بنِ معاوِيَةَ المزَنِيِّ القاضي المشهورِ، بكى، فقيلَ له: ما يُبكيكَ؟

قال: كانَ لي بابانِ مفتوحانِ إلى الجَنَّةِ، فَغُلِقَ أحَدُهُما.

ثانياً: وَحَرَّضَنا كذلكَ على انتِقاءِ المرأةِ الصَّالِحَةِ، روى الشيخان عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ، عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «تُنْكَحُ الْمَرْأَةُ لِأَرْبَعٍ، لِمَالِهَا، وَلِحَسَبِهَا، وَجَمَالِهَا، وَلِدِينِهَا، فَاظْفَرْ بِذَاتِ الدِّينِ تَرِبَتْ يَدَاكَ».

وروى ابن ماجه عَنْ عَبْدِ الله بْنِ عَمْرو رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «لَا تَزَوَّجُوا النِّسَاءَ لِحُسْنِهِنَّ، فَعَسَى حُسْنُهُنَّ أَنْ يُرْدِيَهُنَّ، وَلَا تَزَوَّجُوهُنَّ لِأَمْوَالِهِنَّ، فَعَسَى أَمْوَالُهُنَّ أَنْ تُطْغِيَهُنَّ، وَلَكِنْ تَزَوَّجُوهُنَّ عَلَى الدِّينِ، وَلَأَمَةٌ خَرْمَاءُ سَوْدَاءُ ذَاتُ دِينٍ أَفْضَلُ».

وروى ابن ماجه عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عنها قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: «تَخَيَّرُوا لِنُطَفِكُمْ، وَانْكِحُوا الْأَكْفَاءَ، وَأَنْكِحُوا إِلَيْهِمْ».

وروى عن أنسٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ، عن النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ قال: «تَزَوَّجوا في الحجزِ الصَّالِحِ، فإنَّ العِرقَ دَسَّاسٌ»

وبناء على ذلك:

 فمن خِلالِ ما ذَكَرتَ من السُّؤالِ أنتَ آثِمٌ في زَواجِكَ من هذهِ الفتاةِ لِما ذَكَرتَ عنها، وأنتَ آثِمٌ كذلكَ لِعُقوقِكَ لأهلِكَ، وأنتَ آثِمٌ في بُكاءِ أمِّكَ الذي أوصَلَها إلى دَرَجَةِ الانهِيارِ، واحذَرْ أنْ تَدخُلَ تحتَ قولِهِ تعالى: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيم﴾. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
123 مشاهدة
الملف المرفق