أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

4858 - أجر من شهد وصلَّى وتبع جنازة

04-02-2012 22079 مشاهدة
 السؤال :
ما هو أجر من شهد جنازة وصلَّى عليها وتبعها حتى الدفن، وماذا ينتفع الميت من ذلك؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 4858
 2012-02-04

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: روى الإمام البخاري ومسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلَّى اللهُ عليهِ وعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ : (مَنْ شَهِدَ الجَنَازَةَ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ، وَمَنْ شَهِدَهَا حَتَّى تُدْفَنَ فَلَهُ قِيرَاطَانِ، قِيلَ وَمَا القِيرَاطَانِ؟ قَالَ: مِثْلُ الجَبَلَيْنِ العَظِيمَيْنِ).

وروى الإمام مسلم عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أنه كَانَ قَاعِدًا عِنْدَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ إِذْ طَلَعَ خَبَّابٌ صَاحِبُ المَقْصُورَةِ، فَقَالَ: يَا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ أَلا تَسْمَعُ مَا يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليهِ وعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ  يَقُولُ: (مَنْ خَرَجَ مَعَ جَنَازَةٍ مِنْ بَيْتِهَا وَصَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ تَبِعَهَا حَتَّى تُدْفَنَ كَانَ لَهُ قِيرَاطَانِ مِنْ أَجْرٍ، كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ، وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ كَانَ لَهُ مِن الأَجْرِ مِثْلُ أُحُدٍ، فَأَرْسَلَ ابْنُ عُمَرَ خَبَّابًا إِلَى عَائِشَةَ رضي اللهُ عنها يَسْأَلُهَا عَنْ قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ، ثُمَّ يَرْجِعُ إِلَيْهِ فَيُخْبِرُهُ مَا قَالَتْ، وَأَخَذَ ابْنُ عُمَرَ قَبْضَةً مِنْ حَصْبَاءِ المَسْجِدِ يُقَلِّبُهَا فِي يَدِهِ حَتَّى رَجَعَ إِلَيْهِ الرَّسُولُ فَقَالَ: قَالَتْ عَائِشَةُ: صَدَقَ أَبُو هُرَيْرَةَ، فَضَرَبَ ابْنُ عُمَرَ بِالحَصَى الَّذِي كَانَ فِي يَدِهِ الأَرْضَ ثُمَّ قَالَ: لَقَدْ فَرَّطْنَا فِي قَرَارِيطَ كَثِيرَةٍ).

وروى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلَّى اللهُ عليهِ وعلى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ: ( مَنْ اتَّبَعَ جَنَازَةَ مُسْلِمٍ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا وَكَانَ مَعَهُ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيَفْرُغَ مِنْ دَفْنِهَا فَإِنَّه يَرْجِعُ مِن الأَجْرِ بِقِيرَاطَيْنِ، كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ، وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ أَنْ تُدْفَنَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيرَاطٍ).

وروى البزار عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم  قال: (من أتى جنازة في أهلها فله قيراط، فإن اتبعها فله قيراط، فإن صلى عليها فله قيراط، فإن انتظرها حتى تدفن فله قيراط).

ثانياً: يقول الحافظ بن حجر رحمه الله تعالى في فتح الباري: (القِيرَاط لا يَحْصُل إِلا لِمَن اِتَّبَعَ وَصَلَّى، أَوْ اِتَّبَعَ وَشَيَّعَ وَحَضَرَ الدَّفْن، لا لِمَنْ اِتَّبَعَ مَثَلاً وَشَيَّعَ ثُمَّ اِنْصَرَفَ بِغَيْرِ صَلاة، كَمَا سَيَأْتِي بَيَان الحُجَّة لِذَلِكَ فِي البَاب الَّذِي يَلِيه، وَذَلِكَ لأَنَّ الاتِّبَاع إِنَّمَا هُوَ وَسِيلَة لأَحَدِ مَقْصُودَيْنِ: إِمَّا الصَّلاة وَإِمَّا الدَّفْن، فَإِذَا تَجَرَّدَتْ الوَسِيلَة عَن المَقْصِد لَمْ يَحْصُل المُرَتَّب عَلَى المَقْصُود، وَإِنْ كَانَ يُرْجَى أَنْ يَحْصُل لِفَاعِلِ ذَلِكَ فَضْلٌ مَا بِحَسَبِ نِيَّته) اهـ .

ويقول في موضع آخر: (وَاَلَّذِي يَظْهَر لِي أَنَّ القِيرَاط يَحْصُل أَيْضاً لِمَنْ صَلَّى فَقَطْ، لأَنَّ كُلّ مَا قَبْل الصَّلاة وَسِيلَة إِلَيْهَا، لَكِنْ يَكُون قِيرَاط مَنْ صَلَّى فَقَطْ دُون قِيرَاط مَنْ شَيَّعَ مَثَلاً وَصَلَّى، وَرِوَايَة مُسْلِم مِنْ طَرِيق أَبِي صَالِح عَنْ أَبِي هُرَيْرَة بِلَفْظِ: (أَصْغَرهمَا مِثْل أُحُد) يَدُلّ عَلَى أَنَّ القَرَارِيط تَتَفَاوَت) ا هـ .

وبناء على ذلك:

فمن لُطفِ الله تعالى بعباده أن رغَّبَ العباد بالصلاة على الموتى، لتكون سبباً في مغفرة ذنوبهم عند مفارقتهم الحياة الدنيا الفانية، التي هي دار العمل، إلى دار البقاء والخلود حيث يُطوى فيها سجل الأعمال، ويبدأ الجزاء.

ففضل الله تعالى على من مات على الإيمان عظيمٌ، حيث رغَّب المؤمنين بشهودِ جنازة أخيهم، والصلاةِ عليه، والدعاءِ له، والاستغفار، ورغَّبهم بأجر عظيم، أقلُّه في الأجر والميزان كجبل أحد.

ومن خلال الأحاديث الشريفة السابقة نرجو الله تعالى أن يكتب الأجر العظيم لمن حضر الجنازة في أهلها، ثم اتَّبعها، ثم صلى عليها، ثم انتظرها حتى تدفن، بحيث يكتب الله تعالى على كلِّ واحدة من هذه الأربعة قيراطاً، أما من حضر الجنازة في أهلها ثم اتَّبعها، ولم يصلِّ عليها ولم يحضر الدفن، فله أجر عظيم بمقدار نيَّته.

ولا بدَّ من الإخلاص لله تعالى منذ حضور الجنازة إلى دفنها لمن كان حريصاً على هذا الأجر العظيم، الذي فرَّطنا فيه أشدَّ التفريط، كما قال سيدنا ابن عمر رضي الله عنهما: (لَقَدْ فَرَّطْنَا فِي قَرَارِيطَ كَثِيرَةٍ.). هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
22079 مشاهدة