أهلا بكم في موقع الشيخ أحمد شريف النعسان

5370 - معنى خلقت المرأة من ضلع

08-07-2012 35401 مشاهدة
 السؤال :
هل في الحديث الشريف الذي يقول فيه النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ فَإِنَّ المَرْأَةَ خُلِقَتْ مِنْ ضِلَعٍ وَإِنَّ أَعْوَجَ شَيْءٍ فِي الضِّلَعِ أَعْلَاهُ إِنْ ذَهَبْتَ تُقِيمُهُ كَسَرْتَهُ وَإِنْ تَرَكْتَهُ لَمْ يَزَلْ أَعْوَجَ اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْراً». إشارة إلى انتقاص المرأة؟
 الاجابة :
رقم الفتوى : 5370
 2012-07-08

الحمد لله رب العالمين، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

أولاً: لقد خَلَقَ الله عزَّ وجلَّ المرأةَ وكرَّمَهَا، قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾. وقال تعالى:  ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيم﴾. وقال تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ خَبِير﴾.

فكلٌّ من الرجلِ والمرأةِ مُكرَّمٌ في القرآنِ.

ثانياً: عندما يُبيِّنُ ربُّنا عزَّ وجلَّ حقيقةَ خلقِ الإنسانِ الذي قال فيه مولانا: ﴿مَا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَلا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ﴾. فخلقُ الإنسانِ أمرٌ غيبيٌّ، فإذا أخبرَ الله تعالى عن خلقِ الإنسانِ أنَّهُ خُلِقَ من ماءٍ وطينٍ، وأنَّهُ خُلِقَ من ماءٍ مهينٍ، فهذا لا يَدُلُّ على انتقاصِ قَدْرِ هذا المخلوقِ، لأنَّ الله تعالى كرَّمَهُ وأسجدَ له ملائكتَهُ، بل هوَ بيانٌ لحقيقةِ خلقِ هذا الإنسانِ.

وفي هذا الحديث الشريف بَيَّنَ لنا النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم حقيقةَ خلقِ المرأةِ بأنَّها خُلِقت من ضِلعٍ، وهذا أمرٌ غيبيٌّ وتجدُرُ الإشارةُ إلى أنَّ النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لم يَقُل خُلِقت من ضِلعٍ أعوج، فالحديث الشريف بيَّنَ لنا أمراً غيبيَّاً وليسَ فيه أيُّ انتقاصٍ من شأنِ المرأةِ.

ثالثاً: ربُّنا عزَّ وجلَّ خَلَقَ كلَّ مخلوقٍ وهداهُ إلى الوظيفةِ التي خُلِقَ من أجلِها، قال تعالى: ﴿الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى﴾. وعندما يخلُقُ ربُّنا عزَّ وجلَّ مخلوقاً لمهمَّةٍ (ما). فإنَّهُ يخلُقُهُ على مُواصفاتٍ تُحقِّقُ الغايةَ من خلقِهِ، ويُعينُهُ على أداءِ المهمَّةِ التي خُلِقَ من أجلِها.

وربُّنا خَلَقَ الرجلَ والمرأةَ لِيُكمِّلَ كلُّ واحدٍ منهما الآخرَ، قال تعالى: ﴿وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى * وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالأُنثَى * إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى﴾. فكلُّ واحدٍ منهما له وظيفتُهُ، وكلُّ واحدٍ منهما يُكمِّلُ الآخرَ.

واقتضت حِكمةُ الله تعالى أن تكونَ عاطفةُ المرأةِ أكبرَ من عقلِها، كما أنَّ الحِكمةَ الإلهيَّةَ اقتضت أن يكونَ عقلُ الرجلِ أكبرَ من عاطِفَتِهِ، ولن تستقيمَ الحياةُ الزوجيَّةُ إلا بذلك، فالمرأةُ مَثَلُها مَثَلُ القفصِ الصَّدريِّ المِعوجِّ الذي يُؤدِّي مُهمَّتَهُ في حِمايةِ القلبِ والرِّئتانِ، ومن الطبيعيِّ أنَّهُ لا يُؤدِّيها إلا بهذا الاعوِجاجِ، وكذلكَ المرأةُ التي تحتوي الرجلَ وأولادَها بِعاطِفَتِها وحُنُوِّها.

وبناء على ذلك:

فالحديث الشريف أخبرَ عن أمرٍ غيبيٍّ، وليسَ فيه إشارةُ نقصٍ في حقِّ المرأةِ، بل توصيفٌ لحقيقةِ خلقِها، وبِكَونِها صاحبةَ عاطفةٍ لأداءِ مهمَّةٍ خُلِقَت من أجلِها أَمَرَ النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بالإحسانِ إليها، وخاصَّةً إذا أساءتِ الواحدةُ منهنَّ بسببِ العاطفةِ، فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم: «مَا رَأَيْتُ مِنْ نَاقِصَاتِ عَقْلٍ وَدِينٍ أَذْهَبَ لِلُبِّ الرَّجُلِ الْحَازِمِ مِنْ إِحْدَاكُنَّ يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ» رواه الإمام البخاري عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. هذا، والله تعالى أعلم.

المجيب : الشيخ أحمد شريف النعسان
35401 مشاهدة